لاشك أن مسلسل الجماعة من الأعمال الفنية الهادفة, التي حققت مشاهدة تليفزيونية ضخمة لما يتضمنه من معاني, ودلالات تجعل تفكير المشاهد يتحرك في الجهات الأربع سلبا أو ايجابا.. هذا المسلسل يضاف إلي جملة الأعمال الفنية التي أبدعها الكاتب الصحفي وحيد حامد.. والتي تدور حول جماعة الإخوان المسلمين.. الأمر الذي يجعل المرء يندهش لعدم اهتمام هذا المسلسل بمعركه الأستاذ العقاد مع الاخوان, وهي معركة من أكبر المعارك السياسية التي خاضها العقاد في حياته وسبب الدهشة هنا هو أن العقاد كان أكثر روادنا اهتماما بالفكر الاسلامي, اهتماما غطي أكثر من ثلاثين كتابا في صحيح العقيدة والدين والدفاع عن الاسلام. والمفترض أن يكون قريبا في الرأي من الأخوان. الأمر الذي جعل أحد أقطاب الاخوان الشيخ أحمد حسن الباقوري يقول عنه: الأستاذ العقاد مجاهد صادق, غيور علي الإسلام والمسلمين غيرة عاملة وليست ثرثارة جامدة.. وهو بثقافته العربية الاصيلة, إلي جانب ثقافته الأجنبية المتينة خير لسان للعروبة والاسلام, بما كتب من مؤلفات ومقالات وأذاع من أحاديث تدفع عن الإسلام شبهات وأوهام المغرضين المبطلين.. هذه الشهادة تجعل المرء يتساءل: ولماذا سكت المسلسل عن معركة العقاد مع الإخوان, تلك التي وصلت من العنف الي حد وصف العقاد لهم بأنهم خوان المسلمين وفي المقابل محاولة الجماعة اغتياله ووضع اسمه في مقدمة المحكوم عليهم بالإعدام. هذه المعركة بدأت بين الطرفين بعد أن تحول الاخوان من جماعة دينية لا دخل لها بالسياسة, إلي جماعة سياسية تملي إرادتها عن طريق الارهاب والقتل, وهو ما أثار العقاد وجعله يتخذ منها موقفا عنيفا.. ويزداد هذا الموقف حدة وعنفا بعد اغتيالهم لرئيس الوزراء النقراشي باشا عام1948 عقب اغتيالهم للمستشار أحمد الخازندار عام1948 إذ المعروف أن العقاد كان يكن لصديقه النقراشي تقديرا خاصا. لوطنيته ونزاهته واشتراكه في ثورة1919 وهو ما نستشعره من مقالات العقاد في صحيفة الأساس, ومنها في17 يناير عام1948 قال فيه: أجمع المصريون علي استنكار تلك الجرائم الوحشية التي يقدم علي ارتكابها الإخوان المسملين, التي من حقها ان تسمي نفسها جمعية خوان المسلمين إلي أن يقول: إن فقيد الوطن النقراشي قد أراح البلاد من عصابات كثيرة قبل عصابة خوان المسلمين الإجرامية في الصميم ومنها عصابة الخط المشهورة ثم يقول: انهم مجرمون من فصيلة الخط, بل من فصيلة أقل منه ومن عصابته, ويعلق علي بيان لشباب الازهر كانوا قد بعثوا به إليه, في مقال بعنوان صوت حكيم من شباب كريم عام1949 قال فيه: أولئك الخوان يعملون ما يتمني أن يعمله الصهيونيون ويستمر في هجومه حتي تشكل كتاباته حملة عنيفة منها مقال بعنوان فتنة إسرائيلية عام1949 قال فيه: هذه الفتنة ابتليت بها مصر علي أيدي عصابة خوان المسلمين هي أقرب الفتن في نظامها الي دعوات الاسرائيليين والمجوس. وكان رد فعل الإخوان علي هجوم العقاد, انهم أنذروه أكثر من مرة ولكنه لم يأبه, وأرسلوا اليه خطابا قالوا فيه قذفت القاذفة يريدون أن يقولوا: أزفت الآزفة مهددين إياه بالقتل فلم يرتدع. وهنا وضعوا المتفجرات عند باب بيته, واتصلوا به ليلا, مدركين أن التليفون بجوار النافذه, وعندما رد علي مكالمتهم أطلقوا علي النافذة التي بجوارها يقف العقاد الرصاص, وهذا ما يفسر موقفهم من المفكرين.