بداية تاريخية للعام الدراسي الجديد والانضباط عنوان المرحلة.. المدارس تستقبل الطلاب بصورة مثالية.. ومتابعة دقيقة من الوزير محمد عبد اللطيف على أرض الواقع    مؤشر الدولار الأمريكي يسجل 97.65 نقطة للشراء خلال تداولات اليوم    رسميًا.. موعد صرف المرتبات 2025 للموظفين لأشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر    محافظة الجيزة: إزالة العوائق بمحيط مدرسة ترسا الجديدة بالطالبية    بشارة بحبح: تلقيت إشارات من حماس بشأن العودة إلى المفاوضات وإسرائيل لم ترد    الجيش الإسرائيلي: تم إجلاء أكثر من 550 ألفا من سكان مدينة غزة    "الفاشر تحت الحصار".. هجمات دامية وتفاقم إنساني في دارفور(فيديو)    الدوري الإسباني، تقارير تكشف سر استبعاد راشفور من تشكيل برشلونة أمام خيتافي    منتخب ناشئات اليد يتوج ببطولة أفريقيا على حساب تونس    العرب بلا ذهب للمرة الأولى منذ 10 سنوات في مونديال ألعاب القوى    تجديد حبس 4 أشخاص لترويجهم مواد مخدرة ببولاق الدكرور    "الشؤون الدينية" تُعلن التسجيل لرخصة التطويف بالمسجد الحرام    الصرصار الأمريكي!    دمهم خفيف.. 5 أبراج هتملى حياتك ضحك وسعادة    والدة هنا الزاهد تحتفل بخطوبة ابنتها الصغرى برسالة مليئة بالحب    بفستان مثير.. مي سليم تخطف الأنظار في أحدث ظهور    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    دار الإفتاء: زواج الأخ من زوجة أخيه جائز بشرط    في اليوم العالمي لمرض ألزهايمر، 7 عوامل خطورة تزيد من احتمالية الإصابة    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى المنزلة ويوجّه بحزمة إجراءات عاجلة    محافظ المنيا ورئيس هيئة الرعاية الصحية يبحثان تطبيق التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات الطبية    «فادي فريد يقود الهجوم».. الظهور الأول لتامر مصطفى لقيادة الاتحاد السكندري في مواجهة زد بالدوري (صور)    عبير صبري زوجة خالد الصاوي في زمالك بولاق.. وجلسة تصوير تضعها فى صدارة التريندات    وزير العمل: جهود مكثفة لمواجهة شركات التوظيف الوهمية وحماية الشباب    ايتيدا تفتح باب التقدم للشركات الناشئة للمشاركة في Web Summit 2025 بمدينة لشبونة    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    بالمستند.. اكاديمية المعلم تقرر مد فترة التدريبات وحجز اداء الاختبارات امام اامعلمين للحصول علي شهادة الصلاحية    رسميًا.. اللواء أشرف نصار رئيساً لنادى البنك الأهلي والسرسي نائبًا    ثلاثة عوامل خطرة تزيد من احتمال الإصابة بمرض الكبد الدهني القاتل    موعد صلاة العشاء ليوم الأحد .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    العراق يشغل أول محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية جنوبي بغداد    شريهان أشرف تقدّم خطوات مكياج دافئ وهادئ لخريف 2025 في «ست ستات» على DMC    في واقعة الإسورة الأثرية.. النيابة توصي بمنع دخول حقائب مرممي الآثار وتفتيشهم عند الخروج وتركيب كاميرات مراقبة    تفاصيل انفجار خط غاز بحر مويس في بنها بسبب خطأ سائق حفار.. فيديو وصور    تنفيذ قرارات إغلاق لعدد من المحلات المخالفة جنوب الغردقة    تأجيل محاكمة 11 متهما بقضية "خلية حلوان" لجلسة 2 نوفمبر المقبل    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بالبحيرة    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    السودان.. مقتل مسئول حكومي شمال دارفور ونزوح 7500 شخص بالفاشر    135 مخالفة زيادة أجرة وخطوط سير خلال حملة بمواقف الفيوم "صور"    إعلامي: كارلوس كيروش سيكون مديرا فنيا للأهلي ولكن بشرط    الرئيس السيسي يوجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    سعر الذهب في مصر يقفز بنحو 8 أضعاف في 9 سنوات (انفوجرافيك)    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    احتفالا ب العام الدراسي الجديد.. مدرسة ب الوادي الجديد تستقبل طلابها بالحلويات    «الشوربجي»: خطة لتوسعات كبرى بأكاديمية أخبار اليوم وتجهيز 5 مبان جديدة لجامعة نيو إيجيبت    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    فوز السكة الحديد وبروكسي.. نتائج مباريات الأحد في الدور التمهيدي لكأس مصر    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    أستراليا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    البورصة المصرية تخسر 11.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    تنورة وعروض فنية.. مدارس دمياط تستقبل العام الدراسي الجديد.. ولجنة وزارية تتفقد مدارس المحافظة (فيديو)    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عفوا سيادة الرئيس
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 01 - 2010

كتب بريجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر للأمن القومي مقالا في الثمانينيات عما أسماه‏'‏ قوس التوتر‏'‏ الممتد من أفغانستان مرورا ببحر قزوين‏,‏ وصولا إلي البحر المتوسط‏,‏ وباب المندب جنوبا و أرجع توترها إلي أن الدول القائمة بها متعددة الأديان والطوائف‏. و رأي أن إزالة ذلك التوتر يقتضي تحويل تلك الدول إلي دول أحادية الدين والطائفة‏,‏ وحدد عددا من الدول المحورية التي يجب تعديل كيانها الموحد ومحاولة تقسيمها و منها العراق والسودان والسعودية ومصر‏.‏
في نفس التوقيت تقريبا نشر عوديد يينون‏_ODEDYENON_‏ الصحفي الإسرائيلي صاحب العلاقات الوثيقة بوزارة الخارجية الإسرائيلية مقالا بعنوان‏'‏ الإستراتيجية الإسرائيلية في ثمانينات القرن العشرين‏'‏ أشار فيه إلي أن استعادة إسرائيل لشبه جزيرة سيناء تعد هدفا له أولوية سياسية و اقتصادية وأنه مما ييسر تحقيق هذا الهدف اهتزاز الوضع الداخلي الناجم عن تصاعد حدة الانقسام بين المسلمين والأقباط مما يساعد علي تمزيق مصر إلي أقاليم جغرافية مستقلة في ظل حكومة مركزية ضعيفة وسوف يتطلب ذلك بالضرورة إدخال تعديلات جوهرية علي ترتيب دوائر الانتماء لشعوب تلك الدول بحيث يتراجع الانتماء للجماعة الوطنية ليحتل ذيل القائمة‏,‏ و يتم تصعيد الانتماءات الأخري العرقية و الدينية و المذهبية لتحتل الصدارة‏.‏
ومضت سنوات لنطالع في مجلة القوات المسلحة الأمريكية في عددها الصادر في يوليو‏2006‏ مقالا بعنوان‏'‏ حدود الدم‏'‏ يطرح فيه كاتبه الجنرال المتقاعد رالف بيتر خارطة جديدة تلغي الحدود القائمة‏,‏ وتقسم الدول الحالية بحيث تتحول الدولة الواحدة إلي دويلات وتنشأ دول جديدة وتكبر دول صغيرة وتصغر دول كبيرة‏.‏
و قد توافق نشر ذلك المخطط علي الكافة للكافة بالعربية و الانجليزية و الفرنسية والعبرية‏,‏ مع توالي أحداث الفتنة الطائفية من حادثة الخانكة في العام‏1972,‏ إلي حادثة نجع حمادي في مطلع هذا العام‏.‏ و رغم تلك النوازل و رغم ذلك المخطط المنشور‏,‏ فإننا فيما يبدو أننا لم نربط بشكل كاف بين ما تضمنه وما يجري في بلادنا‏,‏ بل و ما نشهده بأعيننا من أحداث دامية تجري في العراق و فلسطين والسودان واليمن والصومال مما يرجح أن ذلك المخطط المنشور و المعلن للكافة يجري تنفيذه بالفعل‏.‏
لقد حسم الرئيس مبارك مؤخرا حقيقة مخاطر و أدوات الفتنة الطائفية التي تتعرض لها بلادنا‏,‏ إذ أشار سيادته في خطابه في عيد الشرطة إلي‏'‏المخاطر المستمرة للإرهاب والتطرف‏,‏ واتساع دائرة الفكر السلفي وجماعاته‏,‏ والدعاوي المغلوطة لتكفير المجتمعات‏'‏ مرجعا ذلك إلي‏'‏ غياب الخطاب الديني المستنير من رجال الأزهر والكنسية‏'‏ مطالبا بخطاب‏'‏ ديني يدعمه نظامنا التعليمي وإعلامنا وكتابنا ومثقفونا‏,‏ يؤكد قيم المواطنة‏,‏ وأن الدين لله والوطن للجميع‏,‏ و ينشر الوعي بأن الدين هو أمر بين الإنسان وربه‏,‏ وأن المصريين بمسلميهم وأقباطهم شركاء وطن واحد‏'‏ و كان سيادته قد قال في كلمته منذ أيام بمناسبة الاحتفال السنوي بعيد العلم في مصر‏'‏ أسارع بتأكيد أن عقلاء هذا الشعب ودعاته ومفكريه ومثقفيه وإعلامييه يتحملون مسئولية كبري في محاصرة الفتنة والجهل والتعصب الأعمي و التصدي لنوازع طائفية مقيتة تهدد وحدة مجتمعنا وتماسك أبنائه‏'.‏
التكليف إذن موجه إلي مفكري و مثقفي مصر و أحسبني منهم للتصدي لنزعات التعصب و الطائفية و التمييز الديني‏;‏ و إذا كان علي الإعلاميين و رجال الدين و عامة المثقفين أن يوجهوا كلماتهم في هذا الاتجاه إلي أبناء الأمة‏,‏ فإن علي المشتغلين بالعلم الاجتماعي مهمة إضافية بحكم تخصصهم تتمثل في توظيف علمهم في تشخيص أبعاد تلك الفتنة تشخيصا علميا ميدانيا دقيقا‏,‏ وتكوين قاعدة معلومات ترصد و تتابع ما يطرأ علي الرؤي المتبادلة بين عامة المسلمين و عامة المسيحيين في مصر‏,‏ دون التركيز فحسب علي قمة جبل الجليد أي أحداث الفتنة الطائفية‏;‏ فمثل تلك الأحداث لا تنفجر فجأة‏,‏ بل إن لها جذورا تضرب في أعماق عمليات التنشئة الاجتماعية لتمتد إلي مؤسساتنا الإعلامية والتعليمية والدينية بحيث يصبح المناخ محتقنا جاهزا للاشتعال الطائفي فور حدوث الشرارة‏;‏ و من ثم فإن توفير مثل تلك القاعدة من المعلومات يساعد علي استباق أحداث الفتنة الطائفية قبل وقوعها‏,‏ فضلا عن معالجة جذورها الدفينة ولعلي لا أتجاوز حدودي حين أقول باعتباري ضمن من تتجه إليهم دعوة بل تكليف السيد الرئيس‏:‏ إننا نحن المشتغلين بالعلم الاجتماعي نواجه عقبة تحول بيننا وتلبية هذا التكليف بالشكل الذي تقتضيه الأمانة و الوطنية‏,‏ و أن انصراف غالبية المشتغلين بالعلم الاجتماعي في بلادنا عن إنجاز تلك المهمة الوطنية‏,‏ لا يرجع لنقص في حماسهم‏,‏ أو لقصور في أدواتهم العلمية‏,‏ بل لحاجز منيع يحول بينهم و بين اقتحام مثل تلك الموضوعات التي اعتبرها البعض حساسة إلي حد تفضيل تجاهلها علي الاقتراب منها‏.‏
إننا نفتقد حتي الآن وجود مركز علمي‏,‏ أو وحدة علمية‏,‏ أو حتي برنامج بحثي يهتم باستطلاع الرؤي المتبادلة بين عامة المسيحيين و المسلمين في مصر المحروسة‏,‏ و متابعة تحولات تلك الرؤي‏,‏ بحيث نستطيع التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها‏,‏ فضلا عن رصد مدي انتشارها أو تراجعها‏,‏ و لا يوجد لدينا إحصاء رسمي لأعداد المسيحيين في مصر‏,‏ بل جرت العادة علي أنه حتي في البحوث الاجتماعية الميدانية التي تجري تحت مظلة المركز القومي للبحوث الاجتماعية و الجنائية و كذلك في الغالبية العظمي من رسائل الماجستير و الدكتوراه أن يتم استبعاد بيان الديانة من صحيفة البيانات‏.‏
و قد سبق لي منذ سنوات عديدة في منتصف الثمانينيات أن تقدمت إلي المركز القومي للبحوث الاجتماعية و الجنائية بخطة تفصيلية لإنشاء وحدة علمية لدراسة أنماط السلوك الديني للمصريين و صدر بالفعل قرار بإنشائها‏,‏ و قبل أن تبدأ الوحدة نشاطها أعيد تنظيم وحدات المركز و اختفت من علي خريطته تلك الوحدة‏.‏
لقد أدي ذلك إلي أن أصبحت معلوماتنا جميعا دون استثناء إما معلومات انطباعية شخصية‏,‏ أو معلومات أمنية مجزأة تختص بتفاصيل كل واقعة علي حدة‏,‏ وأصبحت جهودنا في مقاومة التطرف والفتنة جهودا يحكمها رد الفعل بحيث تتصاعد مع الحدث وتخفت بخفوته‏.‏
تري هل ما زال ممكنا تدارك الأمر؟ نرجو ذلك‏!‏

المزيد من مقالات د. قدري حفني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.