فى هذا الشهر الكريم ′′شعبان′′الذى ترفع فيه الأعمال للمولى عز وجل, ادعوا جميع أفراد الشعب المصرى بمختلف طوائفه وبغض النظر عن الديانة أن يتوجه إلى الله بالدعاء الذى لم نعد نمتلك غيره. هذا طبعا بعد ما وصلنا إليه بتلك الفجوة التى تتسع كل يوم لتفصل بين الطبقتين الوحيدتين للشعب المصرى, ألا و هم ′′الطبقة العليا′′- سادة القوم-وهم أعلى قدرا من باشاوات زمان, و أكثر المتفائلين يجزم أن هذة الطبقة لا تتعدى 10% من أفراد الشعب, أما ال90% الباقون فهم الطبقة′′المطحونة′′ التى لا تمتلك قوت يومها. هذا بعد أن اختفت تماما الطبقة المتوسطة ′′الأفندية والبهاوات′′ بتوجههم الإجبارى نحو الطبقة المطحونة التى تعيش ′′بالتيلة′′ أو على السلف, لكنهم كما يقولون ′′مستورين وراضين بالقليل ′′ وكل أفراد هذه الطبقة يمتلىء يومهم بملايين الدعوات, فمنهم من يدعو بأن يمر عليه اليوم على خير, و منهم من يظل منذ شروق الشمس وحتى غروبها يدعو بأن يرحمه الله بألا يكون هناك نهار جديد. أما أكثر الأشياء رعبا فهى أن هؤلاء الناس يسمعون كل يوم عن المدن الجديدة و المنتجعات و الأسواق العملاقة, و أيضا يرون فى ذهابهم وإيابهم المحلات الكبيرة-هايبر ماركت-التى يسمعون عنها على الجانبين بما تحتويه من صراعات دائرة بداخلها على الشراء, ومن يريد إيهام نفسه بالشراء تجد ما يستطيع دفع ثمنه ′′يدوبك′′ مطابق لما يشتريه من محل عم عبده البقال ′′بتاع زمان اللى تحت البيت′′. أيضا نجد مساكن الشباب على بعد خطوات من منتجع ′′معرفش مين′′الذى كان فى الماضى له أسوار عالية, أما الأن فيكفى أن تسير على قدميك لتجده ظاهرا أمامك و كأنه يخرج لك لسانه لكى تغتاظ وتتذكر أولاد الجناينى ′′زمان′′بلعبهم مع أولاد الباشاوات الذين كنا نسميهم ′′إقطاعيين′′لكن وقتها كان عددهم قليل ومعروفين للجميع, وكل الناس راضية مرتاحة تعرف ′′رأسها من رجليها′′. إضافة إلى أن الإعلام المرئى والمسموع والمقروء لم يكن كما هو الأن من الطلوع علينا كل يوم بفيلا ثمنها رقم بجانبه 6 أصفار على اليمين, و سعة حديقتها تتعدى الفدان, و الأخرى التى تحتوى على حمامات للسباحة. بالله عليكم كيف تتساءلون عن قلة الإنتاج وازدياد معدل الجريمة واتجاه البعض للإرهاب, بعد أن يشاهد هؤلاء الناس كل هذه الإستفزازات عن طريق وصلة الدش التى ′′علقها′′ رب الأسرة حتى لا يحرم أطفاله من المشاهدة بعد أن أشترى لهم التليفزيون بالتقسيط الذى لا يعلم إلا الله هل يستطيع أن يكمل سداد أقساطه أم ستدخله كمبيالاته السجن؟ نحن يا سادة نحتاج فعلا للدعاء, لكن ليس فقط برفع الأيدى إلى الله وطلب الرحمة وصلاح الأحوال و هداية أصحاب المعالى لنا, لا.. فالدعاء لابد أن يكون بالتكافل الإجتماعى, ولا توجد أى مشكلة فى أن يكون هناك غنى وفقير, فالله سبحانه وتعالى خلق البشر درجات, لكن العدالة واجبة. و إن كانت الحكومة التى تفرض ضرائب على رجال الأعمال و أصحاب الشركات ليست قادرة أن توفر للمواطن الفقير أبسط إحتياجاته( قوت يومه,و الرعاية الصحية, والمسكن الأدمى الذى يستره) ′′بلاها ضرائب ودمغات′′ولنترك الناس تدفع زكاة أموالها للفقراء والمحتاجين, و لابد أن تعلم الناس أيضا أن الأموال التى أنعم الله بها عليهم ليست للبذخ والرفاهية الزائدة بدون حساب مع وجود أناس غيرهم لا يجدون أقل القليل. الموضوع ليس سهلا و لابد من معالجته بسرعة قبل أن نفيق على كارثة إنسانية لن نقدر على تحمل تبعاتها, وساعتها لن ينفع أحد كل ما استطاع عمله ولن يستطيع الإستمتاع بالقصر ولا بالسيارة ′′أم كام مليون′′لأن الحياة ستتحول لغابة ولن يقدر أحد على حمايته ولا حماية الحكومة والجيش او الشرطة أو حتى البودى جاردات ′′بتوع اليومين دول′′. و أذكر كل صاحب مال أنه إذا قام بتخصيص ما يصرفه على البودى جاردات لمجموعة أسر فقيرة, فإننا فى النهاية سنجد أنفسنا فى غير حاجة لحراسة أو خلافه, هذا لأن الناس لا تحتاج إلا الستر و اللقمة الحلال ووقتها ستعرف فائدة الدعاء.