يقوم المجلس الاعلي للثقافة وفقا لقرار تشكيله ويضم61 عضوا بوضع استراتيجية الثقافة في مصر وتيسير سبل نشرها وربطها بالقيم الروحية, وذلك لتعميق ديمقراطية الثقافة والوصول لأوسع قطاعات الجماهير وان يتولي تنفيذها رؤساء الهيئات والمؤسسات والقطاعات الثقافية كل في مجال تخصصه,. وقد شعرت خلال متابعتي للاجتماع التشاوري الموسع الذي عقد بدار الاوبرا ودعت إليه الامانة العامة للمجلس يوم4 أكتوبر وشارك فيه نحو سبعمائة مثقف بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم شيوخا وشبابا ان الفرصة الكاملة اعطت بالفعل ولاول مرة للمثقفين لكي يقولوا كلمتهم ويضعوا بانفسهم الخريطة الثقافية للبلاد بهدف تحقيق النهضة الثقافية المرجوه وظهر ذلك بوضوح في الحوار الديمقراطي الحر والمفتوح الذي طرح فيه كل مثقف رؤيته لكيفية تحقيق هذه النهضة وتحليله ونقده لبعض القصور في مهام بعض القطاعات دون مقاطعة من المنصة باستثناء مداخلة من جانب الامين العام للمجلس د.عماد ابوغازي وحسام نصار المسئول عن العلاقات الثقافية الخارجية لتصحيح بعض المعلومات التي قد تغيب عن هذا المثقف أو ذاك في هذا الخصوص بينما جلس وزير الثقافة فاروق حسني في الصف الاول كمستمع مع شيوخ الثقافة ورؤساء القطاعات الموكل اليهم تنفيذ هذه السياسة التي أقرها المثقفون وتعرض علي المؤتمر الكبير المزمع عقده قريبا, واستطيع ان اعرض بعض الحوادث المهمة التي اشار اليها المثقفون لتحقيق هذه النهضة مع بعض مقترحاتنا لكيفية تنفيذ هذه المتطلبات في ضوء المهام التي قام من اجلها هذا الاجتماع التشاوري. * في البداية اقول ان المنصة كانت موفقة عندما اختارت المفكر الكبير السيد يسين ليكون صاحب الكلمة الأولي عن الوضع الراهن للثقافة في مصر وكيفية تحقيق انطلاقها في المستقبل وقوله في صراحة تامة إذا كان موضوع هذا المؤتمر هو مستقبل الثقافة في مصر فعلينا أولا أن نرسم خريطة معرفية للتحولات السياسية التي لحقت ببنية المجتمع العالمي واخطرها الانتقال من نموذج المجتمع الصناعي إلي مجتمع المعلومات وثورة الاتصالات الكبري وظهور ادوات جديدة للتعبير عن الذات وان هناك فرقا, بين السياسة الثقافية وسياسات الثقافة موضحا أن لدينا الآن صراعا بين رؤية دينية متشددة ومغلقة تتبناها جماعة الاخوان المسلمين تدعو الي التعصب وعدم الاعتراف بالآخر ورؤية علمانية ليبرالية ولكنها للأسف مشتته مطالبا في النهاية بضرورة رسم سياسة استراتيجية للثقافة تواجه اتجاهات التعصب الذي قد يؤدي إلي الفتنة وان يرسم قواعد الدول المدنية في ضوء قيم التنوير الاساسية التي ارساها رواد النهضة, وقد قوبلت كلمته باستحسان شديد من كل المثقفين. * جبهة انقاذ: ان الثقافة الآن في ازمة والوضع خطير جد ثقافيا والتحديات مذهلة ومخيفة كما يقول د. جابر عصفور واننا نحتاج إلي جبهة انقاذ ثقافي تشترك فيها بفاعلية كل التيارات الممثلة للثقافة المصرية بشرط ان تقبل مبدأ حق الاختلاف, وان تكون هذه الجبهة علي استعداد للتحاور مع ممثلي او دعاة الدولة المدنية وقوله في تاريخ مصر كانت الازمات الكبيرة تفرض علي الاحزاب المصرية وجود جبهات او حكومات ائتلافية لذا فإن الوضع السياسي والثقافي الآن يفرض علينا وجود جبهة وطنية عريضة لأن اي تيار او حزب مهما كان لا يستطيع بمفرده حل الازمة الثقافية والسياسية التي نعيش فيها. * سياسة التكفير: وحذر د. صلاح فضل من خطر شبح الدولة الدينية الذي يطارد المثقفين مطالبا ان يركز المؤتمر القادم علي مواجهة ظاهرة سياسة التكفير والتفكير الغيبي والديني مع ضرورة انشاء قناة ثقافية لتطل منها لجان المجلس علي المجتمع المصري مشيدا بهذا الجمع الثقافي الكبير الذي يحدث لاول مرة منذ14 عاما. * قطاعات الثقافة: وتنوعت رؤي بعض المثقفين حول بعض قطاعات الثقافة وكيفية تصحيح مسار بعضها الذي يحتاج الي تصحيح فبالنسبة لقطاع المتاحف يري البعض تراجع أدائه في الفترة الاخيرة واهمية فصله بشكل مستقل والحفاظ علي كنوزنا من الضياع والتخريب, وتفكيك مايسمي بالاقاليم الثقافية التي تجمع تحت ادارتها عدة محافظات وتحويلها الي ادارات شئون ثقافية مستقلة داخل كل محافظة وغياب الانتاج المسرحي الكبير القائم علي نصوص مهمة وعناصر جاذبة وعودة دور معهد اعداد القيادات الثقافية لاداء دوره في تخريج كوادر ثقافية جديدة تتولي مسئولية الثقافة في المستقبل وغيرها من المقترحات الاخري البناءة. * وبقيت نقطة أخيرة وهي أن تضع الامانة العامة للمجلس كل هذه الافكار التي طرحها المثقفون أمام المؤتمر القادم لتأخذ طريقها للتنفيذ وبذلك يتحقق الهدف الذي عقد من أجله هذا الاجتماع التشاوري ودعا اليه وزير الثقافة فاروق حسني واستمع لأفكار هذه النخبة. كما يتحقق ايضا الهدف الذي إنشيء من اجله المجلس الاعلي للثقافة منذ سنوات طويلة.