يوم السبت الماضي احتفل العالم باليوم العالمي للغذاء تحت شعار متحدون ضد الجوع بعد أن وصل الجوع في العالم إلي مرحلة حرجة وبلغ عدد الجائعين نحو925 مليون شخص بحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة الفاو وبرنامج الغذاء العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وهو مايؤشر إلي خطورة حالة الجوع نتيجة الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وزيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك في السلع الغذائية. صحيح أننا في مصر لسنا من الدول التي تقع في حزام الجوع غير أن هناك مؤشرات تحتاج إلي وقفة سريعة من الحكومة قبل أن تتفاقم الفجوة الغذائية خاصة بعد أن أدت الأزمة المالية العالمية الأخيرة إلي إرتفاع نسبة الفقر من18.9% عام1992 الي21.6% عام.2009 علي الجانب الآخر فقد اتسعت الفجوة الغذائية في عدد كبير من المحاصيل الاستراتيجية مثل الذرة والقمح والفول ومحاصيل الزيوت حيث لاتغطي محاصيل الزيوت مثلا سوي أقل من7% من إحتياجات السكان في حين لايغطي القمح سوي45% والفول3% والعدس2% مما أدي إلي زيادة معدلات الإستيراد لسد هذه الفجوة وارتفاع فاتورة الإستيراد السنوية بشكل أصبح يمثل عبئا متزايدا علي الموازنة العامة. المشكلة الآن باتت اكثر وضوحا بعد حالة الإنفلات الجنونية لأسعار السلع الغذائية بجميع أنواعها بدءا من الخضراوات والفواكه, ومرورا بالسكر والزيوت والأرز وانتهاء باللحوم والدواجن, ولولا دعم الدولة للخبز لوصلت اسعاره إلي مستويات لايتحملها معظم المواطنين نتيجة انخفاض الأجور. يحسب للدولة جهودها في دعم الكثير من السلع الغذائية وبالذات تلك الموجودة علي البطاقات التموينية وتطوير هذه السلع والتوسع فيها, مما ادي إلي احداث توازن سعري في تلك النوعية من السلع غير أن الأزمة الأصلية تظل قائمة وهي اتساع الفجوة الغذائية وتراجع نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية نتيجة انهيار الزراعة وتآكل مساحة الاراضي الزراعية وعلي الجانب المقابل ارتفاع معدلات الزيادة السكانية بدرجة باتت تهدد كل محاولات ردم الهوة الغذائية التي تتسع عاما بعد آخر. الحكومة الآن مطالبة بسرعة التحرك قبل فوات الأوان في اتجاهين متوازيين: الأول: ضبط معدلات الزيادة السكانية والتي تصل الي1.9 مليون نسمة سنويا مما يهدد بوقوع مشكلة حادة في المستقبل نتيجة تلك الزيادة الثاني: التركيز علي إستراتيجية متكاملة للتوسع الزراعي الأفقي والرأسي وان نتيجة تلك الإستراتيجية الحكومة بكامل هيئتها كل في تخصصه لأن تلك القضية تحتاج اطلاق ثورة زراعية جديدة تبدأ من الحفاظ علي الرقعة الزراعية وصد الهجوم اليومي عليها من المخالفين ومن يساعدهم من المتآمرين من المحليات والعاملين بوزارة الزراعة خاصة جهاز حماية الأراضي الذي تحول موظفوه الي حيتان كبار يتسترون علي المخالفات ويحمونها بعد قبض الثمن جهارا نهارا. أما التوسع الأفقي فهو يحتاج الي تدبير ميزانية حقيقية لإستصلاح مايقرب من3 ملايين فدان حتي عام2017 علي الاقل وطرحها في شكل مساحات متوسطة للاستثمار الزراعي, وأخري لصغار المستفيدين وأتمني لو عاد مشروع الخريجين وهو المشروع الذي كان يمتص بطالة اعداد كبيرة من الخريجين الجدد بعد تسلمهم5 أفدنة ومنزلا, وليت الوزيرة النشيطة فايزة أبوالنجا تبحث عن منح وقروض ميسرة تخصص لهذا القرض بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المختلفة. قد يتساءل البعض ومن أين نأتي بالمياه اللازمة لري تلك المساحات الاضافية خاصة في ظل الازمة الحالية مع دول حوض النيل, والاجابة ببساطة تكمن في مشروع تطوير الري وتحويله من ري بالغمر الي ري بالتنقيط او الرش وهو المشروع الذي تدرسه وزارة الري منذ فترة ولايزال حبيس الادراج حتي الآن رغم انه وطبقا للتقديرات يسهم في مضاعفة مساحة الاراضي المنزرعة حاليا3 مرات بنفس كميات المياه الموجودة الآن إضافة الي كونه يسهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي لما يخلقه من فرص عمل جديدة ومساهمته في اقامة صناعات متنوعة. هناك درسان قاسيان لابد من استيعابهما والاستفادة منهما حدثا خلال الفترة القليلة الماضية اولهما ماحدث في ازمة القمح الروسي وما أكدته تلك الازمة من خطورة الاعتماد علي الخارج في توفير احتياجاتنا الغذائية حتي لو كانت الموارد المالية موجودة لان الدول المنتجة تضع دائما احتياجات مواطنيها في المقدمة ثم بعد ذلك التصدير. الدرس الثاني هو أزمة نقص الغزول والاقطان حاليا حيث فتحنا ابوابنا للاستيراد من باكستان والهند واهملنا المحلي ونتيجة الفيضانات الاخيرة التي إجتاحت باكستان فقد تقلص محصولها وظهرت الازمة لدينا وباتت صناعة النسيج مهددة الآن. أخيرا اتمني لو أن الحكومة تحركت بسرعة قبل أن يلتهمنا غول الجوع إلا اذا كانت تري ان الزراعة عيب وان لديها مهام اكثر اهمية من خطورة ان يقترب غول الجوع منا.