عاشت قرية «الدير» بمركز سمالوط بالمنيا ليلة حزينة أمس الأول بعد أن ودعت 4 من أبنائها فى عمر الزهور، بينهم سيدة شابة، والذين راحوا ضحية «ثأر أعمي» عمره 73 عاما بين عائلتى عمرو وأبوزيد بسبب التنافس على منصب العمودية. ولم تكن المذبحة التى شهدتها القرية مفاجئة للأهالي، فالقرية تنام وتستيقظ على جرح غائر فى صدور أولاد عمرو منذ نحو 73 عاما عندما سالت دماء أحدهم ولقى مصرعه متأثرا بطعنة بسكين على يد أحد أقاربه من أولاد أبوزيد بسبب مزاح تطور لمشاجرة، ووقتها ذهب والد القتيل إلى المحكمة وقال: إن القتيل ابنه والقاتل ابن خاله، أى ابنه أيضا، وان المشاجرة كانت مزاحا بينهما كشباب، وطلب الأب براءة المتهم، فقضت المحكمة بالسجن لمدة عام، لكن المتهم لم يحمل هذا الجميل وراح يستفز الطرف الثانى ويعايرهم بالقتل ويهدد بقتل آخرين، ولم تفلح محاولات ضبط النفس، حيث تجدد الثأر وانقض أولاد عمرو على اثنين من أبناء «رأس الأفعي» الذى زرع أول بذرة ثأر فى العائلة الواحدة، حيث لقى كل من محمد مصطفى فتح الله (61 سنة) وشقيقه أدهم (22 سنة) مصرعهما، كما أصيب أحد أشقاء رأس الأفعى وهما مؤمن (03 سنة) وفتحية (23 سنة) فكان الرد مقتل 2 من أولاد عمرو هما أمل شعبان محمد عمرو (71 سنة) طالبة، وشقيقها آدم (22 سنة)، وأصيب 4 على يد رأس الأفعى وابنه. وبعد ساعات من وقوع المذبحة ألقت سلطات الأمن القبض على رأس الأفعى مصطفى فتح الله أبوزيد وشهرته «النحاس» (55 سنة) موظف بمدرسة الدير الابتدائية، بينما لايزال ابنه «مشهور» هاربا، وتم التحفظ على المتهمين المصابين من الطرف الثانى. وفى مشهد حزين ودعت القرية فى عدد قليل من المشيعين ضحايا المذبحة فى الساعات الأخيرة من مساء أمس الأول الخميس، حيث تم دفن ضحايا أولاد عمرو أولا ثم بعد ساعتين تم دفن ضحايا أولاد أبوزيد لمنع وقوع احتكاك بين الطرفين، كما تم الفصل بين المصابين فى المستشفيات أيضا. المعاينة التى قام بها أسامة ربيع وكيل نيابة سمالوط لمسرح المذبحة أكدت أن الطلقات المستخدمة من سلاح آلى وبندقية ألماني، وأن الطلقات أصابت المجنى عليهم فى أثناء وجودهم فى شوارع القرية، وأن الإصابات من الأمام، مما يعنى وقوع مواجهة ثأرية بين الطرفين لم يستخدم فيها سوى الأسلحة النارية فقط..عبدالوهاب الدميرى عضو مجلس محلى مركز سمالوط من أبناء قرية «الدير» التى شهدت المذبحة يقول: للأسف نحن لا نتحرك إلا بعد وقوع الكوارث، فالقرية كلها كانت تتوقع تجدد الثأر بين أولاد عمرو وأولاد أبوزيد، وإننى شخصيا أبلغت أجهزة الأمن أكثر من مرة بضرورة نزع السلاح غير المرخص من الطرفين، خاصة أن المتهم فى الحادث الأول والأخير من أولاد أبوزيد كان يتربص بالطرف الآخر ويطلق الرصاص ليلا من وقت لآخر لإرهابهم. وأضاف مواطن آخر بالقرية، رفض ذكر اسمه، أن سبب وقوع المذبحة يرجع إلى التنافس على منصب عمدة القرية، حيث إن أحد المرشحين للمنصب قام بدفع مبلغ من المال وتزويد المتهم مصطفى فتح الله بالسلاح ليرتكب الحادث حتى يتخلص من أولاد عمرو أقوى المنافسين على «العمودية» باعتبارهم عائلة «العمدة»، ووجه المواطن اتهاما واضحا وصريحا إلى لجان فض المنازعات والمصالحات التى لا تقوم بدورها، ووصف هذه اللجان بأنها تعمل بحسابات تجارية، وأن المذبحة التى شهدتها القرية كان يمكن تجنبها لو أن العقلاء تدخلوا وأجبروا المتهم فى حادثى الثأر الأول والأخير على الاعتذار لأولاد عمرو الذين هم أقاربه فى المقام الأول، حيث توجد صلات نسب ومصاهرة بينهما، وابتلع المواطن لعابه وهو يقول:حرام أن يضيع 4 شباب فى عمر الزهور فى المذبحة.. شباب لم يرتكب أى ذنب.. الثأر أعمى لم يفرق بين رجل وسيدة، ولا بين كبير وصغير.