محمد السيد سعيد.. فارس لم.. ولن يترجل.. البعض يحيا ولا يشعر به أقرب الناس إليه.. والبعض وجوده مدد لكل الوجود.. هكذا كان الدكتور محمد السيد سعيد. مشروع وفكرة التحرير الوطني والقومية العربية واليسار واليسار الليبرالي وأخيرا الفكر المؤمن بالدولة المدنية والمشارك للصغار وهو الكبير, كان يضع كفه في كفنا ولا يمل أخطاءنا الصغيرة الكثيرة, يعلمنا ويصفح ولا عقاب.. فكفي عقاب الزمن والأيام والظروف والجهل بالكثير. كان رحمه الله مبدعا خلاقا.. لابد أن يضيف وقد أضاف لنا الكثير.. قال كالطفل وقد كان هكذا في نقاء قلبه وروحه: امتنعت عن جلسات العلاج الكيماوي.. لقد مللت.. شهور ولا فائدة.. لا أمل.. قلت له: ولكنني آخذ علاجا منذ ستة وعشرين عاما للاكتئاب ولم أمل.. أحيانا قليلة تلتئم آلام النفس وأحيانا كثيرة يغيب الشفاء.. وأنت علمتنا ألا نيأس.. فكيف أنت تيأس؟!.. آخر مرة رأيته علي سلالم النقابة لم أعرف وجهه وعرفته من صوته الملائكي الذي لا يشابهه أي صوت في الوجود. أعز الناس.. تعلمنا منك الكثير.. وبعد عام أراك في صالة تحرير الأهرام التي عشقتها وعشقك أبناؤها.. أراك بين الجميع تلقي عليهم السلام قبل سفرك في مهمة لأمريكا لم تلبث أن عدت منها قبل انتهائها وقلت: لست مؤهلا للابتعاد عن مصر. وسعدنا بعودته.. لأنه ركن من أركان الأهرام التي ضمت بين جنباتها أعلاما وفرسانا.. ستظل ترفرف للأبد لم تترجل مثل الراحل الحاضر: د. محمد السيد سعيد. جاء الدنيا يحلم بأن يغير من واقع البشرية, ورحل للأبد دون أن يحقق الحلم.. تري.. هل يخرج من تلاميذه من يحقق حلم الفارس الكبير الراحل.