موسم الحج 2025، السعودية تضبط 60 وافدًا حاولوا التسلل إلى مكة سيرًا على الأقدام    صحيفة عبرية تكشف عن حلم حققته إسرائيل اليوم في سوريا    رئيس كومو يكشف موقفه من رحيل فابريجاس لتدريب إنتر    وسام أبو علي: جاهزون لمباراة الكويت.. وسنهدي الفوز لكل الشعب الفلسطيني    تايمز: ليفربول لم يتلق أي عروض ل لويس دياز.. ولا ينوي بيعه حاليا    فتاة تدعي محاولة اختطافها في "توك توك" بالفيوم، والداخلية تكشف الحقيقة    الجيل الخامس ينتشر في مصر مساء اليوم عقب الإعلان الرسمى عن إطلاق الخدمة    تموين الإسكندرية: توريد 71 ألف طن قمح حتى الآن    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    لحظة تفجير جسر كيرتش بين القرم وروسيا ب2400 رطل من المتفجرات زُرعت تحت الماء (فيديو)    إسرائيل تخطف صيادا في مياه لبنان الإقليمية بالبحر المتوسط    تراجع سعر الدولار والعملات اليوم الأربعاء 4-6-2025 بمنتصف التعاملات في البنك الأهلي    مدبولي: الإعلان عن إطلاق المنصة الرقمية لإصدار التراخيص خلال مؤتمر صحفي    البنك المركزي: ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية إلى 48.526 مليار دولار بنهاية مايو 2025    الزمالك ينهي أزمة إيقاف القيد    جامعة مصر للمعلوماتية توقع اتفاق تعاون مع جامعة «لانكستر» البريطانية    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو محاولة اختطاف فتاة داخل «توك توك» بالفيوم    مسرح الهوسابير يستقبل عيد الأضحى بعروض للأطفال والكبار.. تعرف عليها    يوم عرفة.. طريقة الاستعداد وأفضل الأعمال والأدعية المستحبة    نقلوني عشان سافرت الحج.. الشيخ محمد أبو بكر يعلق على قرار نقله للوادي الجديد    صحة الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ وتؤكد جاهزية الأقسام الحرجة استعدادا لعيد الأضحى    هيئة الرعاية الصحية تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    محافظ بني سويف يتفقد سير العمل في مركز نقل الدم بشرق النيل    مها الصغير تتقدم بشكوى رسمية ضد مواقع إخبارية    رئيس "الشيوخ" يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى    طرح البوستر الرسمي لفيلم "آخر راجل في العالم"    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    «بن رمضان» في مواجهة توانسة الأهلي.. الأرقام تحذر معلول    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف غير مشروط للعدوان على غزة    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    نجم الزمالك السابق يحذر من خماسي بيراميدز قبل نهائي الكأس    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    «بيحبوا المغامرة».. 4 أبراج تستغل العيد في السفر    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    بورتو منافس الأهلي يكشف عن زيه الاحتياطي فى مونديال الأندية.. فيديو    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    ارتفاع تدريجي ل درجات الحرارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس يوم عرفة (تفاصيل)    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    تزايد الضغط داخل مجلسي الكونجرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان "إرهابية"    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    بالأسماء.. 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج في عيد الأضحى    28 فرصة و12 معيارًا.. تفاصيل منظومة الحوافز الاستثمارية للقطاع الصحي    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    سيد رجب يشارك في بطولة مسلسل «ابن النادي» إلى جانب أحمد فهمي    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    «جبران»: قانون العمل الجديد يرسخ ثقافة الحقوق والحريات النقابية    محافظ أسيوط يشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بقرب حلول عيد الأضحى    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهذا هو التنوير

هؤلاء السادة الذين لا يكفون عن شن حملاتهم علي من يسمونهم التنويريين من المثقفين المصريين وتحريض الدولة والناس عليهم‏.‏ كيف نسميهم؟ هل نسميهم أعداء النور؟ حراس الدجنة؟ أم نسميهم خفافيش الظلام؟ ولست في حاجة لأنبه القراء الأعزاء الي أن هؤلاء السادة لا يقصدون بهذه التسمية التي يطلقونها علي المثقفين المصريين معناها الواضح المعروف هؤلاء لا يعترفون للمثقفين المصريين بأن ما يقولونه‏,‏ وما يكتبونه‏,‏ وما يدافعون عنه يجعلهم أهلا لهذه التسمية بمعناها الحقيقي‏,‏ وإنما يقصد هؤلاء بهذه التسمية معني آخر يلصقونه بها‏,‏ ويفرضونه عليها‏,‏ حين يتهمون هؤلاء التنويريين بالنقل عن الغربيين‏,‏ وتبني كلام المستشرقين المعادين للاسلام‏,‏ والتشكيك في الثوابت‏,‏ والخروج علي الاجماع‏..‏ إلي آخر هذه التهم البغيضة التي تساق وكأنها أوصاف وتسميات أخري للتنويريين ترادف التسمية التي أطلقت عليهم وتوضح معناها‏.‏ فالتنويري في هذا السياق عدو أو خصم لعامة الناس من البسطاء الذين يقدسون تراثهم‏,‏ ويعتزون بتاريخهم‏,‏ ويضحون بكل ما يملكون في سبيل الذود عنه‏,‏ لأنه ثروتهم الأولي‏,‏ وبالنسبة لمعظمهم هو الثروة الوحيدة‏.‏
خصوم الاستنارة لا يناقشون من يختلفون معهم من المثقفين المصريين‏,‏ ولا يوضحون موقفهم من المباديء والقيم والأفكار التي يتبناها المثقفون ويبشرون بها‏,‏ لأنهم أي خصوم الاستنارة لا يحبون أن يعترفوا بمعاداتهم لها اعترافا صريحا‏,‏ ولا يستطيعون أن يشهدوا علي أنفسهم بالجهل والتخلف‏.‏ وبدلا من أن يدخلوا مع المثقفين المصريين في معركة شريفة يعلمون مسبقا أنهم سيخسرونها يتجهون بالخطاب الي الأميين والبسطاء يحرضونهم علي المثقفين‏,‏ ويشوهون صورتهم‏,‏ ويحولون الاستنارة من رسالة سامية يستحق حاملها التحية والمساندة الي تهمة أو فعل معيب يثير الشعور بالعداء والنفور‏.‏
والحقيقة أن التنوير ومشتقاته ليس الكلمة الوحيدة التي تعرضت للعبث الشديد علي أيدي هؤلاء الذين فرضوا أنفسهم علينا باسم الدين‏,‏ فأصبحنا لا نفتح صحيفة ولا نجلس أمام التليفزيون إلا وتطالعنا وجوههم‏,‏ وتحاصرنا أصواتهم‏,‏ وتسد علينا الطريق‏.‏
لقد عبثوا بكلمة الأمة وأفسدوا معناها الذي نشأنا عليه‏,‏ وعرفنا منه تاريخنا‏,‏ ورسمنا مستقبلنا‏.‏ فالامة التي انتزعت استقلالها من الاتراك والانجليز‏,‏ وفرضت دستورها علي القصر وصاحب القصر‏,‏ ووحدت الهلال والصليب‏,‏ وبنت دولتها الوطنية ونظامها الديمقراطي هي الامة المصرية التي لا أري أمة أخري ننتمي إليها‏.‏ ولا شك أن غالبية المصريين مسلمون‏,‏ لكن الإسلام دين وليس قومية‏,‏ كما أن المسيحية التي يدين بها ملايين من المصريين دين وليست قومية‏,‏ أما الذين يريدون أن يفرضوا مفاهيم العصور الوسطي علي عصرنا الحاضر‏,‏ ويظنون أن المصري والتتري والصيني والصربي يمكن أن يجتمعوا في كيان سياسي واحد فهؤلاء مهرجون لا يمنعهم من مواصلة العبث ولا يوقفهم عند حدهم عقل أو ضمير‏.‏
الذين يريدون أن يحلوا الملة محل الأمة هم الذين يريدون أن يسقطوا الدولة الوطنية وينشئوا بدلا منها خلافة أو سلطنة نعود فيها عبيدا أو أقنانا كما كنا في أيام العثمانيين والمماليك وغيرهم‏,‏ ومع أن هذه الخلافة المزعومة لن تقوم أبدا فهم يطلبون منا أن نضحي بالامة الحقيقية الموجودة منذ آلاف السنين لنجري وراء وهم لن نلحق به الي يوم القيامة‏,‏ وهذا ما يجب أن نشكر الله عليه‏,‏ فلو أننا لحقنا به لأصابنا منه أذي كثير‏!‏
ومن الطبيعي أن يمتد العبث الذي لحق بمعني الأمة ليلحق بمعني الوطن‏,‏ ولعلكم قرأتم أو سمعتم عن زعيم من زعماء هذه الجماعات لم يتردد في أن يقول إنه سيبايع الخليفة القادم حين تعود الخلافة الاسلامية للحياة‏!‏ ولو كان ماليزيا‏!‏
ولا أظن أني في حاجة للحديث عن العبث المتعمد بكلمة العلمانية‏,‏ وعن نجاح العابثين بها في تشويه معناها وتنفير الناس منها‏,‏ لأن العلمانية هي العقلانية وهي الحرية وهي الديمقراطية التي تكالبت عليها قوي مختلفة تتسابق في استغلال الدين وتسخيره لخدمة أغراضها الشريرة‏.‏ لكن أعداء التنوير يخدعون البسطاء وأنصاف الأميين وأنصاف المتعلمين ويوهمونهم أن العلمانية هي الكفر والالحاد‏,‏ مع أن الاسلام هو الدين الذي لا يمكن أن يتناقض مع العلمانية‏.‏ لأن الاسلام لا يعرف الكهنوت‏,‏ ولا يعرف السلطة الدينية‏,‏ ويجعل امور الدنيا للبشر يتصرفون فيها بما يتفق مع المصلحة والعقل كما نفهم من الحديث النبوي الشريف أنتم أعلم بأمور دنياكم‏.‏
لكن هؤلاء السادة لا يطلبون الحق ولا يعنيهم أمره‏,‏ وإنما تعنيهم مصالحهم وأطماعهم التي يعلمون علم اليقين أنها لن تتحقق إذا نجح المثقفون المصريون في أن يستعيدوا للعقل مكانه وللحرية سلطانها‏.‏
المثقفون المصريون يرفضون أن يتداووا ببول الابل‏,‏ ولا يصدقون أطباء القنوات الدينية الذين يزعمون أن إطالة اللحية ضمان للفحولة الجنسية‏,‏ وأن الذي يحلق ذقنه معرض للعجز الجنسي‏!‏
ومع أن المثقفين المصريين منحازون للسفور فهم يرفضون العمل بالحل اللذيذ الذي قدمه أحد أصحاب الفضيلة للمشكلة التي ترتبت علي خروج المرأة من سجن الحريم واختلاطها بالرجال في قاعات الدرس وساحات العمل ودواوين الحكومة‏.‏ إذ يري هذا الشيخ الفاضل أن الاختلاط خاصة في الأماكن المغلقة خلوة محرمة تعالج بأن يتحول زملاء العمل أو الدراسة الي محارم‏,‏ وذلك بأن تقوم الزميلة الفاضلة بارضاع زملائها من ثديها فيصبحون أبناء لها بالرضاعة‏,‏ وفي هذه الحالة نستطيع أن نغلق عليهم الأبواب ونحن مطمئنون‏!‏
والمثقفون المصريون في البداية والنهاية يقاومون حكم الفرد ويحاربون الطغيان‏.‏
والمثقفون المصريون يبشرون بعصر جديد ومجتمع حي ناهض يؤمن إيمانا لا يتزعزع بالعقل والديمقراطية وحق الانسان في دنيا سعيدة‏,‏ تلك هي المصابيح التي يحملها المثقفون المصريون في ليلنا المدلهم‏.‏ وهذا هو التنوير‏!‏

المزيد من مقالات احمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.