وزير النقل يشهد الاحتفال الشعبي بإطلاق مبادرة "صحح مفاهيمك" بالتعاون مع وزارة الأوقاف    القوات المسلحة تنظم زيارتين لأساتذة وطلبة جامعتي المنصورة وبني سويف إلى الأكاديمية العسكرية    عصام شيحة: قرار الرئيس بإعادة قانون الإجراءات الجنائية إلى البرلمان خطوة مهمة للعدالة    الاتصالات تبحث جذب استثمارات أمريكية في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي    محافظ الأقصر يبحث سبل التعاون مع الهيئة العامة للاستعلامات لدعم القضايا الوطنية والترويج السياحي    بروتوكول تعاون بين شئون البيئة والمتحف المصري الكبير    محافظ الغربية يشدد على الالتزام بتعريفة الركوب وعدم السماح بتقسيم خطوط السير    خبير اقتصادي: «القنطرة غرب» نموذج لتحويل التحديات إلى منطقة صناعية ولوجستية واعدة    840 فرصة عمل جديدة وتدريب مهني لتمكين الشباب بكفر الشيخ    بعد اعتراف 3 دول كبرى .. نتنياهو: سنخوض معركة ضد دعوات إقامة دولة فلسطينية بالأمم المتحدة    العراق يشغل أول محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية جنوبي بغداد    وزير الزراعة والري السوداني: البلاد تتعافى ولن تجوع    فيريرا: تركيزنا على مواجهة الجونة    ميدو ينتقد صمت سيراميكا بعد مواجهة الأهلي.. ويُلمح لتدخلات من محمد أبو العينين    إعلامي: كارلوس كيروش سيكون مديرا فنيا للأهلي ولكن بشرط    قبل انطلاق النسخة ال18 في مصر.. تاريخ بطولة العالم لأندية كرة اليد    حريق محدود في منزل بطامية بسبب ماس كهربائي دون إصابات    مأساة تحت سقف العلم.. قصة درس خصوصي انتهى بفضيحة حمل بالشرقية    تفاصيل انفجار خط غاز بحر مويس في بنها بسبب خطأ سائق حفار.. فيديو وصور    تنفيذ قرارات إغلاق لعدد من المحلات المخالفة جنوب الغردقة    تأجيل محاكمة 11 متهما بقضية "خلية حلوان" لجلسة 2 نوفمبر المقبل    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بالبحيرة    "بفستان قصير".. هنا الزاهد تنشر صور من تكريمها في حفل دير جيست    والد ضحية نمر طنطا: نجلي يفكر في إنهاء حياته    في واقعة الإسورة الأثرية.. النيابة توصي بمنع دخول حقائب مرممي الآثار وتفتيشهم عند الخروج وتركيب كاميرات مراقبة    موعد أذان المغرب ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    عضو مركز الأزهر: ثلاث أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    هل كسوف الشمس وخسوف القمر غضب من الله؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    خطة شاملة لتطوير الصحة المدرسية من خلال الاكتشاف المبكر للأمراض    أوميجا 3 وسر التركيز.. لماذا يحتاج طفلك السمك مرتين أسبوعيًا؟    إطلالة شبابية.. نادية الجندي تتألق بفستان قصير في أحدث ظهور    صافرات الإنذار تدوي في عسقلان وأسدود بعد إطلاق صواريخ من غزة    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    تعرف على منصب سيد عبدالحفيظ في الأهلي بعد جلسته مع الخطيب    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    لهذا السبب لا يستطيع أحد خداعه.. 3 صفات قوية لا يمتلكها إلا برج العقرب    بالعروض الفنية التراثية.. قصور الثقافة تختتم الأنشطة الصيفية بجنوب سيناء    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    فوز السكة الحديد وبروكسي.. نتائج مباريات الأحد في الدور التمهيدي لكأس مصر    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    التعليم العالي: مؤتمر دولي بمدينة الأبحاث العلمية يناقش أحدث التطورات في أبحاث السرطان والعلوم الطبية الحيوية    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    عادات يومية تهدد قلبك وتقلل من إنتاج «أكسيد النيتريك»    سعر الحديد اليوم الأحد 21 -9- 2025.. الأسعار مستقرة    تقديم مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية بالدوري لدعم المنتخب الوطني    مواقيت الصلاه اليوم الأحد الموافق 21 -9-2025 في سوهاج    أستراليا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 21-9-2025 في محافظة قنا    تنورة وعروض فنية.. مدارس دمياط تستقبل العام الدراسي الجديد.. ولجنة وزارية تتفقد مدارس المحافظة (فيديو)    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    توزيع البلالين والأعلام على التلاميذ يتصدر مشهد أول يوم دراسة ببني سويف    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    موقع عبري: إصابة 8 جنود بانقلاب آلية عسكرية إسرائيلية على مشارف مدينة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة لفتح الجرح
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 08 - 2010

انتهينا في مقال سابق إلي طرح عدة تساؤلات حول ظاهرة الاختطاف الفكري أو بعبارة أخري ما يشوب عملية التحول الديني في بلادنا دون بلاد العالم من توتر وانفعال وعنف‏:‏ تري هل يرجع الأمر إلي طبيعة التنشئة الاجتماعية في بلادنا؟‏!‏ أم إلي طبيعة المناخ الدولي والإقليمي المحيط بنا؟ وهل الأمر مقصور في بلادنا علي أبناء عقيدة دون أخري؟ وهل تخرج دعاوي التكفير واتهامات التنصير عن ذلك السياق؟ وهل الأمر مقصور علي الجماعات الدينية أم يشمل غيرها من الجماعات الفكرية والسياسية أيضا؟
وقبل أن نبدأ في الاقتراب من الاجابة عن تلك التساؤلات يبدو من المناسب أن نرصد ظاهرة تستحق التسجيل وتتطلب التفسير‏,‏ إن كل واقعة من وقائع التحول الديني في بلادنا تتفاعل في تشكيلها عدة أطراف‏:‏ المتحول وأسرته والطرف المتهم بالدعوة والكنيسة المصرية الأرثوذكسية والأزهر الشريف ثم الحزب الوطني الديمقراطي باعتباره المسئول عن تشكيل حكومة الحزب التي تتولي عمليا مهمة إدارة الأزمة والاعلان عن إغلاق الملف إلي جانب المؤسسات الإعلامية وخاصة القنوات الفضائية المصرية والعربية والأجنبية وبرامجها الحوارية التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة خاصة فيما يتعلق بسلبيات ما يجري بمصر إلا أوسعتها تشريحا ونقدا واستقصاء بالصوت والصورة وكذلك جمعيات حقوق الإنسان وتمكين المرأة التي لا تكف مشكورة عن رفع الدعاوي القضائية وتنظيم وقفات الاحتجاج علي كل ما يمس حرية المواطنين‏.‏
تري لماذا تحالفت تلك الأطراف جميعا علي إسدال ستار الغموض علي ما جري؟ لماذا لم نشاهد علي فضائياتنا مقابلات تليفزيونية مع المخطوفات أو الخاطفين؟ لماذا لم نشاهد ولو محاولة مجرد محاولة للاتصال بواحد أو واحدة من هؤلاء؟ وإذا كان تحقيق ذلك صعبا بالنسبة لقنواتنا العامة والخاصة‏,‏ لماذا لم تقم بالمهمة تلك القنوات المسيحية والإسلامية التي تنطلق عابرة للحدود؟ ولماذا لم يصدر الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بيانا واضحا يعلن تفاصيل ماجري؟ لماذا فضل الحزب وحكومته تحمل الاتهامات الموجهة اليهم بالتخاذل والتهاون بل وبانتهاك المقدسات؟ لماذا لم تعلن حكومة الحزب الوطني عن حالة المختطفات اللاتي تم اختفاؤهن من جديد مفضلة تحمل تهمة ان سلطاتها تقف عند أبواب الأديرة والكنائس لاتتخطاها وهي تهمة غليظة كفيلة وحدها باشعال نيران الفتن الطائفية؟ ولماذا أحجمت الكنيسة من جانبها عن كشف أسماء من أقدموا علي جريمة الاختطاف والمطالبة بتقديمهم للعدالة ؟ ولماذا مازالت الكنيسة محجمة عن السماح بظهور أي من المختطفات علي شاشات التليفزيون؟ ولماذا فضلت الكنيسة تحمل مايوجه اليهم من اتهامات قاسية بالاحتجاز الجبري للمختطفات بعد استعادتهن؟
خلاصة القول اننا حيال مايمكن ان نطلق عليه تحالف الحفاظ علي استمرارية الغموض‏,‏ ورغم مابين اطراف هذا التحالف من تناقضات لا تخفي علي أحد‏,‏ فقد اجتمعت كلمتهم علي استمرار الأمر غامضا‏,‏ ولم يقدم أيهم علي كشف مالديه من أوراق ووقائع تاركين لكل من شاء أن يفسر الأمر كما يشاء‏,‏ فتتضارب التفسيرات لتضيف وقودا جديدا يكفل اشتعال النيران من جديد لتسارع أطراف التحالف الي اغلاق الملف بنفس الطريقة وندور في نفس الدائرة المغلقة من جديد‏.‏
يعلمنا التاريخ ان تحالف اطراف متناقضة الأهداف والرؤي والمواقف إنما يقوم حول هدف يعلو تلك التناقضات جميعا‏,‏ ولا يعني ذلك بالضرورة أن تلك الأطراف قد التقت بليل حول مائدة مستديرة لتبلور ذلك الهدف‏,‏ فثمة تحالفات عديدة عرفها التاريخ جري فيها الاتفاق دون حاجة للقاء‏,‏ بل يكفي ان يري كل طرف أن هذا التوافق يخدم هدفه النهائي ليلتزم به في صمت ونماذج تلك التوافقات الصامتة قائمة حولنا بالفعل لاتحتاج الي بيان‏.‏
تري ما هو ذلك الهدف الذي توافقت حوله أطراف تحالف الحفاظ علي الغموض؟
ليس أمامنا في ظل التزام تلك الأطراف بحرماننا من المعلومات‏,‏ سوي أن نجتهد في البحث عن التفسير‏,‏ واذا ما التزمنا بأقصي قدر من افتراض حسن النية‏,‏ فقد نرجح أن ذلك التوافق قد تم بين قيادات الأطراف الداخلية علي الأقل تحت شعار الحفاظ علي الوحدة بأي ثمن وقد يبدو ذلك الشعار مقبولا مادام الثمن معقولا وربما كان الأمر كذلك في زمن مضي‏,‏ ولكن مع تغير الأحوال‏.‏ واكتساب ردود الفعل طابعا مؤسسيا شاملا يتخطي حدود الأسر والأفراد بل وقد يتخطي حدود الوطن في ظل عصر العولمة والثورة الإعلامية فقد اصبح شعار الحفاظ علي الوحدة الوطنية بأي ثمن يهدد عمليا بالقضاء علي تلك الوحدة بل يدفع الوطن إلي الانفجار‏,‏ ولم يعد كافيا ولا مقبولا أن يكتفي الجميع كلما وقعت واقعة بتكرار فتح مخزونهم الفكري الذي يؤكد وحدة عنصري الأمة وسماحة الإسلام والمسيحية‏.‏ بل المطلوب هو فتح مخزونهم المعلوماتي لو صح التعبير وهو أمر مؤسسي يعجز عنه فرادي المثقفين‏.‏
إننا كثيرا ما نسمع من أطباء الجراحة تحذيرا من إغلاق الجرح قبل التأكد تماما من تنظيفه وإلا ظل التلوث ينخر في الجسد وتتضاعف تأثيراته رغم ما يبدو علي السطح من أن الجرح قد التأم وموقفنا شبيه باغلاق الجرح الفكري دون تنظيف يضمن التئاما حقيقيا مع التسليم بأن عملية التنظيف عملية مؤلمة وتتطلب في كثير من الأحيان إعادة فتح الجرح الذي يبدو ملتئما لتنظيفه من جديد تري ألم يحن الوقت بعد لفتح الجرح لتنظيفه؟
ويبقي في النهاية أن نعود إلي تساؤلنا الأساسي من جديد‏:‏ تري لماذا تشوب عملية التحول الديني في بلادنا دون بلاد العالم ذلك القدر الهائل من التوتر والانفعال والعنف؟

المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.