مع قرب موعد إجراء انتخابات مجلس الشعب المقبلة بدأت الأحزاب السياسية استعداداتها لخوض هذه المعركة طمعا في الحصول علي مقاعد تحت قبة البرلمان وتمثيل الشعب. تاركة وراءها دعوات بعض الحركات لمقاطعة العملية الانتخابية التي لن تسفر إلا عن عزلة هذه الأحزاب عن المواطن وحرمانه من حقه في اختيار النائب الذي يراه مناسبا لتمثيله في المجلس. أروقة الأحزاب تمتليء حاليا بالاجتماعات والمناقشات لبحث أفضل الخطط والبرامج التي سينزلون بها الشارع لحصد أكثر عدد من الأصوات يلازمهم في ذلك التفاؤل والإصرار علي حصد المقاعد وإثبات وجودهم في الحياة السياسية وتغيير الخريطة البرلمانية. والشيء الذي يدعو للوقوف عنده هو عدم اقتناع أغلبية الأحزاب هذه المرة بمسائل التنسيق والتحالف بينها أو مع القوي الأخري في الانتخابات, حجتهم في ذلك أنها غير مجدية وأثبتت فشلها في الانتخابات السابقة وأبرزها عام2005 لأن لكل حزب برنامجه وأوضاعه الخاصة. كما أن الأحزاب لديها شعور بأهمية المرحلة الراهنة وتفاؤل كبير بتحقيق مكاسب في هذه الانتخابات بسبب الحراك السياسي الحالي ومساحة الديمقراطية التي يتيحها النظام السياسي. وقال المستشار بهاء الدين أبو شقة مساعد رئيس حزب الوفد للشئون السياسية إن الوفد قوي ومؤهل لأن يكون بجوار الحزب الحاكم ليمثل ديمقراطية حقيقية ولديه مبادئه وثوابته التي تنادي بالحرية, وحق المواطنة وجمع نسيج الأمة تحت شعار الهلال والصليب. ووصف أبو شقة مقاطعة الانتخابات ب العجز السياسي لأن الانتخابات فرصة لأي حزب ليعلن خلالها عن برنامجه والالتقاء بالجماهير, وليس من مصلحة مصر ولا الحزب الحاكم أن نتحول لمرحلة الحزب الواحد حتي لا تكون هناك فجوة تتسرب خلالها الجماعات الإرهابية والسرية لتكون بديلا عن الأحزاب ذات البرامج الواضحة. وأضاف أنه يشعر بأن القائمين علي الحزب الوطني يدركون ذلك جيدا, خاصة في هذه المرحلة ولذلك ستشهد الفترة المقبلة انفراجة ديمقراطية كبيرة ينتج عنها تمثيل صحيح للأحزاب في الحياة السياسية. وقال الدكتور محمد سيد أحمد أمين الشئون السياسية بالحزب الناصري إن الحزب لديه حماس كبير لخوض الانتخابات, حيث تجاوز عدد المتقدمين للترشيح ال50, وذلك لإدراك الناصريين بأهمية المرحلة الراهنة والمشاركة فيها والمؤشرات العامة التي تشير لإتاحة الفرصة للأحزاب للنجاح بعد فشل القوي الأخري في الوصول للمواطن. وأضاف أن الناصري سيدفع بمرشحين أقوياء في نحو17 محافظة, ولن ينسق مع أحزاب أو تيارات أخري لأن انتخابات عام2005 أثبتت فشل التنسيق. ووصف رجب هلال حميدة سكرتير عام حزب الغد ونائبه بمجلس الشعب مقاطعة الانتخابات ب الإفلاس السياسي وقال إنه متفائل بهذه الانتخابات لأن ما تحقق من حراك سياسي خلال السنوات الماضية نقل مصر نقلة كبيرة للحرية والديمقراطية, وعلينا أن نعظم من ذلك, وأن نجني ثماره وأن مستقبل مصر مستقر ومطمئن والاحزاب القادرة علي خوض الانتخابات تستطيع حماية إجراء العملية الانتخابية لأن التزوير لا يأتي من الحكومة بقدر ما يأتي من المرشحين. وعن الدعوة التي أطلقها الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية لمقاطعة الانتخابات ذكر حميدة أنه من الطبيعي أن يردد حرب هذا الكلام ويدعي أن الانتخابات ستزور لأن حزبه ليس لديه قواعد شعبية, ولا آليات ولا يستطيع أن يصدر صحيفة ناطقة بلسانه, وبالتالي يسبق الاحداث ليوجد لنفسه مبررا لمقاطعة الانتخابات. وتساءل حميدة.. هل اكتشف الغزالي الآن أن الانتخابات مزورة؟... ولماذا لم يعلن ذلك عندما كان عضوا في الحزب الوطني؟. ويتوقع حميدة أن تحصل المعارضة في انتخابات الشعب علي نحو120 مقعدا ويحصل المستقلون علي نحو30 مقعدا بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة, حيث يري أنها ربما تحصد8 أو10 مقاعد لأن المواطنين تأكدوا أنها لم تحقق مشروعات حقيقية, ولم يستفيدوا منها رغم نصيبها في المجلس السابق الذي بلغ88 مقعدا, ولذلك سيختار المواطن بديلا عنها في الحياة السياسية. كما توقع حميدة أن يحصل حزب الوفد علي نحو15 مقعدا والتجمع من7 إلي10 مقاعد والناصري علي3 أو4 بشرط وجود أحمد حسن الأمين العام للحزب لأن له شعبية وقادر علي الإمساك بزمام الأمور, وأن يحصد الغد علي8 أو10 مقاعد وأن تحظي بقية الأحزاب الأخري علي مقعد أو مقعدين وسيكون من بينها الحزب الدستوري الحر. وأضاف سكرتير عام حزب الغد أنه يتوقع أن الجماعتين الإسلامية والسلفية سيكون لهما تمثيل في البرلمان, حيث إنهما ستشاركان في الانتخابات علي المستوي الفردي لأنهما ليس لديهما تشكيل شرعي ولا تؤمنان بالعمل الحزبي, وإنما بالمشاركة خاصة بعد تجربة حزبي العمل والأحرار مع الإسلاميين. وأوضح أن الجماعتين لديهما أهداف ومصالح وتعلمان جيدا أنهما لن تحققاها إلا بصفة شرعية, وذلك عن طريق البرلمان مثلما حدث مع قناة الرحمة الفضائية التابعة للشيخ السلفي محمد حسان التي أغلقت فلو كان لدي الجماعة أعضاء بالبرلمان لسعوا ضد اتجاه هذا القرار. وأضاف أن الجماعتين ربما تحصدان5 مقاعد, وأن أبرز المرشحين علي قوائم الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم وكرم زهدي القياديان فيها, وأن الشيخ محمد حسان ربما يترشح عن الجماعة السلفية. وفي الوقت نفسه, ذكر حميدة أن الغد لا يخشي أيمن نور الرئيس السابق لحزب الغد الذي خرج أخيرا من السجن بتهمة التزوير لأن نور فقد شرعيته ووجوده الشعبي واحترق تماما, وهو الآن ينازع نفسه بنفسه بعد أن كشف الشعب المصري ألاعيبه وأكاذيبه وأصبح غير قادر علي ممارسة العمل السياسي بحكم القانون. ومن جانبها أعربت فريدة النقاش القيادية بحزب التجمع ورئيس تحرير صحيفة الأهالي الناطقة بلسان الحزب عن انزعاجها من عدد المقاعد الكثيرة للمحظورة بمجلس الشعب88 مقعدا وعدم تمثيل المعارضة الشرعية تمثيلا مناسبا, لكنها قالت إنها ليست متشائمة من المرحلة المقبلة وتتفاءل بأن تأخذ الأحزاب حقها من هذه المقاعد في انتخابات مجلس الشعب المقبلة حتي تستقيم الخريطة البرلمانية, مشيرة إلي أن هذا هو التوجه العقلاني الذي يجب أن تنهجه الأنظمة الحاكمة. الدكتور والسفير السابق عبد الله الأشعل الذي انضم أخيرا لحزب مصر العربي الاشتراكي ضد المقاطعة ويري أن الأحزاب يجب أن تستعد لخوض المعركة بقوة وتقاوم أية محاولات تعكر صفو العملية الانتخابية ونزاهتها, مشيرا إلي أن من يدعون للمقاطعة يسعون لمصالح شخصية, يتوهمون أنهم سيحصلون عليهم بهذه الضغوط, وذلك في اشارة منه لرئيس حزب حالي كان عضوا في الحزب الوطني ويدعو حاليا للمقاطعة. وأضاف الأشعل أنه يعتقد أن المحظورة لا ترغب في مقاطعة الانتخابات لأن ذلك لا يصب في مصلحتها, فهي تتحصن بالجمعية الوطنية للتغيير التي يتزعمها الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية الدولية, وتحاول أن تحقق أكبر قدر من المكاسب رغم أنها ليس لديها فكر أو كوادر سياسية, لكنها تشعر بالمطاردة والاضطهاد من النظام وتريد تفريغ ذلك في جهة أخري.