الحديث مع أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي ليس بالأمرالصعب, فهو رجل واضح وصريح إلي حد الصدمة في أحيان كثيرة ولكنها دائما صدمة الواقع, كما لا يعرف المراوغه أو بالأدق لا يجيدها. ودائما لا يفكر سوي بالأرقام والموارد المتاحة وتجارب الآخرين, بعيدا عن الأحلام وادعاء البطولة أوحتي.. التمنيات التي يصعب تحقيقها. الأهرام التقته في حوار مطول وخاصة بعد المفاجأة المدوية التي فجرها بتقدمه للمجمع الإنتخابي للحزب الوطني لخوض انتخابات مجلس الشعب بالشرقية مسقط رأس عائلة الأباظية الشهيرة, وناقشناه في أزمة القمح العالمية و الاستراتيجية السحرية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة100% و التي أتهم كوزير للزراعة بإهمالها وتشجيع استيراده من الخارج وحكاية تطبيق نظام حق الإنتفاع علي أراضي الدولة وغيرها من التساؤلات التي أجاب عنها بصراحة شديدة: الأهرام: ما الذي دفعك الي التقدم بأوراقك لخوض انتخابات مجلس الشعب؟! الوزير: اعتبارات كثيرة دفعتني إلي الترشح بعد تفكير عميق خاصة عندما وجدت أنني بالفعل قادر علي القيام بها وتلبيتها لخدمة أبناء دائرتي, فمن هنا فقط كان القرار بخوض ذلك المعترك السياسي وخاصة بعد قرار شقيقي محمود اباظة بعدم خوض الانتخابات المقبلة, وبالتالي اجتمعت أراء عائلتي علي أنني أنسب شخص يمكن أن يخدم هذه الدائرة ويملأ الفراغ الذي تركه قرار شقيقي والحقيقة عندما نقلت لي رغبة العائلة, كان بداخلي نوع من القلق والتردد الشديد لضخامة المسئولية الملقاة علي عاتقي وإدراكي الكامل لواجبات النائب الثقيلة والصعبة. وكيف حسمت الأمر؟! الوزير: تشاورت مع العائلة ووصلنا إلي نتيجة أنني الأكثر قدرة علي خدمة أهالي الدائرة بما أملكه من صلات وعلاقات وطيدة بالمسئولين في الدولة تؤهلني للحصول علي أكبر مكاسب لأهالي الدائرة وأبنائها خاصة أنني الآن بقدر الإمكان والمستطاع أحاول مساعدة أبناء دائرتي وفقا للقواعد وأعتدت علي ذلك. بصراحة القرار نابع من العائلة أم بتكليف من الحزب الوطني كوزير بالحكومة؟! الوزير: القيادة السياسية أو الحزب الوطني لا يكلفان, وإن كنت بناء علي الرغبة الداخلية لي, استاذنت القيادة السياسية وستوحيت الموافقة علي التقدم للترشيح, وخاصة أن جميع المرشحين سواسية أمام المجمع الانتخابي مهما كانت مناصبهم. القمح والاكتفاء الذاتي ماهي حقيقة استراتيجية الإكتفاء الذاتي من القمح التي تم اقرارها في عهد الوزير أحمد الليثي ثم لم تنفذ بعد توليك المسئولية ؟! الوزير: لم أتسلم دراسة بهذا المعني المحدد, ولكنها محاور رئيسية تعمل علي تنفيذها وزارة الزراعة طوال الوقت وليس في عهد وزير محدد, لأن قواعدها ثابتة ومعروفة للجميع, ومحورها الاول التوسع الافقي أي زيادة المساحة المنزرعة بالقمح والثاني زيادة الإنتاجية رأسيا أي رفع معدل إنتاج الفدان الواحد من القمح, والثالث تقليل الفاقد من القمح خلال مراحل الحصاد والتداول. ما علينا.. هل يمكن في ضوء مثل هذه الاستراتيجيات تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح بالفعل بنسبة100% ؟! الوزير: بنسبة100% أمر مستحيل, فلا يمكن زراعة ارض مصر كلها بالقمح والاكتفاء الذاتي يعني زراعة ما بين5,4 و5 ملايين فدان بالقمح سنويا بدلا من7,2 و1,3 مليون فدان حاليا وهذا مستحيل, ولن أدعي بطولة لا يمكن تحقيقها, وأكثر ما يمكن تحقيقه هو زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من60% حاليا إلي70 أو75% بحلول عام2017 كما تحدد استراتيجية الزراعة المصرية. معذرة.. لماذا مستحيل وما الذي يعوق إضافة مليون فدان أو أكثر لمساحة القمح ؟! الوزير: المساحة الإجمالية المنزرعة في مصر تصل إلي9 ملايين فدان من بينها نحو7,1 مليون فدان أشجار موالح وفاكهة دائمة.. وبالتالي يتبقي نحو3,7 مليون فدان من بينها مساحات لا تقل عن5,1 مليون فدان أو يزيد قليلا لا يمكن زراعة القمح بها أو فرضه عليها لأن مستثمريها يذهبون لزراعة منتج زراعي أكثر ربحية بكثير جدا من القمح بالنسبة لهم ويمتلكون من التكنولوجيات ما يؤهلهم لذلك, وبالتالي فنحن نتحدث عن مساحة5,5 مليون فدان أو أكثر قليلا تمثل مساحة الأراضي القديمة وبالطبع لا يمكن زراعة سوي30% من هذه المساحة أو في أسوأ الفروض كما يحدث الآن50% أي دورة زراعية ثنائية أو ثلاثية الي جانب اننا لايمكننا سوي استصلاح160 ألف فدان سنويا فقط لاستغلال ثلثها في انتاج الحبوب. هل يعني ذلك أننا في طريقنا إلي مجاعة حقيقية؟ الوزير: بالطبع لا.. فلسنا دولة معزولة والسوق العالمية مفتوحة, فيجب أن ننظر للأمر بطريقة أخري وهي أن تكون قيمة الإنتاج وليست كميته تساوي حجم الاستهلاك المحلي.. فصادراتنا الزراعية بلغت22 مليار جنيه سواء طازجة أو مصنعة, وهناك نشاط محموم في القطاع الزراعي. مزارعو القمح دائما يشكون من سعر التوريد الذي تحدده الحكومة.. فلماذا نربطه بالسعر العالمي رغم إستراتيجية هذا المحصول بالنسبة لنا ؟! الوزير: مزارع القمح دائما يحصل علي أعلي الاسعار والرئيس مبارك دائما حريص في تكليفاته للحكومة علي ذلك, وفي الموسم الحالي الذي انتهي في30 يونيو الماضي كان السعر في مصر يفوق العالمي بنحو100 جنيه وهو ما تحملت من أجله موازنة الدولة6,1 مليار جنيه استفاد بها ما يقرب من نصف مليون مزارع. بمناسبة الأسعار.. ما هو السعر المتوقع للقمح في الموسم الجديدة ؟! الوزير: مازال الوقت مبكرا علي إعلان سعر محدد للتوريد محليا, ولكن أتصور أنه عند إعلانه في نوفمبر المقبل لن يقل عن300 جنيه للأردب الواحد, وسيكون في ذلك التوقيت تحديدا سعرا منطقيا و قطعا مجزيا لمزارعي القمح خاصة مع توقعي الشخصي بإنخفاض الأسعار بصورة حادة وملحوظة ولكن ستظل الضوابط المشددة للتوريد قائمة ولن نتراجع عنها لمنع أي محاولات لخلط القمح المحلي بالمستورد للاستفادة من فارق الأسعار. وماذا عن سعر الضمان للذرة كمحصول مكمل للقمح ؟! الوزير: سنعلنه الشهر المقبل والحد الأدني له لن يقل عن200 جنيها للأردب, وهو بالطبع سعر استرشادي للفلاح حتي لا يخدعه التجار أو يستغلونه, إلي جانب طمأنته من ناحية أنه إذا لم يجد مشتريا لمحصولة فإن الدولة تتكفل به وبالطبع السعر يضمن له هامش ربحا مجزيا, أما سعره السوقي فلن يقل عن230 جنيها للأردب, وليس من المنتظر علي الإطلاق إنخفاض أسعاره عالميا. وماذا عن أسعار القطن ؟! الوزير: الموسم الحالي من السنوات الجيدة وسيكون هناك تكالب علي الشراء وبسعر مجز وأتصور أن يتجاوز سعر القطن الطويل الممتاز ألف جنيه للقنطار والقطن الطويل ما بين900 و1000 جنيه للقنطار, أما سعر الضمان الإسترشادي فسيصل إلي850 جنيها للقنطار. الحكومة متهمة بالتخلي عن مزارعي البنجر في أزمتهم مع المصانع التي رفضت تسلم محصولهم رغم تعاقدها معهم عليه.. فما هو تعليقك ؟! الوزير: المسئولية يتحملها طرفيا الأزمة المزارعون والمصانع, فلم يتم الإلتزام ببنود التعاقد الثنائي من حيث المساحة والسعر و الكمية وحتي مواعيد الحصاد وصادف ذلك تعثر بعض هذه الشركات بصورة حادة كما أن الوزارة طلبت إنشاء رابطة لمنتجي بنجر السكر للتفاوض مع المصانع وحتي يمكن توقيع عقود ثلاثية تكون الوزارة طرفا بها لضمان جميع الأطراف وحماية المزارعين, ولكن لم يستجب أحد. أراضي الدولة إلي أين ستذهب وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في معركتها مع المخالفين بطريق القاهرة الأسكندرية الصحراوي؟! الوزير: إلي استرداد حقوق الدولة كاملة ولا تراجع عن ذلك.. وليس هؤلاء فقط ولكن مع كل من خالف اشتراطات التعاقد علي أراضي الدولة بغرض الزراعة ثم قام بالبناء عليها متجاوزا النسبة المحدده وهي7% كحد أقصي وضعته وزارة الإسكان لتوصيل المرافق إليها.. ولكن ما يجب إيضاحه حقا أن نسبة هذه المخالفات لا تتجاوز3% فقط من إجمالي المساحات المستصلحة بالطريق الصحراوي والتي تجاوزت5,1 مليون فدان تنتج وحدها نحو37% من صادرات مصر الزراعية وعموما المخالفات مساحتها لا تتجاوز علي أقصي تقدير30 ألف فدان وسنحصل منها علي كامل مستحقات الدولة والتي تقدر بنحو3 مليارات جنيه وبشرط عدم زيادة نسبة البناء علي ال7% أما من يخالف هذه النسبة فإن وزارة الإسكان فقط سيكون لها الحق في تقدير الثمن الحقيقي للأرض بالمتر ومن هنا أستطيع القول أننا إقتربنا من إغلاق هذا الملف تماما.. وحتي ننتبه فقط لدعم المستثمرين الزراعيين الجادين بالصحراوي والذين حققوا ما أعتبره إنجازا لا يصدق, بل أدعو الرئيس مبارك إلي زيارتهم لمتابعة الإنجازات التي تحققت في أعمال الإستصلاح والإستزراع والتكنولوجيات الزراعية المستخدمة والتطور الكبير في عدد العمالة في مزارع الصحراوي. وما هي حكاية تطبيق نظام حق الانتفاع في التصرف بأراضي الدولة الزراعية ؟! نظام حق الانتفاع سيتم إقراره في القانون الموحد للتصرف في أراضي الدولة والذي كلف الرئيس حسني مبارك الحكومة بإعداده لضمان الاستخدام الأمثل لأراضي الدولة وفق قواعد واضحة وصارمة ودون تضارب بين جهات الولاية المختلفة علي هذه الأراضي.. وحاليا تقوم لجنة وزارية عليا مشكلة من11 وزارة بإعداده وستنتهي منه قبل نهاية العام الحالي وسيعرض علي مجلس الشعب المقبل.