لاشك ان عقد القمة الإفريقية بصورة دورية يعد انجازا مهما في تاريج العمل الإفريقي بالقارة السمراء خاصة في ظل التحديات التي تواجه القارة مثل استمرار النزاعات والحروب الأهلية في دارفور والصومال ومنطقة البحيرات العظمي. والخلاف الحالي بين دول حوض النيل المنبع والمصب الذي تفجر بعد قيام عدد من دول الحوض بالتوقيع منفردة علي اتفاق اطاري لتوزيع مياه النيل. كل ذلك فضلا عن اتهام المحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور وطلب المدعي العام اعتقاله, فضلا عن مشكلات التنمية والأمراض المتوطنة مثل الملاريا ومرض نقص المناعة ووفيات الأمهات والرضع والأطفال بسبب الفقر والأمراض. وعلي الرغم من ان العنوان الرئيسي للقمة الخامسة عشرة التي عقدت في خيمة ضخمة بمنتجع مونيونيو علي شاطئ بحيرة فيكتوريا بحضور35 رئيس دولة وحكومة إفريقية بالعاصمة كمبالا, جاء تحت عنوان صحة الأمهات والرضع والأطفال والتنمية في إفريقيا فإن التفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة كمبالا قبل أسبوعين من موعد عقد القمة خيمت علي كلمات الرؤساء ورؤساء الوفود في الجلسة الافتتاحية مؤكدين ان الارهاب لامكان له في إفريقيا. الأمر العجيب ان الرئيس الأوغندي موسفيني الذي تستضيف بلاده القمة انتقد بشدة العنوان الرئيسي للقمة وهو صحة الأمهات والرضع والأطفال والتنمية موضحا انه كان يمكن مناقشة هذا الموضوع ضمن امور اساسية أخري مثل تنمية الموارد البشرية والهياكل الأساسية للتنمية, متسائلا كيف يمكن ان نتحدث عن صحة الأم دون الحديث عن التنمية؟ وتابع بينما لاحت في لهجته ملامح تهكم مبطنة انه لايمكن تحقيق تحول اقتصادي في القارة الإفريقية في ظل نقص الكهرباء, مشيرا إلي ان نصيب الفرد من الكهرباء في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر من14 ألف كيلو وات بينما نصيب الفرد في الدول الإفريقية9 كيلو وات ساعة. لافتا إلي مشكلة التفاوض مع وكالات الإقراض الخارجية حيث يستغرق التفاوض علي بناء سد واحد أكثر من15 عاما من المفاوضات. علي الجانب الآخر شهدت الجلسات المغلقة بحسب مصادر مطلعة خلافات حول مشروع القرار الذي تقدمت به الجماهيرية الليبية الخاص بتحويل مفوضية الاتحاد إلي سلطة الاتحاد الإفريقي ومايتعلق بمسألة تعيين مفوض للشئون الخارجية ومفوض للدفاع كخطوة نحو اعلان قيام الولاياتالمتحدة الإفريقية, فقد حدث انقسام ربما لأول مرة بين مجموعتي الساحل والصحراء23 دولة التي تؤيد المقترح الليبي والذي يدفع به الرئيس الليبي معمر القذافي الذي كان حضوره لافتا لاهتمام وسائل الإعلام المختلفة ومجموعة دول الجنوب الإفريقي والشرق السادك التي تري ان هذا الأمر الذي يحتاج لكثير من الوقت لدراسته, تمت الموافقة علي رفضه إلا ان الرئيس القذافي طلب ادراجه علي جدول اعمال القمة المقبلة. اللافت للنظر ان دول الساحل والصحراء التي عقدت قمتها قبيل القمة الإفريقية بأيام في تشاد وبتشجيع من ليبيا سعت خلال قمة كمبالا إلي حث الدول الإفريقية علي تحويل الاتحاد إلي سلطة, وهو ما طرحه الرئيس التشادي إدريس ديبي, الأمر الذي رفضه رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي باعتباره يمثل مجموعة دول الجنوب والشرق. ومن جانبه, أكد وزير الخارجية المصرية أحمد أبو الغيط ان التحرك نحو الوحدة يجب ان يكون متدرجا ومن خلال خطوات محسوبة جيدا وتحظي بالاجماع وتكون قابلة للتنفيذ حتي لاتظل حبيسة الادراج, مشيرا إلي استمرار مصر في سعيها من اجل تحقيق توافق إفريقي حول موضوع سلطة الاتحاد يسمح بإنشاء هذه السلطة في اقرب وقت لدفع وتيرة الوحدة الإفريقية المنشودة. وحول تقييمه لنتائج القمة عبر أحمد أبو الغيط وزير الخارجية عن رضا مصر عما اسفرت عنه القمة الإفريقية في كمبالا وعن محتوي الإعلان الصادر عن القمة. فمصر تؤمن بضرورة ان يكون الإنسان هو محور التنمية, مشيرا إلي ان القمة اتاحت لمصر استعراض تجربتها الخاصة في تحقيق الأهداف الانمائية للألفية علي صعيد صحة الامهات والأطفال والتي تضعها في موقع يتيح لها تبادل الخبرات مع دول القارة. ولفت وزير الخارجية إلي أن نتائج القمة بالنسبة لمسائل السلم والأمن في إفريقيا تعد إيجابية ومرضية وتتوازي مع مواقف مصر الثابتة خاصة فيما يتصل بتطورات الاوضاع في كل من السودان والصومال. وأشاد الوزير بالمساندة البناءة للدول الإفريقية الشقيقة للطرح الذي قدمته مصر حول تعزيز التعاون والحوار واحترام التنوع في مجال حقوق الإنسان. وفيما يتعلق باصلاح الأممالمتحدة يشير وزير الخارجية إلي ان قمة كمبالا تمسكت مجددا بالموقف الإفريقي الثابت المتضمن في توافق أوروليني وإعلان سرت, بشأن المطالبة بمقعدين دائمين علي الأقل لإفريقيا في مجلس الأمن الموسع يتمتعان بجميع المزايا والحقوق بما فيها حق النقض, ومقعدين إضافيين غير دائمين. أخيرا يمكن القول ان القمة الإفريقية في كمبالا جاءت قمة عادية في موضوعاتها وجدول أعمالها وغاب عنها الخبر وربما غلب عليها الانقسام بين مؤيد لسلطة الاتحاد وبين معارض لها علي طول الخط.. فهل تحمل القمة المقبلة المقرر عقدها نهاية العام الحالي في أديس أبابا جديدا!