تبدو الأزمة النووية الايرانية مرشحة لمواجهة اكبر مع الغرب خلال الايام القليلة القادمة بما ينذر بقرب اندلاع اشتباك مسلح طال امد تهديد واشنطن وحلفائها به مع انتهاج طهران لسياسة حافة الهاوية في اصرار علي فرض ارادتها فيما يتعلق ببرنامجها النووي فقبل ان يلتقط الغرب المتحفز انفاسه بعد اعلان ايران عن تشغيل دفعه ثانية جديدة من اجهزة الطرد المركزي وبدء تخصيب اليورانيوم الي مستوي20% ردا علي رفض الدول الكبري تزويدها بالوقود المطلوب لاغراض بحثية, عاجلت طهران الجميع بالاعلان عن قرب تدشين مفاعل بوشهر وهو أول محطة نووية للطاقة في البلاد بعد تأخير دام سنوات طويلة رغم بدء التخطيط للمشروع قبيل الثورة الايرانية عام1979. سلاح التحدي الذي اعتادت ايران علي اشهاره في وجه الدول الكبري خاصة عقب اية عقوبات جديدة تفرض عليها اصبح يثير الدهشة مع كثير من الريبة والغموض حول جدية الغرب في فرض ارادته بتقليم اظافر طهران نوويا وعسكريا دون ان يسلم المراقب للازمة من وساوس تثير لديه تساؤلات حول حقيقة ما تحاول واشنطن تصويره للعالم عن تهديدات ايرانية جدية للامن الاقليمي والعالمي. الحزمة الرابعة من العقوبات الدولية التي فرضت علي ايران في يونيوالماضي وما تلاها من عقوبات امريكية واوروبية مشددة لم تنجح في اقناع نظام الملالي بالدخول في مفاوضات جديه حول برنامجها النووي, فالرد الايراني عادة علي اي تضييق في مجال التبادل التجاري والحصول علي التكنولوجيا والقروض من المؤسسات الدولية وحظر سفر كبارمسئوليها للخارج, يبدو دائما ردا قويا ولا يعكس حقيقة تأثر الاقتصاد الايراني بالعقوبات وتراجع معدل النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم والبطالة وتدني عائدات البترول والغاز. قد تكون واشنطن نجحت في حشد الدول الكبري في مجلس الامن وتحييد تلك التي ترتبط بمصالح مع طهران لصالح فرض حزمة العقوبات الاخيرة, لكن من الواضح ان ايران لا يحول شيء بينها وبين هدف الوصول الي مستوي تخصيب90% لليورانيوم مما يعني الحصول علي السلاح النووي خلال اشهر قليلة بعد وصولها حاليا لمستوي تخصيب20% لأن التخصيب عند مستوي منخفض هوالأكثر استهلاكا للوقت ويعد المرحلة الصعبة كما سيثير امتلاكها لاول محطة نووية نشوة الانتصار والرغبة في استكمال المسيرة, الامر الذي يبعث برسائل تأكيدية لواشنطن بأن العقوبات لن تغير سلوك طهران ولن تثنيها عن استكمال طموحاتها النووية بعد فشلها في احتواء نفوذ ايران الاقليمي اوتقويضها من الداخل بسبب عدم التزام بعض الدول بتنفيذ العقوبات لتأثر مصالحها ومحاولة بعضها الالتفاف حولها وهو ما يطرح خيارين لن يخرج استقراء مستقبل المواجهة عن احداهما, اولهما: رهان ايران علي بقاء الوضع علي ما هوعليه اعتمادا علي ان سريان العقوبات بشكل فعلي مؤثر وسيستغرق وقتا طويلا, ويكفي للتدليل علي ذلك ان بعض الدول لم تلتزم الا مؤخرا بالحزمة الثانية من العقوبات علي طهران, ثانيهما:احباط واشنطن واضاءتها الضوء الاخضر لضرب ايران منفردة اوبغير ذلك.