بعد سباق انتخابي طويل وشاق فاز رئيس الوزراء الياباني ناوتؤ كان امس الاول بفترة رئاسة جديدة للحزب الديمقراطي الياباني الحاكم وبالتالي رئاسة الوزراة حتي نهاية سبتمبر2012. حيث حقق كان(63 سنة) انتصارا متوقعا علي منافسه العنيد الأمين العام السابق للحزب ايتشيرؤ اوزاوا(68 عاما) بعد أن حصل علي721 نقطة في مقابل491 نقطة نالها ايتشيرؤ في الانتخابات التي شارك فيها نواب الحزب ال411 في البرلمان اضافة إلي نوابه في المجالس المحلية واعضائه العاملين. الحملات الانتخابية للرجلين وصفها المراقبون بأنها' معركة من أجل تحديد توجهات الحزب الحاكم المنقسم علي نفسه'. فكل منهما لديه سياسات شديدة الاختلاف عن الآخر تجاه العديد من القضايا المحورية علي الساحة السياسية اليابانية سواء علي الصعيد الداخلي أو الخارجي. فبينما كان رئيس الوزراء الياباني الحالي يدافع عن تحقيق النمو الاقتصادي عن طريق خفض الانفاق العام وزيادة ضريبة الاستهلاك رغم تعهدات حزبه السابقة بعدم الخوض في هذه المسألة لعدة سنوات كان أوزاوا يؤكد ضرورة زيادة الانفاق العام وعدم رفع ضريبة الاستهلاك للوفاء بالتعهدات الحزبية التي أدت إلي نجاح الحزب الحاكم في الإطاحة بالحزب الليبرالي الديمقراطي في العام الماضي. وعلي الصعيد الخارجي دافع كان عن ضرورة إنهاء التوتر مع الحليف الأمريكي والاستجابة لمطالب واشنطن المتعلقة بنقل قاعدة فوتينما العسكرية في جزيرة أوكيناوا الجنوبية. بينما حرص اوزاوا علي رؤيته الخاصة بضرورة إقامة علاقات أكثر مساواة وتكافؤا مع الولاياتالمتحدة والانصياع لرغبات أهالي اوكيناوا الرافضين لنقل القاعدة داخل الجزيرة. ولذلك نظر العديد من المراقبين إلي انتخابات رئاسة الحزب الديمقراطي الحاكم باعتبارها منافسة بين' الفكر الجديد' الذي يمثله رئيس الوزراء بعد مزاولة الحزب للعمل السياسي الواقعي وبين' الفكر التقليدي' الذي نادي به الحرس القديم داخل الحزب بزعامة اوزاوا قبل تولي السلطة. وأشار هؤلاء إلي ان' الفكر الجديد' أصبح ضرورة في المرحلة المقبلة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي في اليابان وإقامة علاقات متينة مع الحليف الأمريكي خاصة بعد أن انكشفت محدودية نتائج' الفكر القديم' في تحسين الاحوال الاقتصادية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم فضلا عن أنه أدي إلي توتر العلاقات مع واشنطن القوة العسكرية والاقتصادية المسيطرة علي العالم. العلاقة بين رئيس الوزراء الحالي والسياسي المخضرم أوزاوا لم تكن علي ما يرام في الفترة الأخيرة رغم أن الأخير ينظر إليه باعتباره' الجنرال العظيم' الذي قاد الانتصار علي الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي سيطر علي مقاليد السلطة السياسية في اليابان لفترة تقترب من النصف قرن. والسبب أن كان الذي تولي رئاسة الحزب والوزارة قبل ثلاثة شهر خلفا لرئيس الوزراء المستقيل يوكيؤ هاتوياما ابعد اوزاوا ومؤيديه داخل الحزب من تولي أية مناصب قيادية مهمة سواء في الوزراة أو في الحزب نتيجة تورط عدد من مساعدي اوزاوا في فضائح مالية وسياسية دفعت اوزاوا نفسه للاستقالة من منصبه كمسئول ثان في الحزب قبل ثلاثة شهور مع رئيس الوزراء السابق هاتوياما. وهو الأمر الذي لقي قبولا شعبيا كبيرا, حيث أشارت استطلاعات الرأي العام في الأيام الأخيرة إلي تأييد نسبة كبيرة من المواطنين اليابانيين استمرار رئيس الوزراء الحالي في منصبه. إعادة انتخاب كان كرئيس للحزب والوزراء في اليابان سوف يكون لها تداعيات بالغة الأهمية علي مستقبل الحزب الحاكم. حيث يري عدد من المراقبين انها قد تؤدي إلي حدوث انقسام خطير في الحزب مما يدفع إلي انهياره خاصة إذا ما أصر رئيس الوزراء الياباني علي موقفه من أوزاوا وأنصاره والذي يقوم علي إبعادهم من تولي المناصب القيادية المهمة لتنفيذ برامجه وسياساته النابعة من' الفكر الجديد'. وإضافة إلي محاولة منع حدوث انقسام وانهيار في الحزب الحاكم سيواجه كان أيضا العديد من الملفات الصعبة تتمثل في ضرورة وقف ارتفاع قيمة الين امام الدولار بعد أن وصلت إلي أعلي مستوي لها في الخمسة عشر عاما الأخيرة ومواجهة أزمة تفاقم الدين العام الضخم بعد أن بلغ ضعفي الناتج المحلي الإجمالي وإدارة العملية السياسية في ظل' برلمان منقسم' بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة الأمر الذي يهدد بالمزيد من الازمات السياسية في ظل دعوة المعارضة إلي إجراء انتخابات عامة مبكرة فضلا عن حسم مسألة نقل قاعدة فوتينما الأمريكية لإغلاق هذا الملف الذي وتر العلاقات مع الحليف الأمريكي منذ مجئ الحزب الديمقراطي الياباني إلي السلطة. ومع ذلك ستكون الأولوية القصوي لرئيس الوزراء الياباني في الأيام المقبلة هي محاولة إقناع قادة أحزاب المعارضة لتمرير مشروع قانون الموازنة في العام الجديد2011.