في الوقت الذي تبذل فيه كل الجهود لحل مشكلة اتفاقية المياه بين دول المنبع والمصب, والخاصة بمياه النيل, وهذه الجهود تجري علي جميع المستويات بدءا من رئيس الدولة ومرورا بجميع المسئولين تنفيذيين وشعبيين. أقول في ظل هذا الاهتمام الذي يتم تقديرا لخطورة الموقف وأهمية نقطة المياه, يجيء الموقف مخالفا وصادما من المسئولين التنفيذيين من المستويات التالية التي يقع عليها عبء التطبيق..كيف ذلك؟ حكي لي صديقي الذي يملك محلا تجاريا بعمارات الفتح بأبراج الشرطة بمدينة نصر ما حدث له والذي يتعارض مع اتجاهات الدولة علي أعلي مستوي والداعية إلي ترشيد المياه. قال صديقي: قمت في الفترة الماضية بإدخال وصلة مياه خاصة بي لمحلي حتي أوفر علي نفسي مشقة الحصول علي مستلزمات استهلاكي الشخصية وهي بسيطة وكلفني ذلك كثيرا وبعد ذلك ونظرا لاتجاهي في ترشيد الاستخدام كواجب ديني أولا ووطني ثانيا, جاءت الفاتورة طبقا للقراءة الفعلية للعداد خمسة جنيهات, وظلت كذلك لفترة طويلة, نفس المبلغ أو يزيد كثيرا, ولكن فجأة حدث ما لم أكن أتوقعه والذي كان صادما لي, الفاتورة80 جنيها..أي والله ثمانون جنيها! أسرعت شاكيا إلي المسئولين أستغيث, يا قوم العداد سليم وأنتم تعلنون يوميا ان العبرة بالاستهلاك الفعلي, قال لي الموظفون: ادخل للمسئول الكبير بالشركة القابضة لمياه الشرب بمدينة نصر, ودخلت له اعتقادا مني بأنه سينصفني, وسيحقق العدالة المفقودة معي, وكانت إجابته مصيبة تتعارض مع كل ما ينادي به الجميع من أهمية ترشيد المياه, حيث قال: لابد من زيادة الاستهلاك حتي نحصل علي الفلوس فنحن شركة من أهم أهدافنا الربح!! بادرته بسؤال؟: أين استخدم المياه؟ قال: كل يوم افتح الحنفية واترك الخرطوم بعض الوقت حتي يصل إلي قدر معين من الاستهلاك وإلا فسيكون جزاؤك رفع العداد!!