يمثل كتاب عودة السياسة' الحركات الإحتجاجية في مصر' والذي حررته دكتورة دينا شحاته الباحثة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية متابعة دقيقة وجادة لتوصيف وتحليل للتطورات السياسية التي باتت مشهدا ثابتا ومتكررا في مختلف المناسبات وبين مختلف الفئات العمرية والقطاعات المهنية منذ بداية الألفيةالثالثة. وبحسب الكتاب الذي شارك فيه عدد كبير من الباحثين المهتمين والمتابعين للحياة السياسية في مصر فإن عودة الحركات الإحتجاجية وعودة الشباب إلي العمل السياسي ترجع إلي عدة تطورات دولية وإقليمية ومحلية مهمة, كان أهمها علي المستوي الإقليمي انتفاضة الأقصي عام2000 والتي أسفرت عن تأسيس اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية والتي أصبحت نموذجا للعديد من الحركات اللاحقة من حيث الهيكل التنظيمي المرن وانفتاحها علي جميع التيارات, وتركيزها عل العمل الإحتجاجي المباشر بعيدا عن الأطر المؤسسية, ومع غزو العراق ظهرت حركة20 من مارس المناهضة للغزو الأمريكي للعراق, وكذلك الحملة الشعبية لمناهضة الصهيونية والإمبريالية. إلا أن المردود الأهم والأقوي لاحتلال العراق هو تحول الأنظار للشأن الداخلي وتحديدا الإصلاح السياسي والدستوري لتبرز عدة حركات مطالبة بالإصلاح كان أهمها الحركة المصرية من أجل التغيير كفاية والحملة الشعبية للتغيير الحرية الآن.. واتسمت تلك الحركات بأنها نشأت بعيدا عن الأطر الحزبية والنقابات والاتحادات والجماعات الدينية وتبنت أطرا تنظيمية مرنة اتسمت بالديمقراطية واللامركزية, كما اتخذت شكلا تحالفيا عابرا للإيديولوجيات. اتخذت من الشارع فضاء رئيسيا للتعبير عن مطالبها. واعتمدت إلي حد كبير علي تكنولوجيا المعلومات كوسيلة اتصال والتي ساعدتها في استقطاب عدد كبير من الشباب المستقل والذي لا ينتمي لتوجه سياسي أو حزبي حيث اعتمدت علي البريد الإليكتروني ورسائل المحمول والمدونات والفيس بوك كوسائل للتعبير والتعبئة والحشد والتنظيم مما ساعدهم علي التحرك باستقلالية وساعدهم علي تجاوز العديد من القيود المفروضة علي حرية التعبير والتنظيم, فعلي سبيل المثال اعتمدت حركة شباب6 إبريل علي أدوات الاتصال الحديثة والإنترنت بشكل شبه كامل في تأسيسها وتنظيم فاعلياتها. ومن أبرز نتائج هذه الحركات انها تعد بمثابة عنصر مؤثر ساهم في خلق وعي الطبقة العاملة في مصر حيث يسعي العمال والموظفون للمرة الأولي منذ ثورة يوليو إلي تنظيم أنفسهم بعيدا عن أجهزة الدولة مما قد يؤسس لنمط جديد من العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في مصر في المرحلة المقبلة. ويشير الكتاب إلي أن تلك الحركات اتسمت أيضا بعدم تسييس القضايا, وينبع ذلك من إدراك حقيقي وواع بإلحاح المطالب الاقتصادية والإجتماعية, فهي تجيد التعبير عن مطالبها كما كان الوضع في قضية أجريوم وموظفي الضرائب العقارية, وقضية عمال المحلة حيث إن تحرك هذه الفئات يأتي بوحي من مصالحهم المباشرة.