ماهر مقلد: كعادتها تستعد أحزاب المعارضة في مصر للانتخابات البرلمانية المقبلة بالمزيد من الخلافات الداخلية والنزاعات علي زعامة الحزب وميراثه, ولم تبدأ بعد تلك الأحزاب في الاستعداد لمعركة انتخابية مصيرية تجري قبل نهاية العام, واصبحت علي الأبواب, وانشغلت الأحزاب بالصراعات الداخلية وبالتفكير العميق في قرار المقاطعة أو خوض الانتخابات دون حسم واضح, وهو تردد يعكس أداءها وقدرتها, وبدأ بعضها يبحث عن دور, وبدا البعض الآخر يتعالي علي غيره وضاعت في نهاية الأمر فكرة التنسيق الجماعي أو حالة الوجود الضاغط في الانتخابات, وتحول المشهد كما لو كانت تنتظر ماسوف يجود به الحزب الوطني الحاكم من مقاعد لها يتركها أو يمنحها. عدد الأحزاب24 حزبا ودون استثناء تواجه من داخلها انقسامات غير مبررة وصراعات توقيتها غير مفهوم, وهناك مايشبه السباق فيما بينها علي الاستقواء بالإخوان والتحالف معهم, وهو أمر وارد لكنه لن يحل مشاكل الأحزاب ولن يمنحها المقاعد. وتبدو الصورة جلية في أقدم حزبين علي الساحة من حيث التأسيس وهما حزب مصر العربي الاشتراكي وحزب الأحرار الاشتراكيين, اللذان ظهرا إلي النور في عام1976, فالصراع داخل الحزبين كبير وأفقدهما أي دور سياسي وإبتعدا تماما عن المشهد الإنتخابي, ويأتي معهما من حيث تاريخ التأسيس حزب التجمع وإن كانت الصورة داخله أكثر استقرارا علي خلفية التوازن الذي يلعبه رئيسه الدكتور رفعت السعيد وحرصه علي أن يبقي التجمع بعيدا قدر الإمكان عن شبح الصراعات الداخلية والنزاع علي مقعد رئاسة الحزب, ونجح السعيد في إبرام علاقة ما تضمن للتجمع حضورا بسيطا لكنه لايشكل أدني منافسه في المعركة الانتخابية والفرص المتوقعة في حال خوض الانتخابات تحتاج إلي تسويات مع الحزب الحاكم. وبالنظر إلي الصورة العامة التي يظهر بداخلها حزب الوفد الجديد: الذي تأسس عام1978, نجد أن الحزب الذي كان يتقدم أحزاب المعارضة من حيث الحضور والثقل والمنافس الحقيقي للحزب الوطني الحاكم في كثير من المقارنات, ويعقد البعض آمالا عريضة عليه في ضمان ممارسة حزبية سليمة إلا أن آفة الصراعات الداخلية عصفت به وجعلته يتراجع بل, وبعد رحيل زعيمه الحقيقي فؤاد باشا سراج الدين أصبح رجال الوفد مهمومين علي الدوام بالصراع علي كرسي رئاسته, ومشغولين في القضايا أمام المحاكم, وانفرط عقد الوفد المتماسك وخلا تدرجيا من كاريزما القيادة وبات الأمر بيد التربيطات الصغيرة والتسويات الضيقة, وخسرت الحياة الحزبية كثيرا بتراجع الوفد وخسر الوفد أكثر بصراع قياداته وانسحب المزاج العام علي الجميع وتحول من حزب معارض كبير الي حزب مجروح, وحتي بعد وصول الدكتور السيد البدوي لرئاسة الحزب لم تصمد الهدنة طويلا وتجدد الصراع مع سلفه الدكتور محمود أباظة, وتحول الحزب إلي جبهات في غير أوانها حتي ولو ظهر العناق علي الشاشات.. إلا ان باللحلق غصة. قد يكون من الطبيعي الحديث عن البقية الكبيرة من الأحزاب, لكن ربما يكون من الأنسب عدم التعرض لها, فهي وإن كانت قائمة فهي مسميات عريضة لاصلة بينها وبين المواطن, ولايعرف احد بالضبط من يتحمل المسئولية؟ فلا مجال في الحديث عن حزب الأمة الذي تأسس منذ28 عاما كاملة لكنه ظل حزبا علي ورق كما لا وقت للحديث عن أحزاب السلام والديمقراطية والاتحادي والجمهوري وغيرها من الأسماء الرنانة والضخمة, وبما في ذلك الحزب العربي الناصري الذي كان حلما للناصريين لكنه مع الوقت تحول إلي مايشبه الصدمة.نتيجة عزوف الناصريين عن المشاركة وتراجع شعبية الحزب.