في كلمة مسجلة.. وزيرة الهجرة تشارك في مهرجان "اكتشف مصر" المقام بكندا    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    معيط والخشت يفتتحان فعاليات اليوم الثاني لمؤتمر صنع السياسة الاقتصادية    محافظ الفيوم يوجه بتوفير الرعاية الطبية والعلاج على نفقة الدولة للحالات المرضية    لمحات عن رئيس إيران الجديد محمد مخبر    علي معلول يخضع لجراحة ناجحة ويبدأ التأهيل بعد أسبوعين    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العمرانية    في ذكرى رحيله الثالثة.. تعرف على الفنانين الشباب الذي يضحكون سمير غانم    برنامج "لوريال - اليونسكو" يفتح باب التقدم للمرأة المصرية في مجال العلوم لعام 2024    ضبط 6 أشخاص سرقوا مبلغ مالى من داخل سيارة وخزينة اموال في الجيزة    البحيرة: توريد 203 آلاف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    توقيع 3 مذكرات تفاهم خلال انطلاق "قمة مصر للتحول الرقمي والأمن السيبراني"    هل تفكر في مشاهدة فيلم ريان رينولدز IF.. إليك أحدث تقييماته وإيراداته المتوقعة    فرقة الجيزة تقدم «هالوفوبيا» في ثاني أيام مهرجان نوادي المسرح 31    محافظ كفرالشيخ: تقديم خدمات طبية ل 1528 مواطنًا بالقافلة الطبية المجانية بقلين    مجلس النواب يقر نهائيا مشروع قانون المنشآت الصحية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    صلاح: سعيد بتتويج الزمالك بالكونفدرالية    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    سيد معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    رسميًا.. فيفا يُعلن إيقاف الزمالك من القيد بسبب قضية ثانية    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    محمد شحاتة يكشف تفاصيل استبداله في مباراة نهضة بركان    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    بالصور.. محافظ أسيوط يتفقد امتحانات طلاب الكلية المصرية الألمانية للتكنولوجيا    لتحقيق أرباح.. حبس المتهم بالنصب مقابل شهادات دراسية    لص يقتل شخصًا تصدى له أثناء سرقة منزله بقنا    ضبط 4 متهمين ببيع الذهب الخام الناتج عن التنقيب غير الشرعي في أسوان    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    وزير النقل يكشف معدلات تنفيذ المرحلة الأولى لخط المترو الرابع (صور)    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    محافظ قنا يتفقد مركز تدريب السلامة والصحة المهنية بمياه قنا    البورصة تواصل الصعود في منتصف تعاملات اليوم الإثنين    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    عمر الشناوي: محدش كان يعرف إني حفيد كمال الشناوي    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    مظاهرات أمام الكنيست اليوم للمطالبة بانتخابات فورية واستبدال حكومة نتنياهو    اليوم.. "خارجية النواب" تناقش موازنة التعاون الدولي للعام المالي 2024-2025    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    اليوم.. محاكمة طبيب نساء بتهمة إجراء عمليات إجهاض داخل عيادته    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غازي القصيبي وداعا
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 09 - 2010

أتيح لي أن التقي به مرة واحدة‏,‏ وأن نتبادل حوارا من حول الشعر‏:‏ حاضره ومستقبله‏,‏ والقلق الذي يعيشه كل غيور علي الشعر العربي بعد أنهيار تعليم اللغة العربية في المدارس والجامعات‏, والانقطاع القائم بين أجيال الشعراء المتتابعة وموروثهم الشعري‏,‏ واتفقنا علي أنه لاتجديد في الشعر‏,‏ لمن لم يسوعب جماليات الشعر العربي علي مدار تاريخه الطويل‏.‏
كان اللقاء في المنامة عاصمة البحرين‏,‏ أما المناسبة فكانت أمسية شعرية أقامتها لي وزارة الثقافة هناك‏,‏ وكان يقدمها بطريقته الرشيقة وحسه المرح الشاعر البحريني عبد الرحمن رفيع‏,‏ وفي مقدمة حضور الأمسية كان غازي القصيبي الشاعر والوزير والسفير وقبل ذلك كله الإنسان الجميل‏,‏ المتوهج بالمشاعر الحارة‏,‏ والحس الحميم والثقافة الواسعة‏,‏ وعرفت ليلتها أن القصيبي ورفيع صديقا عمر وزميلا دراسة جمعتهما في البحرين ومصر‏,‏ وفي القاهرة وعنها كتب القصيبي روايته الشهيرة شقة الحرية وصور فيها حياة الصديقين المشتركة‏,‏ والمنطلقة بلا حدود‏,‏ وقد تحولت الرواية الي مسلسل تليفزيوني بعد ذلك بسنوات‏.‏
وظللت زمنا أحار في نسبة غازي القصيبي‏,‏ وهل هو بحريني أم سعودي؟ وانتهي بي الأمر إلي اعتباره ممثلا للبلدين معا‏,‏ ثقافة وابداعا وسئولية ومشاركة‏,‏ بالرغم من أن عمله الدبلوماسي والسياسي سفيرا ووزيرا ارتبط بالسعودية‏,‏ لكنه لم يلغ صلاته الحميمة وجذوره في البحرين‏.‏ وعدت من المنامة بعد الأمسية الشعرية التي ماتزال أصداؤها في نفسي بعد انقضاء أكثر من عشرين عاما ومعي نسخة من الأعمال الشعرية الكاملة للقصيبي في طبعتها الثانية الصادرة عام‏1987,‏ هدية من الشاعر‏,‏ وتدشينا لصداقة استنرت طيلة هذه السنوات‏,‏ وهي صداقة ازدادت عمقا‏,‏ عندما اكتشف كل منا أنه أب لأبنة كبري هي يارا
وقادتني قراءة مجموعاته الكاملة في دواوينه‏:‏ أشعار من جزائر اللؤلؤ‏,‏ وقطرات من ظمأ‏,‏ ومعركة بلا راية‏,‏ وأبيات غزل‏,‏ وأنت الرياض‏,‏ والحمي‏,‏ والعودة الي الأماكن القديمة‏,‏ إلي اكتشاف عالمه الشعري المترامي الأطراف‏,‏ الذي وسعت من فضاءاته أسفاره وإقامته الطويلة بحكم وظائفه في بلاد مختلفة‏,‏ وخبراته الحياتية والإنسانية التي أكسبته حسا عروبيا‏,‏ ونفسا عميق الانتماء‏,‏ ووجودا شديد الحساسية والتفاعل مع أحداث عصره‏,‏ وشكاواه من أقنعة الدبلوماسية التي تختفي وراءها الحقائق‏,‏ ويحجب الصدق‏,‏ ويتحول ممثلو الدول الي ممثلين من طراز رفيع علي مسرح مزدحم بكل فنون الاغواء والبطش والتهديد والمراقبة والاحتجاج‏,‏ كان هو ضحية لأحد مواقفها‏,‏ حين نشر وهو سفير للسعودية في لندن قصيدة في استشهاد فدائية فلسطينية‏,‏ وجدت فيها إسرائيل ومناصروها فرصة لحملة ضاربة تعرض لها السفير الذي خرج علي العرف الدبلوماسي حين آثر الخضوع لوجدانه النقي والاستجابة لهتفات نفسه المختنقة في إطار مشهد عربي يتهاوي ويتداعي‏.‏ وعاد السفير الشاعر إلي وطنه‏.‏ وعلي رأسه تاج العروبة التي ماتزال تبحث عن أمثاله من رموز الوطنية والشرف‏.‏
وفي قصائد غازي القصيبي التي امتد فيها نفسه الشعري وفي مقطوعاته القصيرة المكثفة‏,‏ المعتصرة لخلاصة الموقف والخبرة‏,‏ نري قدرة القصيبي علي الابداع الشعري بلغة شديدة العذوبة والصفاء‏,‏ وقدرة فذة علي التصوير والتجسيد‏,‏ واحتشاد مدهش لقصيدته بكل مايمتلك من حس مرهف ووجدان خصب‏,‏ ونفاذ رؤبة‏,‏ وأعصاب عارية لاتطيق عارا أو مذلة‏,‏ ولاترضي بالدونية والهوان‏,‏ للإنسان العربي‏,‏ وللأمة بكاملها‏.‏
هل تأذن لي روحه المحلقة في فضاءات الوطن‏,‏ أن أهديها قصيدته عن موت الشاعر‏,‏ وكيف تكون الفجيعة فيه؟ يقول غازي‏:‏
مر بالكون غريبا
ومضي يدفن في المجهول أياما قصيرة
مغرقا في لجة الموت أمانيه الكبيرة
فإذا ما جمع الليل الندامي
وسري في الأفق لحن لم يداعب أذنيه
وإذا ما انتظر الصحب علي شوق لقاءه
وأطل الفجر مشدوها كمن ينعي حبيبا
أخبريهم أنه مات غريبا
مات في الظلمة لم يشعر به حتي المساء
فكان الشوق لم يورق دعاء في جفونه
وكأن الليل لم يثمل علي رجع لحونه
أيها الناس قفوا‏:‏ فالميت شاعر
كفنوه بالأزاهير وبالورد الندي
واقبسوا آخر لمح شع في الوجه الوضي
وادفنوه في رحاب المعبد المهجور
في ظل السكينة
إنه قد مل ضوضاء السكينة‏!‏
ووداعا أيها الانسان الجميل والشاعر البديع‏.‏

المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.