استقرار مؤقت ل أسعار الذهب اليوم 22 نوفمبر في سوق الصاغة.. تفاصيل    عصابات ويجب عودتهم إلى حيث أتوا، ترامب ينهي الحماية المؤقتة للصوماليين في مينيسوتا    لليوم الرابع، غلق الطريق الإقليمي بالخطاطبة في المنوفية بسبب الشبورة الكثيفة (صور)    دافع عن خطيبته من متحرش.. فشوه المتهم وجهه وجسده بساطور    تعريفة ثابتة ولون موحد للمركبات البديلة للتوك توك قريبًا.. تفاصيل    حين صدحت مصر بصوتها.. حكاية «دولة التلاوة» كما رواها الناس    فانس: أي سلام بأوكرانيا يجب أن يرضي الطرفين... والرهان على السلاح والعقوبات "وهم"    سارة الشامي بفستان كلاسيكي أنيق في ختام مهرجان القاهرة السينمائي    الكشف الطبي على 5 أطفال في واقعة التعدي عليهم داخل مدرسة دولية بالسلام    قرار قضائي جديد بشأن المتهم بسرقة سيدة بالعجوزة    الاتحاد الأوروبى يدعو طرفى القتال فى السودان لاستئناف المفاوضات    ضباب وشبورة كثيفة.. «الأرصاد» تحذر من الساعات المقبلة    أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض في السوق المصرية    بعد تصديق الرئيس.. تعديلات قانون الإجراءات الجنائية نقلة حقيقية في ملف حقوق الإنسان    جدول مباريات اليوم حول العالم: مواجهات قوية في أوروبا وإفريقيا    البث المباشر لمباراة ليفربول ونوتنجهام فورست في الدوري الإنجليزي    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    بيسكوف: مستوى اتصالات التسوية بين موسكو وواشنطن لم يحدد بعد    رئيس المدينة اكتشفه بالصدفة، هبوط أرضي مفاجئ أمام مستشفى ميت سلسيل بالدقهلية (صور)    برنامج «دولة التلاوة» يعيد لمة العيلة المصرية على شاشة واحدة    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم حي الضاحية في نابلس شمال الضفة الغربية    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    صافي الأرباح يقفز 33%| بنك البركة – مصر يثبت قوته المالية    حدد الموعد، رئيس الاتحاد الفرنسي يتحدث عن اقتراب زيدان لتدريب منتخب الديوك    من 18 إلى 54 ألفًا.. زيادة تعجيزية تهدد مصدر رزق مزارعي بهادة بالقليوبية    محمد التاجي: لولا تدخل السيسي ل"طبل" الجميع للانتخابات وينتهي الأمر دون كشف التجاوزات    محمد موسى يهاجم الجولاني: سيطرتك بلا دور.. والسيادة السورية تنهار    أبرزها وظائف بالمترو براتب 8000 جنيه.. «العمل» توفر 100 فرصة للشباب    تطورات مثيرة في قضية سرقة عصام صاصا للحن أغنية شيرين    التوقعات السامة| خبيرة أسرية توضح كيف تحول الزواج لعبء على المرأة    استشارية: خروج المرأة للعمل لا يعفي الرجل من مسؤولية الإنفاق أبدًا    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    الصورة الأولى لعروس المنوفية التي لقيت مصرعها داخل سيارة سيارة الزفاف    مداهمة مفاجئة تكشف الإهمال.. جمعية زراعية مغلقة وقرارات حاسمة من وكيل الوزارة    شيكو بانزا يوضح سبب تأخر عودته للزمالك    مصطفى حجاج يكشف حقيقة الخلاف بينه وبين هاني محروس    ترامب: نعمل مع لبنان لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ونمارس ضغوطًا لنزع سلاح حماس    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الأحد في الدوري الممتاز    مارسيليا يتصدر الدوري الفرنسي مؤقتا بفوز ساحق على نيس    إعدام كميات كبيرة من الأغذية والمشروبات غير الصالحة بالمنوفية    أخبار × 24 ساعة.. السياحة: 1.5 مليون سائح ألمانى زاروا مصر منذ بداية 2025    اكتشاف عجز 44 طن سكر داخل مضرب بكفر الشيخ.. وضبط أمين المخازن    محمد أبو سعدة ل العاشرة: تجميل الطريق الدائري يرتقى بجودة حياة السكان    صلاح بيصار ل العاشرة: أحمد مرسي علامة كبرى في الفن والأدب السريالي    مسئول إسرائيلى: سنحصل على الشرعية لنزع سلاح حماس إذا لم ينجح الأمريكيون    أحمد حسن يكشف أسباب عدم ضم حجازى والسعيد للمنتخب الثانى بكأس العرب    محلل أداء الأهلى السابق: الفريق استقبل أهدافا كثيرة بسبب طريقة لعب ريبيرو    11727 مستفيدًا في أسبوع سلامة الدواء بالمنوفية    نصر عبده: إعادة الانتخابات تصحح الصورة الدولية.. ومصر تأتي ببرلمان يريده الشعب    رئيس جامعة المنيا يناقش إعداد الخطة الاستراتيجية للجامعة 2026–2030    جعجع: لبنان يعيش لحظة خطيرة والبلاد تقف على مفترق طرق    عالم بالأوقاف: الإمام الحسين هو النور المكتمل بين الإمامة والنبوة    البابا تواضروس الثاني يلتقي مقرري اللجان المجمعية    شوقي علام حول التعاملات البنكية: الفتوى الصحيحة تبدأ بفهم الواقع قبل الحكم    كيف يؤثر تناول السكر على مرضى السكري وما الكمية المسموح بها؟    «الزراعة» تواصل حملاتها لحماية الثروة الداجنة    جامعة بنها ومؤسسة حياة كريمة ينظمان قافلة بيطرية بمنشاة القناطر    الجالية المصرية بالأردن تدلي بأصواتها في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النار تحت الرماد‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 08 - 2010

تخيل نفسك وأنت في الربع الأخير من عمرك‏..‏ وقد اشتعل الرأس شيبا أو حتي في عز شبابك وأنت تقود سيارة تجري بسرعة‏,‏ أو هاربا بها في حواري تتعرج وتتلوي كثعابين سحرة موسي‏..‏ والليل سادل أستار الغموض مرتديا عباءة الخوف‏..‏ وفي المقعد الخلفي يرقد اثنان غائبان تماما عن الوعي‏..‏ صاحبنا أدهم ورفيقته في عالم الضباب الأزرق التي اسمها ساندرا‏.‏
والاثنان للتو واللحظة والساعة قد تم حقن شرايينهما بحقنتين هيروين معتبرتين من يد سرنجة المعلم ربع قرش‏..‏ وهذا هو اسمه في عالم الإدمان والمدمنين في الباب الأخضر‏!‏
هكذا كان الحال بي في ليلة ليلاء لا تنسي ولن تنسي‏..‏
وصلنا والحمد لله والليل ساترنا إلي بيت أستاذة الجامعة وأم سي أدهم‏,‏ والتي عاونتها في حمل ورفع الغائبين عن الوعي من المقعد الخلفي للسيارة‏..‏ إلي باب الفيللا الغارقة في الظلام‏..‏ حتي أرقدناهما وهما مازالا غائبين عن الوعي علي كنبتين من كنبات الصالون الكبير‏!‏
ولأنه لم يعد لي مقام وسط هذا الجو الكئيبة سحنته الكريهة نهايته‏..‏ فقد استأذنت في الانصراف تاركا الخروج من هذا المأزق الصعب بين يدي أستاذة الفارماكولوجي‏..‏ أي علم الأدوية‏..‏
وإن كانت هي الآن وابنها راقد بلا حراك تحت تأثير جرعة المخدر اللعينة حزينة كل الحزن‏..‏ ولو سألتها لقالت لك دون تردد‏:‏ أنا أتعس إنسانة علي وجه الأرض‏!‏
تركتها علي وعد منها أن ترسل أدهم إلي أبيه في الخارج لكي يدخله وهو قادر إحدي المصحات التي تعالج الإدمان بجد وليس بهزل‏,‏ كما يحدث عندنا‏..‏ وياريت كمان يعمل معروف ويأخد مع أدهم السنيورة ساندرا بالمرة تتعالج برة‏!‏
قالت‏:‏ بس دي بنت غلبانة؟
قلت‏:‏ وعشان كده نكسب فيها ثواب‏!‏
‏..............‏
‏..............‏
لأنني موعود بالعذاب ومكتوب علي الشقاء والبلاء والضني والسهد وحفظ كتاب المتاعب المقرر علي طوال حياتي من الجلدة للجلدة‏..‏ فقد فاجأتني المدعوة ساندرا التي كانت اسمها عند أمها وأخواتها في حارة نجاتي في درب شكمبا الذي خرج منه الأسطي عمارة أحد أبطال رواية الليلة الكبيرة الموجوعين في بلدنا عمنا صلاح جاهين‏..‏ فاجأتني باقتحام مكتبي في الصباح باعتبارنا قد أصبحنا أصحاب ورفاق درب وطريق في أنصاص الليالي‏..‏ ألم أحملها في سياراتها مع صديقها وزميلها في الجامعة وفي هم الإدمان اللعين المدعو أدهم‏..‏ وهي فاقدة الوعي تماما‏..‏
لأول مرة أشاهدها تضحك وهي تطل علي من باب حجرتي وتقول لي‏:‏ أجمل صباح‏..‏
قلت لها وأنا أدعوها للجلوس‏:‏ ما نتي بتعرفي تضحكي زينا؟
قالت‏:‏ موش كتير‏..‏
قلت لها‏:‏ قوليلي إزاي قدرتي تتخلصي من حالة التوهان الطويلة بعد حقنة الهيروين‏..‏ وإيه اللي رماكي علي المر؟
قالت وهي تطلب من عبدالنبي كاتم اسراري وأعظم من يصنع فنجان قهوة في مكتبي أن يلحقها بواحد مضبوط‏:‏ اللي أمر منه ياسيدي‏!‏
قلت‏:‏ احكي لنا من غير نبرة إشفاق وانكسار‏,‏ ومن غير لف ودوران‏.‏
قالت‏:‏ علي إيه لف ودوران‏..‏ أنا بنت من اللي بيقولوا عليها الأيام دي بنت بيئة‏..‏ يعني تربية حواري بعيد عنك‏..‏ وأنا كده برضه‏..‏ لكن بعون الله أقدر أغلب عشرة رجاله مع بعض موش في الضرب‏..‏ لكن في الشطارة والفهلوة والحداقة والفتاكة‏..‏ قول زي ما أنت عاوز‏..‏ ماحدش يقدر يغلبني في السوق أبدا‏..‏ الوحيد اللي قدر عليا هو الملعون بعيد عنك اللي اسمه داء البودرة‏!‏
قلت‏:‏ تقصدين الهيروين؟
قالت‏:‏ أيوه وهو ألعن نوع من الإدمان وأغلاها وأخطرها‏..‏ تدمنه من أول مرة‏..‏ ولا فرار منه ولا فكاك إلا في مصحات بلاد برة بس‏!‏
أسألها‏:‏ وتعرفتي علي البلوة السودة ده امتي وفين وليه؟
قالت‏:‏ مكتوب عليا كده‏..‏ ربنا عاوز كده‏..‏ أنا أبويا فرارجي يعني بياع فراخ كسيب وشاطر لحد ما جت الدولة وقطعت عيشنا بدسيسة اسمها إنفلونزا الطيور‏..‏ بعنا نص البيت اللي ورثه أبويا عن جده واشترينا ثلاجة وبقينا نبيع فراخ مجمدة‏..‏ الدنيا راقت وبقت نغنغة‏,‏ ودخلت أنا الجامعة الأمريكية حقه واحدة‏..‏ عشان أقابل أدهم البوي فرند بتاعي‏..‏ معرفش اتلطش في دماغه عشان يحبني إزاي ما أعرفش‏..‏ وأنا بنت كده تربية حواري‏..‏ وانغرزنا إحنا الاثنين في وقت واحد في المدعوق إللي اسمه الإدمان‏..‏ حاجة ورا حاجة‏..‏ وحاجة تجر حاجة‏..‏ لحد أما وصلنا إلي سلطان مملكة الإدمان المدعوق الهيروين‏!‏
أسألها‏:‏ وبتصرفي علي الجرعة منين بس؟
قالت‏:‏ البركة في الواد أدهم بنقسم التذكرة سوا‏,‏ والحقنة هو يأخذ نصها وأنا نصها‏.‏
قلت‏:‏ وأمه الدكتورة تدفع؟
قالت‏:‏ عشان ابنها ما يروحش في شربة مية‏!‏
قلت لها‏:‏ تسمحي لي بسؤال يا ست ساندرا‏..‏ انت موش كان اسمك سيدة؟
قالت‏:‏ ولسه في شهادة الميلاد سيدة‏!‏
قلت‏:‏ طيب ومين سماكي ساندرا؟
قالت‏:‏ مامة أدهم‏..‏ قالت لي سيدة دي اسم بلدي قوي‏..‏ انت من النهاردة اسمك ساندرا‏..‏ وما تسألنيش إزاي دخلوني الجامعة مع ابنها أدهم وأنا اسمي سيدة وبنت بلدي كده‏..‏ هو أنا ماليش نفس يعني واللا إحنا ما نشبهش‏!‏
أسألها‏:‏ وإيه آخرتها‏!‏
قالت‏:‏ حنسافر أنا وأدهم نتعالج في مصحات برة‏..‏ قول ياكريم‏!‏
‏...............‏
‏...............‏
هل تريدون أن تزدادوا غما فوق غم جنون الأسعار التي انفلت عيارها ولا أحد يتدخل‏..‏ ولا أحد يوقظ حكومتنا الإلكترونية الذكية من سابع نومة لكي تتحرك وتعمل حاجة ونحن مقبلون علي الشهر الفضيل‏..‏ وأن تجري وراء الفقر لكي تقتله قبل أن يقتلنا‏,‏ وقد اغتال بالفعل‏17%‏ من سكان مصر أصبحوا في الحضيض‏+31%‏ سكنوا منذ زمان تحت خط الفقر‏!‏
هل تريدون أن تعرفوا ماذا فعل الإدمان بشبابنا رصيدنا في بنك المستقبل؟
الأرقام مخيفة ومرعبة ولا تكاد تصدق من فرط ما ترسله إلي صدورنا من ألم وحسرة‏..‏ وإلي أفواهنا من صيحات رعب وخوف‏..‏
من يصدق أن نحو‏17%‏ من شبابنا الذين يدرسون في الجامعات قد وقعوا تحت سيف الإدمان؟
والرقم قديم لم يتحرك من مكانه منذ نحو عشر سنوات‏..‏ لأن مراكز الأبحاث عندنا لم تجتهد ولم نتعب أنفسنا في إحصاء جديد‏!‏
من يتصور أن كشوف المدمنين الغارقين في دخان الحشيش والبانجو‏..‏ والمستنشقين لتذاكر الهيروين والكوكايين‏..‏ والمرشقة أذرعهم بحقن الماكستون فورت وأبوصليبة‏..‏ تضم نحو سبعة ملايين مدمن‏..‏ وهو رقم يقترب من نصف عدد الذين يعملون في مصر ويشيلون البلد فوق رأسهم؟
من يصدق أنه قد أصبح لدينا نحو‏50‏ ألف قضية مخدرات في العام الواحد؟
من يصدق أنه قد أصبح حجم تجارة المخدرات في مصر يقترب من رقم ثلاثين مليار جنيه في السنة؟
وللذين يعلمون والذين لا يعلمون‏..‏ فإن طائر الليل الأسود الذي اسمه الإدمان‏..‏ لم يحلق فوق رءوسنا نحن المصريين وحدنا‏..‏ ولكنه يحلق فوق الكرة الأرضية كلها‏..‏ ناشرا الخراب والدمار والموت فوق رءوس ما يزيد علي مليون مدمن في العالم كله‏!‏
من بينهم إذا أردنا مزيدا من التفاصيل المرعبة‏144‏ مليون إنسان يشربون الحشيش‏+13‏ مليونا يتعاطون الأفيون‏+14‏ مليونا يستنشقون الكوكايين‏+9‏ ملايين اختاروا الهيروين رفيقا وصديقا وقاتلا في الوقت نفسه‏..‏
ولا ننسي‏29‏ مليون إنسان يتعاطون المنشطات والحبوب المخدرة وحبوب الهلوسة والجنون المؤقت‏..‏
وإذا كنا نحن في مصر نصرف علي الكيف والإدمان والضياع وسحق العقول وتدمير الوجدان والدخول في عالم الهلوسة والجريمة والقتل‏..‏ تحت تأثير المخدر‏..‏ نحو عشرة مليارات جنيه في السنة ويزيد‏.‏
فإن العالم كله يصرف نحو‏40‏ مليار دولار علي هذا الكيف المرعب‏..‏ وهذا الرقم يمثل حجم تجارة المخدرات غير المشروعة في العالم الآن‏,‏ كما شرح لنا اللواء محمد عباس منصور الخبير العالمي في المخدرات ومستشار الأمم المتحدة‏,‏ فإن هذا الرقم يمثل‏8%‏ من حجم التجارة العالمية‏.‏
‏..................‏
‏..................‏
هل جربت شراء السلوان؟
وقد يسأل خبيث من الخبثاء وما أكثرهم في زماننا النكدي هذا‏:‏ ما هو مشوار الإنسان المصري عبر تاريخه الطويل مع الإدمان؟
يحضرني هنا ما قاله هوميروس الشاعر الإغريقي قبل نحو تسعة قرون من ميلاد السيد المسيح في أشعاره في الإلياذة الشهيرة‏:‏
إن الأميرة اليونانية هيلين طروادة كانت تقدم شرابا اسمه شراب السلوان إلي الأمير اليوناني فلي ماكوس لكي تنسيه همومه لخسارته الحرب أمام هانيبال العظيم‏,‏ وأن هيلين اليونانية الجميلة قد حصلت علي هذا الشراب الذي يذهب بهموم الدنيا من أميرة مصرية اسمها تون وما جاء في نص أشعار هوميروس‏:‏
امرأة من مصر‏..‏ من الأرض الطيبة الخيرة التي لا تتوقف عن العطاء والتي تمنح بسخاء عشبا أخضر‏,‏ قليل منه فيه الشفاء وكثير منه فيه الهلاك‏.‏
وأذكر أنني قرأت للمؤرخ اليوناني الذي عاش في مصر وبالذات في الإسكندرية واسمه تيودور الصقلي أنه قال‏:‏
لقد كانت نساء طيبة يشربن شراب السلوان الذي يذهب الحزن والغضب‏.‏
وشراب السلوان هنا لم يكن مستخلصا من الحشيش‏,‏ ولكنه كان مستخلصا من الأفيون الذي يبدو أنه كان معروفا في مصر قبل عصر هيلين طروادة‏.‏
وفي كتابه العظيم الموثق‏(‏ جريمة تعاطي المخدرات في القانون المقارن‏)‏ يقول الدكتور محمد فتحي عيد تحت عنوان التطور التاريخي لمشكلة المخدرات في مصر‏:‏ لقد عرف المصريون القدماء نبات الخشخاش الذي يصنع منه الأفيون في وقت مبكر جدا‏,‏ هذا ما جاء في كتب المؤرخ صابر جبرا وكان دليله ما يلي‏:‏
‏1‏ إنه عند اكتشاف إحدي المقابر الفرعونية للأسرة الثامنة عشرة عثر بداخلها علي مرهم زيتي يحتوي علي المورفين‏.‏
‏2‏ عند التنقيب عن الآثار في وادي الملوك عثر الأثريون علي قرصين ذهبيين علي شكل كبسولة نبات الخشخاش‏.‏
‏3‏ عثروا علي زهور وأوراق نبات الخشخاش حول مومياء فرعونية من الأسرة الحادية والعشرين‏,‏ وذلك في أكاليل الزهور‏.‏
‏4‏ إن المصريين كانوا يسمون الخشخاش باسم نبات‏(‏ شين‏),‏ كما أن الأفيون قد ذكر‏22‏ مرة في أوراق البردي‏.‏
‏5‏ كان المصريون يستخدمون الأفيون أساسا في علاج أمراض العيون وكمراهم لعلاج أمراض الجسم‏,‏ بل إن مصطلح‏(O.P.L.U.M)‏ قد استخدمه المصريون في العصرين اليوناني والقبطي‏,‏ وقد أخذه عنهم الغرب‏.‏
‏6‏ في كتاب مصر والحياة المصرية في العصور القديمة لمؤلفه أدون هيرمان‏:‏
إن المصريين كانوا يستخدمون نبات شين أو الخشخاش كدواء لتهدئة صراخ الأطفال‏.‏
‏7‏ أما المؤرخ كلودوا جالين الذي جاء في القرن الثاني بعد الميلاد فإنه يقول‏:‏
إن الإله المصري موت هو الذي علم الجنس البشري كيف يستمتع بالأفيون‏.‏
‏8‏ وقد عثر الأثريون في مقبرة المهندس شا الذي عاصر الملك أمنحتب الثاني علي إناء بداخله زيوت دخل في صناعتها الأفيون‏.‏
‏9‏ وفي كتابه لمحة عامة إلي مصر يقول كلوت بك‏:‏
إن الحيثيين الذين كانت لهم حروب طويلة مع رمسيس الثاني انتهت بأول معاهدة سلام في التاريخ بين مصر وبينهم كانوا يشربون الحشيش في حفلاتهم الدينية‏.‏
‏10‏ يقول عمنا المقريزي المؤرخ المصري العظيم الذي عاش في بلدنا قبل نحو خمسة قرون
إن نبات القنب الذي يستخرج منه الحشيش معروف في مصر منذ القدم‏,‏ وأن المصريين قد استخدموه في صناعة الحبال‏,‏ وأنهم لم يستخدموه كمخدر إلا في القرن السابع الهجري بعد أن علمتهم الشعوب الأخري التي جربت الحشيش واكتشفت أنه يبعث علي السعادة والسرور‏!!‏
‏11‏ إنه في عصر المماليك ومع تفشي أنواع من الظلم والخلل الاجتماعي انتشر الحشيش في بر مصر بوصفه باعثا علي طرد اليأس والشعور بأوقات سعيدة طيبة مع أنفاس زرقاء من الحشيش‏,‏ بل راجت زراعته في مصر واشتهرت القاهرة بالذات بزراعته في حي الظاهر والفجالة وباب اللوق‏.‏
‏12‏ أما المؤرخ العربي ابن البيطار فقد وصف الحشيش المصري بأنه مسكر جدا إذا تناول منه المرء قدر درهم أو درهمين‏,‏ وأن الإفراط في تعاطيه يؤدي إلي الجنون وقد يؤدي إلي الموت‏.‏
‏13‏ ويقول ابن إياس المؤرخ المصري المشهور في كتابه بدائع الزهور‏:‏
إن المماليك قد اعترفوا ووافقوا علي زراعة الحشيش وبيعه وتعاطيه واكتفوا بفرض ضريبة عليه لملء خزينة الدولة بالمال‏..‏ وأن الظاهر بيبرس البطل العظيم قاهر المغول والذي تزوج بأول أميرة منغولية دخلت القاهرة ألغي الضريبة المفروضة علي الحشيش عندما تبين له أضراره علي أهل مصر واكتفي بمصادرة المضبوطات من الحشيش لمن يضبط وهو يبيعه أو يتعاطاه‏!‏
‏14‏ وفي عصر العثمانيين من عام‏1517‏ إلي عام‏1805‏ ميلادية شاع استخدام الحشيش بين الناس بعد التدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي ساد مصر خلال أيامهم‏,‏ حتي إن نابليون بونابرت عندما دخل إلي مصر مع حملته الفرنسية الشهيرة فوجيء بانتشار الحشيش وحتي لا يدمنه جنوده أصدر قرارا في عام‏1800‏ ميلادية بمنع تعاطي الحشيش في مصر‏,‏ وكانت العقوبة أيامها ثلاثة أشهر سجنا ومصادرة الحشيش المضبوط‏.‏
‏15‏ ولكن المؤرخين يقولون لنا إنه عندما جاء محمد علي مؤسس مصر الحديثة طالب بالتوسع في زراعة القنب لصناعة الحبال من نباته ليبني أكبر أسطول حربي لمصر‏,‏ ولكنه عندما علم أن تعاطي الحشيش قد زاد بين العاملين في المصانع الحربية باستخدام بذور القنب‏,‏ أصدر أوامره إلي جميع المديريات في مصر بمنع زراعته إلا أن الفلاحين لم يمتنعوا عن زراعته وكانوا يزرعونه خلسة‏.‏
‏16‏ قرأت في كتاب بناء دولة مصر الذي كتبه الدكتور محمد فؤاد شكري‏,‏ وعبدالمقصود العناني‏,‏ وسيد محمد خليل‏:‏ إن محمد علي وهو تاجر دخان قديم قد توسع في زراعة القنب‏,‏ وتوسع أيضا في زراعة الخشخاش عندما علم من مستشاريه مقدار الشهرة الرائعة التي حققها أفيون طيبة في قديم الزمان استدعي خبراء من تركيا لزراعة الخشخاش في مصر‏,‏ وكان الباشا محمد علي يتولي تصدير الأفيون الناتج من الخشخاش إلي الخارج خاصة إلي الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ والصين لاستخدامه في الأغراض العلمية فقط‏.‏
أما بذور الخشخاش فقد كان يتم عصرها في المصانع لإنتاج زيت المصابيح‏.‏
‏17‏ ويقول الزميل الكبير الأستاذ إبراهيم نافع في كتابه الشامل الجامع كارثة الإدمان‏:‏
إن تقارير مبعوثي الدول الأجنبية في مصر كانت تقول‏:‏ إن الأفيون المصري يعتبر من أهم صادرات مصر حتي إنه في عام‏1834‏ صدرت مصر إلي الخارج أربعين أوقية أفيون إلا أن المصريين برغم هذا الإنتاج الوفير ورخص ثمنه لم يقبلوا علي تعاطي الأفيون‏.‏
‏18‏ كما يقول لنا كلوت بك في كتابه لمحة عامة إلي مصر‏:‏ لقد انتشر تعاطي الحشيش في مصر وراح الخلق يأكلونه ويشربونه ويدخنونه في المقاهي وفي حوانيت خاصة أطلقوا عليها اسم المحاشش‏!‏
‏19‏ أما اللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر فيقول في مذكراته‏:‏
إن مصر لم تعرف أول مكافحة حقيقية ورسمية للمخدرات إلا في عام‏1879‏ عندما صدر الأمر العالي بمنع زراعة الحشيش في مصر ومنع استيراده‏,‏
وقال اللورد كرومر في تقريره عن الحالة العامة في مصر أيامها‏:‏
إن الحشيش لايزال ينزل ويلاته بالقطر المصري‏,‏ وأن‏18%‏ من الذين دخلوا مستشفي الأمراض العقلية سنة‏1903‏ كان جنونهم بسبب تعاطي الحشيش‏!‏
‏..................‏
‏.................‏
مجرد سؤال ليس أكثر‏:‏ كم عدد من أصابهم الداء اللعين في مقتل بعد‏100‏ سنة ويزيد من تقرب اللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر؟
من عنده الجواب فليتفضل‏..{‏
عزيزي تحقيق السبت
‏H‏ أرجو أن يكون أحد موضوعات تحقيقاتكم الجريئة هو ما ورد بجريدة المصري اليوم في عددها الصادر صباح يوم السبت الموافق‏19‏ يونيو‏2010‏ والذي أفاد بأن‏(‏ معاش الابنة سيقطع عند سن‏26‏ سنة مثل الولد‏)..‏
أرجو من سيادتكم أن تتأملوا ما يمكن أن يحدثه هذا التعديل من تدمير في الطبقات الفقيرة والمتوسطة والتي لم يقدر لعائليها أن يتركوا مالا ولا عقارا لبناتهم‏,‏ حيث فهم من الحوار أن القطع قطعي متوقف علي بلوغ سن‏26‏ سنة‏,‏ وبغض النظر عن الحالة الاجتماعية أو الحالة المهنية‏,‏ وفي هذا الصدد فإنني أذكركم بقول سيدنا علي كرم الله وجه ورضي الله عنه وصلي الله عليه وسلم علي ابن عمه خاتم الأنبياء‏,‏ حيث قال‏:‏ لو كان الفقر رجلا لقتلته‏..‏ والرسول الكريم أوصانا بالنساء وقال لنا‏..‏ رفقا بالقوارير‏.‏
‏*‏ قاريء ووالد لابنة بالثانوي ولكنه والحمد لله ميسور الحال حتي الآن
‏**‏ وأقول ل أبوالبنات‏:‏
أنا لا أعرف بالضبط من هو هذا العبقري الذي تفنن وأبدع وقدح زناد فكره‏..‏ ثم قام وصاح فيمن حوله‏..‏ وأنا لا أعرف من هو ولا من هم الذين حوله‏:‏ إيه رأيكم نقطع كمان معاش البنت زي ما قطعنا معاش الولد عند سن السادسة والعشرين‏..‏ موش انتم بتقولوا البنت زي الولد‏..‏ ليه ما تتساواش معاه في قطع الرزق كمان؟
الابنة يا عالم في موضوع المعاش غير الولد تماما‏..‏ الابنة قد تكون مكسورة الجناح لا عائل لها سواء أكانت عانسا لم تتزوج بعد‏..‏ أو مطلقة أو أرملة‏..‏ الابنة طول عمرها غلبانة آخر غلب فما بالكم عندما تصل إلي سن ال‏26‏ دون عائل‏..‏ وكمان عاوزين تقطعوا معاشها يا قطاعين الرزق موش كفاية الغلب وغلب الغلب اللي عايشة فيه الأسرة المصرية؟‏!.

mailto:[email protected]'


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.