محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    أهالي السويس يؤدون صلاة العيد في 123 ساحة وسط تنظيم وتأمين شامل (فيديو)    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد مصطفى محمود    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    مجازر القاهرة تفتح أبوابها مجانا لذبح الأضاحي طوال أيام العيد    محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى الحياة عقب صلاة العيد ويقدم التهنئة للمرضى والأطقم الطبية (صور )    محافظ أسيوط يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة أرض الملاعب    أهالي مطروح يؤدون صلاة عيد الأضحى بالمسجد الكبير    موظفون في البيت الأبيض سيجرون اتصالًا مع إيلون ماسك للتوسط في الخلاف مع ترامب    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة أجرة بالبحر الأحمر    10 صور ترصد أكبر تجمع للمصلين بالإسكندرية لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    آلاف المصلين يتوافدون على ساحة 6 أكتوبر لأداء صلاة عيد الأضحى| فيديو وصور    عاجل - 1.6 مليون حاج يؤدون شعيرة رمي الجمرات بأول أيام عيد الأضحى    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    موعد صلاة عيد الأضحى 2025 (بالدقيقة).. تعرف على أول محافظة تبدأ الصلاة    مصرع 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة فى الإسماعيلية    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    خليل الحية: حماس لم ترفض مقترح ستيف ويتكوف الأخير بل قدمنا تعديلات عليه    أول تعليق لأيمن الرمادي بعد الفوز بكأس مصر مع الزمالك    ناصر منسي: كنت على يقين بتسجيلي هدفاً في نهائي الكأس    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 6 يونيو بسوق العبور للجملة    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات ليلة العيد    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    التصريح بدفن جثة شاب عثر عليها داخل سيارة ملاكي بأكتوبر    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    أبو الغيط: الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار بلبنان تهدد بتجدد العنف    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    أحمد سمير: هدفنا كان التتويج بالكأس من اليوم الأول.. حققت كأس مصر كلاعب واليوم كمدرب    بيراميدز يهنئ الزمالك بالفوز بكأس مصر    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    كيفية صلاة عيد الأضحى المبارك 2025 في البيت وعدد التكبيرات في كل ركعة    الأوقاف: صلاة الرجال بجوار النساء في صف واحد مخالفة صريحة للضوابط الشرعية    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    رسميا.. نهاية عقد زيزو مع الزمالك    خلال حفل إطلاق خدمات الجيل الخامس.. «مدبولى»: معًا نبنى مُستقبلًا رقميًا واعدًا تكون فيه مصر مركزًا إقليميًا للبيانات والبرمجيات    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    محمد عبد الشافي يعتزل كرة القدم بعمر ال 39    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام والإنسان‏...‏ في هيروشيما

في هيروشيما يستطيع المرء أن يري بعينيه‏,‏ ويسمع بأذنيه أصداء انفجار القنبلة الذرية رغم تعاقب السنين‏:‏ شاخصة ماثلة‏, سواء كان ذلك علي لسان من تبقي من الأحياء الناجين من هذا الانفجار الرهيب‏,‏ أو فيما تبقي من الأطلال ذات الصمت المهيب الذي يعبر عما لا يستطيع أن يعبر عنه أبلغ لسان‏!!‏
في ظل هذه الأجواء الصامتة الناطقة انعقد مؤتمر حافل تحت عنوان‏(‏الأديان من أجل السلام‏)‏ وكان الحديث الذي فرض نفسه علي العقل والقلب جميعا هو البحث في‏'‏ أزمة الإنسان المعاصر‏'..‏ فماذا تكون تلك المأساة في هيروشيما سوي تعبير صارخ شديد الوقع عن تلك الأزمة‏,‏ وماذا يكون للأديان علي تنوعها وتعددها من هدف تجتمع حوله أكثر سموا وأعظم إلحاحا من السعي إلي‏'‏ تشخيص‏'‏ تلك الأزمة‏,‏ ثم تنبيه البشرية إلي المصير البائس الذي تسير نحوه معصوبة العينين إن هي قصرت في محاولة البحث لها عن علاج؟؟‏.‏
لكني لم أجد في توصيف أزمة الإنسان المعاصر‏:‏ أعظم تعبيرا أو أصدق حديثا من التحذير الإلهي المعجز‏(‏ ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون‏)‏ وكأني أسمع من خلاله الإنذار الإلهي يقرع سمع البشرية بمصدر أزماتها‏,‏ ومبعث شقائها‏,‏ ومكمن تعاستها‏..‏إنه‏'‏ الخواء الروحي‏'‏ الذي تعددت مظاهره‏,‏ ولا تزال تتعدد‏,‏ وتمددت أبعاده ولا تزال تتمدد‏!!‏
فلقد استسلمت البشرية بتأثير هذا‏'‏ الخواء الروحي‏'‏ لإغراء الفلسفات المادية التي أقصت الدين عن حياة البشر‏,‏ وارتهنت الإنسان لنزعات المادة التي سدت أمامه منافذ الروح ومطالبها العليا‏,‏ ومن ثم فقد افتقد الإنسان الفرد والمجتمع السكينة الداخلية في عمق ذاته‏,‏ لتحل مكانها نزعات الأنانية والفردية والأثرة‏,‏ ولتسكنها أنواع شتي من الصراعات الداخلية التي مزقت تلك الذات شر ممزق‏,‏ ثم وفدت علي البشرية‏:‏ موجات العولمة الطاغية فغمرتها بتجلياتها التي ظاهرها الرحمة‏,‏ وباطنها العذاب‏,‏ فإذا بما خفي من الصراعات وقد انفجر كبركان مدمر‏,‏ وبما استكن من الإثنيات والعرقيات وقد استيقظ كشيطان هائج‏,‏ وشقيت البشرية ولا زالت تشقي بهذه الدائرة الجهنمية التي تدور رحاها كحلقة مفرغة لا يدري أين طرفاها‏!!‏
كما فقدت الإنسانية بتأثير هذا الخواء الروحي المعني الحقيقي‏(‏ للسعادة‏),‏ فأصبح هم الإنسان أن يبحث عن السعادة في‏'‏ الأشياء‏'‏ لا في المعاني‏,‏ ويلهث في الحصول عليها‏'‏ خارج‏'‏ الذات لا في عمق الذات‏,‏ ويسعي إلي اقتناصها في لذائذ البدن‏,‏ لا في متعة الروح‏,‏ وفي إطار المخلوقات والمصنوعات وليس في رحاب الخالق الصانع‏,‏ وبهذا أضحت السعادة أمرا نسبيا‏,‏ متغيرا زائفا‏,‏ سرعان ما يفقد معناه‏,‏ ويفتر تأثيره‏..‏ فيحل القلق محل الطمأنينة‏,‏ وتحل التعاسة محل السعادة‏!!‏
وبتأثير هذا‏'‏ الخواء الروحي‏'‏ غفلت الإنسانية عن استثمار المفهوم الإسلامي الأصيل في‏(‏ الإحسان‏)‏ وهو مفهوم غرسه الإسلام في عمق النفس البشرية‏(‏ إن الله يحب المحسنين‏)(‏ للذين أحسنوا الحسني وزيادة‏),‏ وهذا الإحسان وإن كان له جانبه الإلهي فإن جانبه الإنساني يقوم علي‏(‏ العطاء الإنساني الوفير‏)‏ بحيث لا يقف التعامل بين البشر عند حد التبادل المادي المصمت الذي يكون في أحسن حالاته قائما علي مساواة الأخذ للعطاء‏,‏ كما يكون في حالات كثيرة أخري قائما علي زيادة الأخذ علي العطاء‏,‏ فالإحسان في الإسلام يقوم علي العطاء الذي يفوق الأخذ‏,‏ بل الذي قد يتم فيه البذل دون انتظار للأخذ‏,‏ وهو ما يعبر عنه قوله تعالي‏(‏ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا‏).‏
إنه بتأثير سيادة مفهوم التبادل المادي المصمت‏_‏ عانت الشعوب المقهورة من امتصاص الثروات‏,‏ واتساع الهوة بين شمال العالم حيث الوفرة والثراء‏,‏ وجنوب العالم حيث العوز والجدب والفاقة‏,‏ كما عانت أيضا من استخدام أراضيها مدافن للنفايات الذرية‏,‏ وساحات للحروب بالوكالة‏,‏ ومن استخدام أبنائها مصادر للعمالة الرخيصة وللأعضاء البديلة‏,‏ دون احترام لكرامة الإنسان جسدا وروحا‏.‏
‏-‏ وبتأثير هذا‏'‏ الخواء الروحي‏'‏ فقدت الدعوة إلي السلام‏:‏ وهجها وصدقها وفعاليتها‏,‏ لأنها أغفلت جناحها الثاني وهو‏'‏ العدل‏',‏ فالسلام بدون العدل دعوة جوفاء عاجزة‏,‏ كأنها صرخة في واد أو نفخة في رماد‏,‏ ومن ثم فإن علي المخلصين من علماء الأديان أن يشكلوا ما يمكن أن يجسد‏(‏ ضمير العالم‏)‏ الذي يعلن صوت العدل المجرد‏,‏ الذي لا تحركه أهواء السياسة وتقلباتها‏,‏ ولا تزيفه حملات الإعلام المصنوعة‏,‏ وأبواق الدعاية الصاخبة‏,‏ بل يكون أذنا واعية ترهف السمع لأصوات المظلومين ونداء الجوعي‏,‏ والام المرضي‏,‏ وأنات المقهورين‏,‏ لكي تقال في قضاياهم كلمة العدل‏,‏ التي لا محيد عنها رغبا أو رهبا‏!!‏
‏-‏ وبتأثير هذا‏'‏ الخواء الروحي‏'‏ أصبح الإنسان يتعامل مع البيئة الكونية في قسوة متوحشة‏,‏ دون اكتراث بما ينجم عن ذلك من إفساد منظور أو غير منظور‏,‏ وفي غفلة عن أن هذا الكون إنما هو‏(‏صنع الله الذي أتقن كل شيء‏),‏ وأن إفساده إنما يمثل خطيئة فادحة في حق‏'‏ الاتزان الكوني‏'‏ الذي تتسم به صنعة الكون‏,‏ وفي حق‏'‏ قيمة الجمال‏'‏ الذي أودعه الله تعالي في قلب الكون‏,‏ كما أنه أيضا خطيئة كبري في حق الأجيال القادمة من بني البشر‏,‏ تلك التي سترث تركة مثقلة بالتلوث البيئي‏,‏ والاحتباس الحراري‏,‏ وغيرهما من مظاهر الإفساد بغير ذنب ولا جريرة‏!!.‏
لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم حين يمر بجبل‏(‏ أحد‏)‏ يشير إليه قائلا‏:(‏هذا جبل يحبنا ونحبه‏)‏ في إشارة عميقة الدلالة إلي علاقة المسلم بالكون‏,‏ تلك العلاقة التي لا تقف عند حد الحفاظ عليه فحسب‏,‏ بل تتعدي ذلك إلي‏'‏ العلاقة الوجدانية‏'‏ معه‏,‏ وكيف لا‏..‏ وهذا الكون يسجد لله تعالي‏,‏ ويسبح له‏,‏ ويخشع لجلاله‏,‏ ويجثو لعظمته؟؟‏.‏
ثم أقول‏:‏ إن الشرق الأقصي‏-‏ رغم ما يحفل به من مشكلات السياسة وأعاصيرها الهوجاء‏:‏ لا يزال مسكونا بجوانب ثرية من العمق الروحي‏,‏ تجعله أدني إلي مثالية القيم الخلقية والوجدانية الرفيعة‏,‏ تلك التي يمكن إذا ما اقترنت بقيم الإسلام العليا أن تسهم في تشييد عالم رحب الآفاق‏,‏ تجد فيه البشرية المعذبة‏:‏ واحة للسكينة ومرفأ للأمن‏,‏ وملاذا للسلام‏.‏

المزيد من مقالات د.محمد عبدالفضيل القوصى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.