فيما يدل علي عدم التنسيق بين المؤسسات والكيانات الثقافية الرسمية منها وغير الرسمية، تعقد في منتصف شهر ديسمبر أربعة مؤتمرات في توقيت واحد، وهي: «ملتقي القاهرة الخامس للرواية العربية»، الذي يقيمه المجلس الأعلي للثقافة في الفترة من 12 إلي 15 ديسمبر الجاري، و«مؤتمر النقد الدولي الخامس»، الذي تعقده الجمعية المصرية للنقد الأدبي في الفترة من 14 إلي 18 من ديسمبر، تحت عنوان «التأويلية والنظرية النقدية المعاصرة»، ومؤتمر «الوافد والموروث في الثقافة العربية» الذي تقيمه «الجمعية الفلسفية المصرية» في الفترة من 11 إلي 13 ديسمبر، ومؤتمر «تيار الكتابة الجديدة» الذي يقيمه اتحاد الكتاب يوم السبت 11 ديسمبر، ومن جانبنا نتساءل: هل هذه المؤتمرات تثري الحركة الثقافية؟ أم تمثل تشظيا وتشتتا للحضور؟ يقول الناقد الدكتور محمد عبدالمطلب: هذا التزامن في المؤتمرات يحدث نوعا من «الشوشرة» للمتابعين لهذه المؤتمرات، وإذا كان اتحاد الكتاب له جمهوره، فإن المجلس الأعلي للثقافة سيأخذ جزءا من هذا الجمهور، ولهذا يكون من الأفضل وجود تنسيق بين هذه المؤسسات، حتي لا يحرم المتابع من حضور ندوة هنا وندوة هناك. وتابع: هذه المؤتمرات تعكس حالة من الحراك الثقافي، أتمني أن يتولد عنها رؤية ثقافية موحدة بدلا من الرؤي المشتتة، فنجد عناوين المؤتمرات تتجه إلي المطلق مع إلغاء كل صلة بالماضي، وبعضها ينظر للماضي بلغة الجديد والبعض يتوسط بين هذا وذاك. الروائية سلوي بكر تري أن هذا نوع من التخبط نتيجة لغياب مشروع ثقافي، قائلة: يفترض أن يطرح المسئولين عن هذه المؤتمرات سؤالا علي أنفسهم: ما جدوي هذا المؤتمرات؟ وهل تعقد في ظل سياق أو رؤية أم لا؟ وإذا تأملت عناوين المؤتمرات التي أشرت إليها سنجد مؤتمر الرواية يأتي بعنوان: الرواية إلي أين؟ فهل ستذهب إلي «العباسية» أم «الهرم» أم «مدينة السلام»؟! وما معني تيار الكتابة الجديدة؟ وللخروج من هذا المأزق أطالب بوضع مشروع نهضوي حقيقي تكون الثقافة أحد أهم وسائله. ويقول الروائي محمد جبريل: غالبا ما يكون عقد هذه المؤتمرات مرتبطا بميزانية المؤسسسات التي تنظمها من أجل الحصول علي ميزانية جديدة تعويضا عن الميزانية التي أوشكت علي النفاد، كما لا يوجد استراتيجية محددة لهذه المؤتمرات للسنوات القادمة وهذا التضارب بين هذه مواعيد عقد هذه المؤتمرات غير مستحب، ومن ناحية أخري هذا الكم من المؤتمرات يؤكد حالة الزخم الثقافي التي تشهدها القاهرة، التي يبلغ عدد سكانها عشرين مليونا، وتستوعب مثل هذا العدد لأن أذواق الناس تختلف بخصوص الجنس الأدبي الذي يفضلونه. ورغم كونه من المسئولين عن أحد هذه المؤتمرات الثلاثة، قال الشاعر أحمد سويلم، هذا التضارب يمثل عبئا علي المثقفين والجمهور، فيظل غياب خطة واستراتيجية واضحة تراعي التوقيت الزمني مع فعاليات المؤسسات الأخري، واتحاد الكتاب ليس جهة رقابية، وعندما نجهز لأحد المؤتمرات يفترض أن نطلع علي أجندة المؤسسات الثقافية الأخري، حتي يكون هناك نوع من الحشد لهذا المؤتمر، وفيما يتعلق بمؤتمر «تيار الكتابة الجديد»، فالذي نظمه هو الشعبة التي تحمل هذا الاسم بالاتحاد، وهذا التزامن حدث بالصدفة، لأن مؤتمرات الشعب بالاتحاد مواعيدها ثابتة لا تتغير. كما أكد الدكتور علاء عبد الهادي، مقرر مؤتمر النقد الدولي الخامس، قائلا: مؤتمر التأويل هو المؤتمر الخامس لجمعية النقد الأدبي، ويعقد بانتظام كل ثلاث سنوات منذ عام 1997، وأرسلنا الدعوات للمشاركين قبل عامين، وسبقنا المجلس الأعلي للثقافة في الإعداد بعام وثمانية أشهر، وأضاف: ونحن نشتغل علي موضوعات ونظريات وليس أشخاصا. فيما رأي حسام نصار رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجية أن: فيما يخص المؤتمرات التي تنظمها وزارة الثقافة، هناك تنسيق بين هيئات الوزارة المختلفة في الفعاليات، بعيدا عن المؤتمرات التي تنظمها المؤسسات الثقافية الخاصة والأهلية غير الرسمية، وهذه فرصة لتوجيه الدعوة لكل المؤسسات المعنية بضرورة التنسيق بين هذه المؤتمرات، حتي لا يتم تشتيت المبدعين والجمهور، وأعترف بأن التنسيق ليس علي المستوي المأمول، ولكن سنسعي في هذا الاتجاه.