في يومهم العالمي.. تعرف على جهود مصر في دعم وتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة    محافظ الإسكندرية يتفقد لجان الاقتراع بدائرة الرمل    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «التعليم» تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة    توقيع مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والتعاون الألماني لتقديم خدمات متكاملة لتطوير القطاع    وزير البترول من لندن: إصلاحاتنا وضعت مصر في مقدمة الدول الجاذبة للاستثمار التعديني    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 3 ديسمبر    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    وزير الكهرباء: جهود تحسين كفاءة الطاقة أصبحت ضرورة وطنية وركيزة أساسية    وزير قطاع الأعمال العام يشارك في حفل سفارة الإمارات بالقاهرة بمناسبة عيد الاتحاد ال 54    «الاستثمار»: مصر تستهدف رفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030    وزير الدفاع والإنتاج الحربى ورئيس أركان حرب القوات المسلحة يعقدان عدد من اللقاءات الثنائية مع قادة الوفود العسكرية    عبد الغفار: الروابط «المصرية - الإماراتية» نموذجاً متميزاً للتعاون بين البلدين    وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني    وزير الصحة يشهد احتفال العيد الوطني ال54 لدولة الإمارات    المصري يعود لاستئناف تدريباته اليوم ببورفؤاد    موعد مباراة ريال مدريد أمام بلباو في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    «جلوب سوكر».. بيراميدز يخرج من القائمة النهائية لجائزة أفضل ناد في 2025    بعد الاعتداء على التلاميذ.. التعليم تضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف الكامل    انقلاب ميكروباص وإصابة 7 أشخاص في مدينة 6 أكتوبر    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    نوة قاسم أخطر وأشد النوات على الإسكندرية.. موعدها وسبب تأخرها    مصرع 2 وإصابة 11 آخرين فى انقلاب سيارة ميكروباص بطريق أسيوط الغربى    التضامن تتعاقد على مخيمات حجاج الجمعيات الأهلية فى عرفات ومِنى    «من يتوقف عن القراءة ساعة يتأخر قرونًا».. شعار الدورة ال57 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    بطولة «محمد فراج».. كواليس حكاية لعبة جهنم ضمن سلسلة «القصة الكاملة»    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    حركة تنقلات جديدة بمديرية الصحة بالإسكندرية    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب    هالاند: فخور جدًا بدخول نادي المئة في الدوري الإنجليزي    هل يحرق الإخوان العالم؟    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    ألحان السماء    أصحاب الفخامة القُرَّاء فى قصور الحكم    تشكيل آرسنال المتوقع أمام برينتفورد في البريميرليج    نتنياهو يستنجد ب ترامب لإنقاذه من مقصلة قضايا الفساد    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    هيجسيث يتوعد بتصعيد الضربات ضد قوارب المخدرات ويهاجم تقارير الإعلام الأمريكي    متحدث الصحة: تحذير للمسافرين من أدوية ومستلزمات خاضعة للرقابة الدولية    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    التصريح بدفن ضحايا حريق «مخزن بلاستيك العكرشة» بالخانكة    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فريد‏..‏ واحد وتسعون عاما علي الرحيل‏2‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 09 - 2010

استشعر فريد عزلة خانقة‏,‏ فقد خيمت روح الاستسلام والخضوع للإرهاب الاحتلالي وتراجع الكثيرون ولزموا حدود الاعتدال أو ما هو أكثر تراخيا من الاعتدال‏.‏ وظن فريد وكان مخطئا تماما أنه لا مهرب من هذا الوضع إلا الهروب الي خارج الوطن بدلا من إعادة لم الصفوف وفق مواقف ممكنة‏.‏ لكن فريد لا يعرف في السياسة إلا لونين فقط أبيض ناصع البياض أو أسود شديد السواد‏.‏والغريب أنه اختار الاختيار الأشد سوادا وهو الهجرة‏.‏ وتتبدي دلالات تشير الي أن كثيرين من المحيطين به وهم من المدسوسين من الخديو أو من الاحتلال قد زينوا له ذلك‏.‏ والمثير للدهشة أن أول من بادر بالهجرة من قادة الحزب كان الشيخ عبد العزيز جاويش وكان الأكثر تشددا في صفوف الحزب‏.‏ ثم هاجر فريد في مارس‏1912‏ وهاجر قبله وبعده عشرات من أفضل كوادر الحزب‏.‏ فالأفكار المتشددة حظرت عليهم التوظف في حكومة تخضع للاحتلال ولا وظائف خارج الحكومة فسافروا بحثا عن لقمة العيش‏,‏ ولعل هذه المفارقة تلخص كل شيء‏:‏ أن ترفض ما تعتقد أنه خطأ وهو ليس كذلك فتهاجر لتقع في الخطيئة الكاملة‏.‏وكانت هجرة فريد بمثابة انقطاع التيار الكهربائي عن ماكينة العمل الوطني فتوقف إنشاء النقابات والجمعيات التعاونية ومدارس الشعب‏,‏ وأصيبت حركة النهوض الوطني بالانكماش والضعف أما اللجنة الإدارية للحزب فقد انقسمت ولم تعد قادرة علي مجرد الاجتماع‏(‏ صبري أبو المجد أمين الرافعي ص‏54).‏ويتلقي فريد في المنفي الاختياري رسائل تملأ النفس حسرة نورد كنموذج منها رسالة من د‏.‏ اسماعيل صدقي مؤرخة في أغسطس أي بعد أربعة أشهر فقط من هجرته تقول إن الأسف يخالجني بأشد تأثيره كلما رأيت الضعف قد تغلب علي تلك الهمم التي كانت عمادنا في عملنا الوطني‏(‏ المصور 14‏ 11‏ 1969)‏ ورسالة أخري من أحمد وفيق مؤرخة في‏13‏ 6‏ 1914‏ تقول اننا عدد قليل جدا وبكل أسف لا نعمل أي شيء والحركة تغط في النوم‏.‏ثم يأتي إعلان فرض الحماية البريطانية علي مصر في‏1914/12/18‏ وقبلها بشهر فرضت الأحكام العسكرية ثم تم خلع الخديو توفيق‏(‏ الوقائع المصرية‏1914/12/19).‏ لكن فريد يبقي علي كبريائه رغم كل شيء وعندما عرض عليه أن يقابل الصدر الأعظم يقول للرسول سأقابله ولكن فليحسن استقبالي لأني لا أتحمل أي إهانة واشترطت أن أحمل علي صدري شارة الحزب الوطني المكتوب عليها مصر للمصريين ويكتب فريد في مذكراته قابلت الصدر الأعظم فأحسن مقابلتي‏(‏ محمد صبيح‏.‏ مواقف حاسمة ص‏319).‏ ويروي فريد في مذكراته أنه خلال إقامته القصيرة في الأستانة استدعاه عزيز بك مدير الأمن العام فجلست إليه بلا أقل احترام وتعمدت إظهار العظمة وخلعت طربوشي ووضعته علي كرسي والبالطو ووضعته علي كرسي آخر ووضعت إحدي رجلي علي الأخري وسألته بكبرياء هل أنا أجلس إليك كمتهم فقال بآدابهم التركية المبنية علي الرياء أستغفر الله أفندم نحن إخوان أنا فقط أستعلم منك عن بعض نقاط‏(‏ فتحي رضوان مقال بالمصور‏1969/11/14)‏ ويمضي فريد في تشدده ويروي كيف قابله مسيو بوسنو وهو مسئول فرنسي كبير وتحاور معه موجها اللوم الي مواقف الحزب التي تقاربت مع ألمانيا وتركيا خلال الحرب ثم قال هل تتفقون مع انجلترا إن وعدتكم بالاستقلال فقلت نحن لا نثق في وعود انجلترا ولا فيكم‏(‏ صبيح ص‏300)‏ وعندما سئل فريد وماذا تفعل إذا هزمت تركيا وألمانيا في الحرب؟ أجاب نجتهد ساعتها في تجهيز الثورة في مصر وليس الاعتراف بالحماية البريطانية مهما كان شكلها ومهما أعطانا الانجليز من الامتيازات‏(‏ صبيح ص‏320)‏ ونلاحظ انها المرة الأولي التي ينطق فيها فريد بلفظ الثورة‏.‏ لكن الثورة تقوم بالفعل ولكن علي أيدي من عاداهم فريد بسبب اعتدالهم‏.‏ والحقيقة أن قيادتهم للثورة لم تكن بسبب الاعتدال وإنما لأنهم كانوا علي أرض مصر‏.‏ ويفاجأ فريد بالثورة تشتعل علي أيديهم ومع ذلك يكتب في رسالة وجهها الي الشعب المصري إخواني المصريين الأعزاء‏.‏ ان الصوت الذي يناجيكم اليوم صوت منعته الظروف من الارتفاع في صحف مصر من نحو سبع سنوات لكن منعه من الارتفاع علي ضفاف وادي النيل لم يكن عقبة تعوقه عن الدفاع عن القضية المصرية‏.‏ صوت هذا الضعيف لم يخفت يوما‏,‏ ولم يتأخر بما تفرضه عليه الوطنية طرفة عين‏,‏ بل كان يزادد قوة ونشاطا كلما تراكمت أمامه الموانع‏.‏ ان هذا الصوت يناجيكم ليهنئ الأمة المصرية علي تضامنها في المطالبة بحق أمنا المظلومة مصر ثم يقول وكأنه يذكر الجميع إن الثورة هي ثمرة من ثمار البذور الذي غرستها الحركة الوطنية‏(‏ المصور مقال لصبري أبو المجد‏1963/11/14).‏ لكن أحدا في مصر لم يسمع بالرسالة ومن سمع بها لم يهتم بها‏,‏ فقد كان الجميع منغمسين في غمار الثورة ولا وقت لديهم لغيرها بل انها أثارت حفيظة سعد وهو خارج البلاد‏.‏ وأرسل له عبد الرحمن فهمي وهو في غاية السعادة ليبلغه ان بقايا الحزب الوطني دعت الي احتفال بذكري مصطفي كامل فأرسلت شبابنا الي الاحتفال فأسكتوا زعانف هذا الحزب وهتفوا عاليا بحياة سعد‏.‏ويرحل فريد حزينا وربما غاضبا من نفسه علي هجرته‏.‏ ويصل نعيه الي مصر لكنه يتوه في غمار ثورة الشعب وبسبب من التعتيم الوفدي‏.‏ غير أن الأهرام تنعيه قائلة مات فريد وكفي باسمه وصفا لحياته‏,‏ مات غريبا عن وطنه حبا بذلك الوطن فأحياه موته في قلب كل مصري‏.‏استمات في حب الاستقلال فمات وحياة أمته في عنفوان الشباب‏(1919/11/19)‏ وتقول الاجيبسيان ميل لسنا من رأي الزعيم الوطني الراحل ولكننا لا نملك إلا أن نبدي اعجابنا بخلقه وصدق شعوره بالوطنية‏(1919/11/19).‏ ويتجاهل الوفد وزعيمه جثمان فريد حتي يتطوع مواطن بدفع نفقات نقله الي مصر وأمام القبر يقف حافظ إبراهيم ليقول وكأنه يعتذر له‏:‏ها هنا قبر شهيد في هوي
أمة أيقظها ثم رقد ..‏ نعم أيقظها ثم رقد‏.‏ويودع جثمان فريد الثري في حضور عدد محدود من المصريين وكأنه أقل شأنا من أي واحد من آحاد الناس‏.‏مات فريد وقد ظلم نفسه وظلم حزبه وظلم وطنه‏,‏ لكنه يبقي دوما ساطعا في السماء المصرية فقد كان رمزا للكبرياء الوطني والعطاء بلا حدود‏..‏ انه نموذج نادر يعطي كل شيء ولا يأخذ لنفسه شيئا‏.‏
المزيد من مقالات د. رفعت السعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.