الدكتور حازم الببلاوي يميل بطبيعته لتمعن الأمور بتؤدة, ويحللها بروية لتفادي الأخطاء, والوصول إلي الصواب, ويستخدم لغة بسيطة لكنها عميقة نافذة. ناتجة عن خبرة طويلة في مجال الاقتصاد بدأت قبل نصف قرن تقريبا, ومازالت ممتدة بدأب ويقظة. من مدرس بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية إلي أستاذ زائر بجامعتي كاليفورنيا والسوربون, ثم رئيس للوحدة الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, ووكيل للأمين العام للأمم المتحدة, فرئيس للبنك المصري لتنمية الصادرات, وأخيرا مستشار صندوق النقد العربي في أبو ظبي. تقلبه بين المناصب والأماكن والدول أكسبه حنكة في تخصصه. فبات من حكمائه, ورغم اتساع الدوائر التي طاف بها, فإن قلبه ظل معلقا بمصر, وشئونها الداخلية التي يتابعها دائما عن كثب, ويتألم كثيرا لما ألم بها من مشاكل, بسبب تقلبات الحياة والسياسات الاقتصادية المتسرعة والخاطئة, وبالرغم من عتامة الأفق, يري أن الأيام القادمة ستكون أجمل مما نشهده الآن, لأن مصر بلد عظيم برأيه, وتمتلك نفسا طويلا يليق بتاريخها, وأنها في النهاية ستكسب, وستستعيد مكانتها وقدراتها الهائلة. ما أهم الإنجازات بتقديرك في الاقتصاد المصري خلال العقود الأخيرة, وما مآخذك عليه ؟ مرحلة الثمانينات جاءت بعد فورة اقتصادية في النصف الثاني من السبعينيات, فبين1975 1980, عرفت مصر واحدة من أعلي معدلات النمو في تاريخها, لا ترجع لسياسة رشيدة بل لظروف محددة منها إعادة فتح قناة السويس, وإعادة آبار البترول لمصر, وزيادة الموارد, وتدفق كمية هائلة من المعونات العربية علي مصر, وبداية تعمير مدن القناة, وتطبيق سياسة الانفتاح, وأدي كل هذا لنوع من الرواج الظاهري, أما الثمانينات فكانت من أسوأ العقود, بدأت بمقتل السادات, وسبقه توقف المعونات والاستثمارات الخليجية بسبب اتفاقية كامب ديفيد, في الوقت نفسه كانت الحكومة ترفض أية فكرة عن الإصلاح مع المؤسسات المالية الدولية, ووصل التضخم إلي حوالي18%, وكان عجز الموازنة من أعلي معدلات عجز الموازنات المالية في العالم حيث تراوح بين18 و20% من الناتج القومي, وتعددت أسعار صرف العملات الأجنبية بين البنوك وسوق سوداء, وفي نهاية الثمانينيات بدأت مصر تتعثر في سداد الديون, وكانت فترة بالغة السوء, لكن جاءت حرب الخليج كحدث خارجي ليس له علاقة بالاقتصاد, مصر اتخذت قرارا صائبا بالمشاركة في حرب الخليج, وكافأها العالم, فالبلاد العربية أعفتها من7 مليارات دولار ديون, وأسقطت الولاياتالمتحدة ديونا عسكرية قيمتها7 مليارات دولار عنها أيضا, إضافة لديون أخري عامة كانت تجاوز50 مليار دولار للمؤسسات الدولية, فعرض البنك الدولي علي مصر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي تسوية شبيهة بما تم مع بولندا وغيرها لإلغاء نصف هذه الديون بشرط أن تطبق مصر برنامج إصلاح اقتصادي, بالإضافة لذلك أعطت الدول الخليجية هدايا ومنحا لمصر في حدود3 أو4 مليارات دولار, وكانت الإصلاحات الاقتصادية في ذلك الوقت تهدف لضبط عجز الميزانية, وبالفعل تم تطبيق الإصلاحات وتراجع عجز الميزانية إلي5 و3%, فساعد الحكومة تطبيق ضريبة المبيعات وتوحيد سعر الصرف, ومر عاطف صدقي بمرحلتي الثمانينيات والتسعينيات, والأولي كانت صعبة وفي الثانية تحسنت الأحوال بشكل كبير نتيجة الإصلاحات, وتسلم الجنزوري الاقتصاد بحالة جيدة, وفي عهده وقع شيئان غير موفقين, الأول المشروعات العملاقة وأخطرها توشكي التي ابتلعت مبالغ ضخمة وليس معروفا إن كان لها فائدة أم لا!! الشيء الثاني توسع البنوك في الإقراض وترتب عليه أزمة البنوك, وأنا كنت حتي عام1995 رئيسا لبنك الصادرات, ثم انتقلت للأمم المتحدة وكنت أقابل محافظ البنك المركزي المصري وأتعجب من حجم القروض التي تمنحها البنوك للمقرضين, وحين جاء عاطف عبيد رئيسا للوزراء أسرع في عملية الخصخصة بلا شفافية كافية, ولا يستطيع أحد أن يقول إن ما تم يدعو إلي الاطمئنان لكن في الوقت نفسه لا أستطيع القول إن هناك تلاعبا, لكن الأكيد أن العملية لم يكن فيها شفافية وكثير منها لا يدعو إلي الاطمئنان. بعض الباحثين وثقوا عمليات الخصخصة في مصر علي سبيل المثال منهم الباحثJoneSfakianakis الذي أورد أرقام بيع بعض الشركات وأرقاما أخري بيعت بها نفس الشركات بعد فترة قصيرة في مقاله بعنوان حيتان النيل: الشبكات, رجال الأعمال والبيروقراطية في عصر الخصخصة في كتاب شبكة الامتياز في الشرق الأوسط فكيف تري الأمر؟ كما أسلفت فترة عاطف عبيد تميزت بالتوسع في الخصخصة بلا شفافية كاملة, الأمر الثاني أنه أدخل شيئا في نظام الرواتب ساعد علي إفساد الأوضاع, وفي بعض المؤسسات تم إنشاء صناديق معينة بتمويل من منظمات دولية لإضافة دخول أخري مما أوجد تفاوتا كبيرا بين الرواتب, فنجد موظفا يحصل علي5 آلاف وآخر يحصل علي25 ألفا وبشكل غامض, وهذه العملية بدأت علي استحياء في القطاع المصرفي ثم انتقلت لمؤسسات أخري, وأصبح الاستثناء هو القاعدة الآن, ولم يعد أحد يعلم من يحصل علي كم, فللآن هناك موظف في الحكومة المصرية راتبه200 جنيه شهريا, وهناك آخر يعمل ربما في هيئة مملوكة بالكامل للحكومة المصرية بنك مثلا ويحصل علي500 ألف جنيه في الشهر, وهناك مبالغ أكبر من هذا, وبعض الأرقام لو تم نشرها في أمريكا فسيصاب أوباما بأزمة وربما يحاول الالتحاق بهذه الوظائف عندنا! في عهد جمال عبد الناصر كان التأميم, وفي عصر السادات كان الانفتاح, والآن الخصخصة, فهل يمكن يعود التأميم في المستقبل, خاصة بعد تحويل بعض رجال الأعمال أموالهم إلي الخارج ؟ إعادة حقوق الدولة ليس معناه أن تتملك الدولة, بل أن يكون لديها قواعد يلتزم بها الجميع, ولا أعتقد في الوقت الحالي أنه يمكن العودة للتأميم, فلم يعد مقبولا. فكيف نعيد هذه الأموال إلي مصر ؟ بأن نضع نظاما يطبق علي الجميع, فيجب أن تعود دولة القانون, ويطبق علي الجميع, وأن يكون هناك قضاء عادل وسريع, كذلك السلطة التنفيذية لها دور كبير. هل سلوك المصريين له تأثير, هل لديهم أشياء سلبية متأصلة في طباعهم ؟ هذا كلام فيه شبهة عنصرية, فكل شيء نتيجة الثقافة, والثقافة في النهاية ناتجة عن تراكمات تاريخية والتعليم والقدوة والمثل, وأذكر عندما كنت أعمل في الكويت, رأيت مدرسين مصريين يعملون باجتهاد وجدية منقطعة النظير, وكنت أعرف عائلات كويتية تصر أن تلحق أبناءها بفصول يدرس بها مدرس مصري. قالAllanRichards في كتابه الاقتصاد السياسي في الشرق الأوسط إن التحدي الكبير هو التغير الديموجرافي لأنها المرة الأولي التي يكون في الشرق الأوسط هذه النسبة الكبيرة من الشباب المتعلم, هل هذا يعطي أملا في المستقبل ؟ يعطي أملا في أشياء, ويخيف في أشياء أخري, فليس معني أن يكون الإنسان شابا أن يكون ذلك أمرا جيدا, ولكن أن تكون لديه قابلية للارتقاء, لكن المخيف هو أن التعليم متدهور في مصر. علم الاقتصاد يقول إن هناك دورات هبوط لأسفل, ودورات صعود لأعلي, فإذا كنا الآن في مرحلة هبوط, فهل يعني هذا أن دورة الصعود قادمة ؟ من الناحية النظرية ربما يكون صحيحا! لكن السؤال أين القاع الذي ينتهي عنده الهبوط؟, فبعكس تصور البعض قدرة الإنسان علي التدهور لا حدود لها, وربما يكون هناك إنسان متحضر لديه مجموعة قيم أخلاقية لكن تحت ضغوط معينة يمكن أن تحوله إلي وحش يقتل من حوله, فعيب الإنسان قدرته علي التعايش. أهذه ميزة أم عيب ؟ الاثنان معا, ميزة لأن الإنسان يمكن أن يتعايش ويصنع من الفسيخ شربات, وعيبا لأنه يستطيع التعايش مع أكثر أنواع الفساد استمرارا, ويجد وسيلة للتعايش بمنطق الحي أبقي من الميت. كيف تقيم برنامج الخصخصة المصري ؟ أخطر ما فيه انعدام حسن النية والشفافية الكاملة, حيث تتم الأمور في المكاتب المغلقة, أيضا قانون قطاع الأعمال كان الغرض منه تجاوز كثير من أدوات الرقابة, وكنت أشارك في اجتماعات الجمعيات العمومية للشركات القابضة, وأستقبل ملفات متلتلة قبل الاجتماع بيوم أو يومين, ويحضر الاجتماع30 أو40 عضوا في إحدي الغرف برئاسة الوزير حيث لا مجال للمناقشة ولا شئ سوي التصديق علي ما تم إقراره, وكنت رئيسا لأحد البنوك ولا أعلم كيف صرت عضوا في هذه الجمعية العمومية المتعددة في شركات صناعات غذائية ومنسوجات, الأمر كان كبار موظفين يساعدون بعضهم, وفي النهاية يصدر البيان أنه( وافقت الجمعية العمومية الفلانية علي بيع كذا), لم يكن هناك وضوح, وهناك أمثلة كثيرة لشركات بيعت بملاليم, فلو قارنا سعر شركة جناكليس للكروم الذي بيعت به أول مرة لمستثمر مصري, والسعر الثاني الذي باعها به هذا المستثمر لاحقا, سنجد أنها كانت بمثابة عملية نشل غامضة, ولاشك أن الخصخصة وبيع الأراضي أديا لاختلال اقتصادي كبير, ليس فقط ما ترتب عليها من إعادة توزيع ثروة مصر لمصلحة قلة, ولكن هذا أعطي مثالا غير جيد للشباب عن مفاهيم المضاربة والفهلوة, وسوء توزيع الثورة أنتج نوعا خطيرا من الفساد يؤدي لمشكلات اجتماعية شديدة, فليس معقولا أن يشتري شخصا قطعة أرض ببضعة ملايين ويبيعها بالمليارات. ما الفارق بين الخصخصة في مصر وروسيا ؟ لا وجه للمقارنة, الخصخصة الروسية كانت عملية نهب. وما الفارق بين النشل كما وصفت خصخصة إحدي الشركات المصرية و النهب في الخصخصة الروسية ؟ في روسيا كانت الخصخصة مرتبطة بالمافيا وعمليات قتل ونهب. ألا يعد الحرمان من الحقوق الأساسية أشبه بالقتل ؟ لا.. في الاتحاد السوفيتي وروسيا كانت الخصخصة نهبا منظما ومافيا وعصابات, في مصر أعتقد أن العملية لم تكن نظيفة, وفيها كثير من المساوئ لكنها ليست مثل روسيا! ما الحل الأمثل بتقديرك لاستعادة الأموال المصرية في الخارج ؟ أولا يجب أن تحترم الدولة الملكية الشرعية, وتدافع عنها وتحميها, لكن احترام الملكية الشرعية لا يعني احترام الحرامية, ويجب إيقاف الاعتداءات علي الملكية وإزالتها بإجراءات قانونية سليمة, وإذا وجدت مخالفات فيجب تصحيحها. وماذا عن الشركات التي بيعت بأقل من قيمتها في السوق ؟ ليس الأمر في البيع دون القيمة, لكن الأمر في وجود وسائل غير مشروعة, مثل حرمان البعض من فرصة الشراء, أو تسهيل الصفقة لمصلحة شخص بعينه, هناك أخطاء كان ينبغي ألا تحدث, وإذا أردنا إصلاحها ينبغي ألا نوجد أوضاعا أخري فيها مصائب جديدة, وأكرم أن نتبع أسلوب عفا الله عما سلف. عفا الله عما سلف كيف في مئات المليارات ؟ لا يجب اتخاذ إجراءات تثير مخاوف رأس المال, ينبغي أن نعاقب الحرامي, لكن يجب ألا أجعل الآخر السليم يخاف ويهرب, فأهم شيء أن نكون دولة قانون, وهذا أمر لا يحدث إلا في ظل نظام ديموقراطي حقيقي يحترم الحقوق الحقيقية للأفراد. ما رأيك في المجموعة الاقتصادية من الوزراء الحاليين ؟ يجيدون التعامل مع المؤسسات المالية والعلاقات العامة وقاموا بأشياء جيدة ما هذه الأشياء الجيدة ؟ تخفيض بنود الرسم الجمركية, إصدار قانون لضرائب الدخل, نشر البيانات الاقتصادية وفقا للتعريفات الدولية, لكن هذا لا يمنع من أن هناك أمورا ليس بها شفافية كاملة. ما هي؟ ما قالته الدكتورة ميرفت التلاوي عن ضم أموال المعاشات للموازنة العامة يعتبر أمرا خطيرا, ورد ممثل وزير المالية لم يكن دقيقا حين قال: هذا الكلام غير صحيح والحكومة ضامنة للمعاشات فهذه إجابة لا تبعث علي الاطمئنان, وضم المعاشات لوزارة المالية أمر خاطئ, فهذه أموال أصحاب المعاشات, تحتاج في التعامل معها لشخص متخصص في الشئون الاجتماعية, فما الذي أدخلها في شأن وزارة المالية, وضمها لوزارة المالية رغم رفض وزراء الشئون اجتماعية سابقا للفكرة أمر يدعو للشك. ما تفسيرك إذن لإصرار وزارة المالية علي هذه الخطوة ؟ ربما ترغب وزارة المالية في استخدام هذه الأموال, وفي هذا ضرر وإخلال بأموال المصريين, بل وخطر علي مصر, وإخلال بحقوق الناس, وهذا يعني أيضا أن هناك خللا كبيرا في الميزانية لا يتم الكشف عنه, فعندما يكون لدي عجز يجب أن يضاء الضوء الأحمر لتوفير الإنفاق, وليس ضم أموال المعاشات, وبالإضافة إلي عجز الميزانية الكبير, فالجهاز المصرفي في مصر وإن بدا أنه علي ما يرام لابد من الالتفات إليه, فقد قرأت خبرا أخيرا أن مجلس إدارة البنك الأهلي المصري وافق علي طرح سندات قيمتها نحو مليار ونصف مليار دولار في الأسواق العالمية, وسيتم تأسيس شركة في جزيرة كايمنCayman لتنفيذ هذه العملية, وفوض مجلس إدارة البنك رئيس مجلس الإدارة في التفاوض علي شروط القرض وسعر الفائدة, وبعدها قرأت خبرا آخر أن البنك الأهلي طرح بالفعل600 مليون دولار من المبلغ الكلي وهو خبر يثير تساؤلات عدة, أولا لماذا يقترض البنك الأهلي نقودا, بينما من المعروف أن لديه وفرة كبيرة في السيولة؟ فهل هناك مشكلة توفير عملة صعبة في البنك الأهلي ؟ وهل طلب البنك الأهلي هذه السيولة من البنك المركزي ولم يوفرها ؟ وما المشروعات التي تحتاج هذه السيولة خلال السنوات الخمس القادمة ؟ أم أن البنك لديه استحقاقات ومشكلات يسدها؟ أسئلة كثيرة تحتاج لإجابة وتثير القلق, من ناحية أخري كان من أهم أسباب الأزمة المالية قضية الحوكمة, فكيف يفوض مجلس إدارة البنك الأهلي رئيس مجلس الإدارة في التفاوض وتحديد سعر الفائدة ؟ أفهم أن يفوض المجلس رئيس البنك في التفاوض علي أن يعود إلي المجلس, فكيف يتخلي مجلس الإدارة عن وظيفته في الاطلاع علي شروط العقد في صفقة قيمتها1.5 مليار دولار, ومن المعروف أن البنك الأهلي المصري أكبر بنك مملوك للحكومة المصرية, أليس الدين في النهاية سوف يقع علي عاتق الحكومة المصرية ؟ كذلك ما السبب في اختيار جزيرة كايمن والمعروف عنها إنها ترحب بالشركات المتهربة من الضرائب, ويطلقون عليها جنة التهرب الضريبيTaxHaven, ولا يذهب إلي كايمن سوي رجال الأعمال والشركات التي ليس لها اسم كبير ولا تخشي علي سمعتها, فلماذا يؤسس البنك الأهلي شركته في كايمن ؟!. كيف تري الصحافة الاقتصادية في مصر ؟ الصحافة الاقتصادية في مصر ليست ناضجة كالصحافة السياسية, وطريقة الكتابة تشعرني بعدم تخصص الصحفيين, وبعضهم يكتب بيانات كثيرة وغير دقيقة, فالمليار يصبح مليونا, والجنيه يصبح دولارا, وفي الوقت ذاته ألتمس للصحفيين العذر لأن البيانات الإحصائية ليست كافية. هل يصل الأمر بالصحافة الاقتصادية إلي حد التواطؤ أحيانا لإخفاء حقائق وإبراز غيرها؟ لا أعرف إذا كانت متواطئة, أم أن ذلك نتيجة الضعف, حيث نري بعض الصحفيين الاقتصاديين ليسوا مهنيين بالدرجة الكافية! هل الصحافة الاقتصادية في الخليج مختلفة, وفي الإمارات بالتحديد حيث تعمل الآن ؟ لا, لكنهم هناك يخصصون صفحات أكثر نظرا لتوفر الإمكانات, وأغلب الصحفيين هناك مصريون وأردنيون, أيضا, المسئولون لدينا لا يتحدثون عما يجري علي أرض الواقع, بل يتحدثون كما لو أن كل شيء منضبط دون موضوعية, والصحفيون في كثير من الأمور مصدر معلوماتهم الرئيسي المسئولون. ما الدور المفقود للصحافة الاقتصادية في مصر, وما الأسئلة التي يجب أن تطرحها ؟ النظام في مصر لا يعطي فرصة كافية, علي سبيل المثال لم أر أبدا ميزانية الدولة تظهر ويليها تحليل يقارن الإنفاق بين القطاعات المختلفة, علي سبيل المثال مقارنة الإنفاق علي الخدمات الاجتماعية بالإنفاق علي الاستثمارات, وتوضيح الزيادة و النقص, ودلالة ذلك, أيضا تحليل بيانات الجهاز المركزي للمحاسبات بعد نشرها. كتب الاقتصادي المصري الكبير إبراهيم شحاتة كتابه المهم وصيتي لبلادي, فما وصيتك أنت أيضا لبلادك ؟ يقينا ما يجري الآن فيه ظلم كبير لمصر, وهي تستحق خيرا أكثر بكثير مما هو موجود, وستصل, فواحدة من مزايا مصر أن نفسها طويل, فهي بلد عظيم, وبالرغم من كل معاناتها ستكسب في النهاية.