تمر مصرنا الحبيبة هذه الأيام بأحداث وتوترات دينية وطائفية, البعض منها بسبب تغيير الدين أو الملة لعدد محدود من الأفراد هنا أو هناك. والبعض الآخر بسبب بناء او ترميم دور للعبادة . إلي جانب أسباب ترتبط بهواجس او إشاعات, وأسباب أخري شخصية سرعان ماتتحول إلي توترات دينية أو طائفية, وفي اطار ذلك تطل علينا من خلال وسائل الاعلام المختلفة ردود فعل صاخبة وسلبية ومستفزة, وتلقي علي جمهور مستنفر من الناس. فما بين إثارة قضايا مفتعلة لاتعكس تاريخ المصريين الاصيل مثل القول ان المسلمين ضيوف علي مصر, وبين اثارة شكوك وشائعات حول وجود اسلحة بالكنائس, فتزداد حدة الإثارة بين الناس, ويحتقن التوتر. وفي خضم هذا تأتي الينا أيضا دعوات غريبة علينا كمواطنين مصريين وأهالي لهذا البلد الكريم الذي نسجنا واحدا, دعوات تدعو إلي مقاطعة بعضنا البعض كمسلمين ومسيحيين وان نوقف معاملاتنا الإنسانية التي طالما عشناها في سلام ووئام, وتعاملاتنا اليومية التجارية والعملية, والتي هي نموذج للعيش المشترك يحتذي به في العالم اجمع, جميعها دعوات متطرفة تهدد كياننا المصري الواحد وتماسكه وتزيد من حدة التوتر والتربص, مما يضعنا جميعا في خطر شديد. مهما كان مانواجه من مشكلات أو أزمات داخلية, يجب ألا نواجهها بدعاوي التفريق والتمزيق أو بالتشكيك والإثارة ضد بعضنا البعض, علي العقلاء منا في هذا البلد ان يقوموا بدورهم في توعية وتهدئة الجماهير لا إثارتهم وتحريضهم, وعلينا ان نقف صفا واحدا في مواجهة دعاوي التعصب والتحزب والانفصالية والاستبعاد. علينا ان نواجه كمجتمع ومواطنين مشكلات وتحديات عديدة تتمثل في القضاء علي الفقر والفجوة الطبقية الهائلة في المجتمع والبطالة خاصة بين الشباب, الذي اصبح يفقد الأمل في ايجاد فرصة عمل كريمة, علينا ان نواجه الفساد وانحلال القيم في المجتمع وغيرها من التحديات التي تستلزم ان نبتعد عن كل دعاوي الإثارة والتفريق والتمزيق والانعزالية والانفصالية, والتي تؤدي إلي تدمير المجتمع والدولة التي صنعها آباؤنا واجدادنا, وعلينا ان نحفظها ونسلمها للأجيال من بعدنا. إنها صرخة لكل عقلاء الأمة أن يتحدوا في مواجهة التعصب ولنتحاور بعقلانية في قضايا أصبحت حرجة وملحة, نتحاور بفكر متفتح وبروح محبة وبنية صادقة للوصول إلي مخارج للأزمات التي نعانيها, أما قضايا مثل التحويل من ديانة لأخري, أو من طائفة أو ملة لأخري فننظر إليها باعتبارها قضية حقوق إنسان, وأنها علاقة خاصة بين الإنسان وربه. علينا ان نتكاتف جميعا لمصلحة بناء وتنمية وتقدم وطننا العزيز بيد واحدة وفكر واحد مع احترام تنوعنا البشري الخلاق.