بعض المؤتمرات كان لها جدواها في رأي الروائي محمد قطب بخلاف مؤتمرات أخري سواء أقامتها مؤسسات رسمية أو هيئات خاصة وهو يضرب مثالا علي ذلك بمؤتمر الموروث الشعبي الذي عقد بالأقصر. ونجح منظموه في أن يخرجوا به إلي آفاق فكرية وأدبية, خاصة أنه يرتبط بالإبداع المعاصر, وهذا أمر مهم جدا لإثراء الوجدان كما يقول وكذلك كان مؤتمر تداخل النصوص والأنواع الأدبية الذي عقد بآداب الزقازيق; ويضيف: علي الجانب الآخر نجد في مؤتمر القصة العربية القصيرة الذي عقد بالقاهرة لأول مرة نموذجا للارتجال والتهميش وهيمنة القلة في غياب واضح للجمهور, ولم يهتد المؤتمر لتوصية ذات قيمة ويركز الدكتور طارق شلبي أستاذ البلاغة والنقد الأدبي بجامعة عين شمس علي دور مصر إقليميا وعالميا, ويقول: إن هذا الدور يجب أن ينال ما يستحقه من اهتمام من حيث رصد الواقع الراهن ودفعه إلي الأمام دون الاكتفاء بالحديث عن الماضي, ويأسف لوجود شريحة شبابية من خريجي التعليم باللغات الأجنبية تعجز عن كتابة جملة بالفصحي تخلو من الأخطاء, كما يأسف لانتكاس اللغة إعلاميا, فبعض عناوين الصحف مصنوعة بعامية رديئة والفضائيات اعتمدت العامية منهجا لها, وتعرضت بعض القيم للابتذال. ويقول عن المؤتمرات: إنها لا تلقي الاهتمام بها حتي من أهل التخصص وارتبطت المتابعة الإعلامية لها بالعلاقات الشخصية. ويشير الشاعر الكبير محمد التهامي إلي صراع المدارس الفنية وتناحرها, خاصة في مجال الشعر وغياب النقد الجاد وسطحية التناول الإعلامي المقصور علي العلاقات الشخصية والمجاملات مع غياب الجمهور المنصرف عنها إلي الفضائيات التي يهرف فيها الكل بما لا يعرف.ويقول إن وزارة الثقافة لجأت إلي عقد المؤتمرات التي لا يحضرها إلا المنتفعون وأكثرهم أعضاء لجان, ولا تحظي توصياتها وقراراتها بالتنفيذ, ولذلك تتراكم القضايا الثقافية وتظل تدور حول نفسها بلا جديد يعمل علي تقدمنا ثقافيا. ويؤكد إلحاحه علي العناية بالشعر لأن إهماله جناية علي الثقافة العربية صاحبة الذاتية المستقلة التي يعد الشعر أهم عناصرها. ويؤكد الدكتور محمد الجوادي عضو مجمع اللغة العربية أن المجتمع الثقافي فشل تماما في التصدي للمشكلات التي واجهته خلال عام2009, مثل أزمة مجلة إبداع التي كشفت عن الخلط بين حرية التعبير ومسئولية الدولة عن تمويل الفكر, ثم أزمة كتاب الدكتور محمد عمارة وقرار الأزهر بسحبه, ورواية عزازيل ليوسف زيدان, وغياب المثقفين عن معالجة أزمة مباراة الجزائر, وأخيرا أزمة سيد القمني التي تدل علي بعد المؤسسة الثقافية عن نبض الأكاديميين الذين يعرفون الصواب من الخطأ.. ويعزي الفشل في التصدي لتلك الأزمات إلي انشغال المجتمع الثقافي بنفسه ومكاسبه الوقتية قصيرة النظر. ويري الشاعر أحمد سويلم أن تهميش الثقافة في وسائل الإعلام ودور العلم هو أهم تحد يواجه الحركة الثقافية في مصر, ويقول إن علي وزارة الثقافة أن تواجهه, وتجعل الثقافة جزءا من الاهتمام العام علي مختلف المستويات, مع مشاركة الوزارات المعنية والمجتمع بمختلف فئاته بدءا من الأسرة التي يجب أن تشجع أبناءها علي القراءة ومرورا بالمؤسسة التعليمية التي اختفي دورها الثقافي في المجتمع مثلما اختفت البرامج الثقافية في التليفزيون, بل حتي علي المستويات الأعلي نجد برامج الانتخابات البرلمانية والأحزاب السياسية خالية من الثقافة. ويتساءل: من وراء تهميش الثقافة في المجتمع المصري؟ وإذا كان هناك توجه لعقد مؤتمر للمثقفين فماذا سيفعل مثل هذا المؤتمر ونحن نجد المؤتمرات تنفض عن توصيات لا تجد من يتابعه. ويشير الدكتور مدحت الجيار إلي أن التحدي الحقيقي هو توحيد الصف الثقافي وتنمية علاقاتنا الثقافية مع الآخر, مما ينبهنا إلي تنشيط علاقاتنا الثقافية الخارجية وتطوير العمل في العلاقات الخارجية. ويقول: إن جمهور المؤتمرات الثقافية كان محدودا كما كان تأثيرها في الواقع المصري محددا أيضا. ويري الناقد الدكتور حسام عقل أن أبرز تحدياتنا الثقافية تتمثل في استمرار البحث عن ملامح مميزة لوجهنا الفكري ومشروع مصر الحضاري الكبير وبلورة مناطق التوازن بين أصالة يتعين صيانتها ومعاصرة ينبغي مواكبتها, فضلا عن إيقاف حرب الأجيال التي أعاقت ضخ دماء جديدة في مختلف المواقع الثقافية والمنابر الإعلامية. ويقول: للأسف لم تتمخض المؤتمرات المنهمرة علينا بأبحاثها عن منجز متحقق نقبض عليه ومازال الجدل مستمرا حول معايير جوائز الدولة في مختلف الفروع, وإن كانت الحركة الثقافية تحتوي علي بقاع ضوء واعدة وتوجهات لا تخطئها العين لتعميق الولاء التراثي في مواجهة زوابع العولمة مع مواكبة التقنيات الإعلامية الحديثة. ويري القاص سعيد سالم أهم التحديات في انتشال الشعب من حالة السلبية الشديدة التي يمارسها تجاه الأحداث, وحالة الانفصال التي أدت إلي ثقافة التقوقع حول المصالح الذاتية دون إسهام في تقدم المجتمع. ويقول: بالنسبة للمؤتمرات الثقافية فإنها غالبا ما تصب في محيط المثقفين ولا شك في أنهم يفيدون منها كثيرا, ولكن أثرها لا ينتقل إلي عامة الشعب. ويضيف أن الجامعة بعيدة عن الحركة الثقافية فيما عدا الجهود الفردية لبعض الأساتذة المؤمنين بضرورة التلاحم مع الكتاب والمثقفين لدرجة أنها ترفض ترشيح المبدعين من خارج أساتذة الجامعة لجوائز الدولة. ويقول الشاعر السكندري مهدي بندق: إن أهم تحد ثقافي واجهه العالم العربي الإسلامي ومصر هو الخوف الغربي من الإسلام وقد وصل الأمر إلي ذروته فيما جريمن استفتاء أحمق في سويسرا بمنع بناء المآذن وهو إجراء يناقض مبادئ الحريات الدينية المعترف بها في ميثاق حقوق الإنسان علي مستوي العالم المعاصر. أما الدكتور السعيد الورقي أستاذ الأدب العربي بآداب الإسكندرية فيؤكد أهمية أن تكون هناك رؤية ثقافية للمؤسسات الثقافية الموجودة, وأن يكون هناك تنسيق فيما بينها لتحقيق هذه الرؤية وفق آليات تتفق مع الإمكانات الموجودة, ولكن للأسف الشديد تكاد هذه الرؤية تكون مجزأة وموزعة. وهو هنا يطالب مؤسسات الدولة بالإنفاق علي الثقافة بلا بخل, كما يطالب بتوفير منافذ لنشر الكلمة لتوصيل الفكر والثقافة للناس. ويقول الشاعر جابر بسيوني المؤتمرات تعقد ثم لا تسفر عن شيء ولا تنفذ توصياتها, وبالتالي نتخلف عن الركب العالمي المتقدم, ويقول: إنه لم يعقد هذا العام أي مؤتمر يناقش مثلا علاقة المثقف المصري بالتقنيات المعلوماتية العالمية, ونحن نكتفي بالإشارة إليها ولا نقف علي دراستها. ويؤكد الدكتور محمد زكريا عناني أستاذ الأدب العربي بجامعة الإسكندرية أن عددا قليلا من المؤتمرات أسهم, مثل ذلك المؤتمر الذي نجح, في لفت الأنظار إلي كتاب كاد يغيب في طي النسيان هو كتاب ثورة الشعر الحديث للدكتور عبدالغفار مكاوي الذي أعيد نشره أخيرا ليواكب انعقاد مؤتمر أدباء مصر, فضلا عن تكريم عدد من الأسماء ذات القيمة من الأحياء والراحلين. ويقول: إن هذا المؤتمر سبقه مؤتمر عن صورة الوطن في أدب إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي كان ل الوطن حضور إيجابي في ندواته ومطبوعاته, لافتا النظر إلي مكتبة الإسكندرية التي أصبحت هذا العام أكثر اقترابا من نبض الواقع المصري. وعن دور فرع الإسكندرية لاتحاد الكتاب يقول: إنه يتحرك بفعالية في إطار الاتحاد والعام لكتاب مصر, ويري أن الجمعية الأهلية لم تعد لها الفعالية التي شهدتها في الماضي بسبب قلة الإمكانات المتاحة.