كان بريد الجمعة9 يوليو الجاري بعنوان المعتقل.. تجربة إنسانية مريرة ومثيرة.. بطلتها سجينة الذكريات المؤلمة عن سوء معاملة الوالدين لبعضهما وللأبناء.. واكتملت الدراما بزوج متقلب المزاج.. حاد الطباع.. سلطوي النزعة.. مما رسخ قناعتها بأنها منكوبة وسيئة الحظ.. استبدلت النار بالرمضاء.. بعدما تبدد حلمها في زوج منقذ.. مهذب وحنون! وضاعف من احباطها كونها خيالية ذات عاطفة انثوية.. حركتها محكومة بتوارد الخواطر.. وبما يسمي في السينماFlashBack فتتجدد الأحزان والمواجع بالاستغراق في تراكم الذكريات.. تجربة نفسية مريرة يلزمها الخروج من ظلمتها إراديا.. علي أساس أن ما لا يتحقق كله لا يصح أن يضيع كله.. وأيضا إذا لم يكن ما نريد.. فلنرد ما يكون.. ثم ننطلق منه إلي الأحسن.. * إن صاحبة الرسالة لديها من المحفزات وعناصر القوة ما يساعد علي إنقاذها: تعليم جامعي.. وظيفة معلمة ومربية النشء.. استقلال مادي.. كما من الله عليها بأداء العمرة.. وفوق كل ذلك إدراكها لمصادر معاناتها.. وبما يعني قدرة علي الفهم والتمييز.. إذن هي قادرة علي الحركة والبقاء الطيب.. وأدعوها لكي تنظر حولها.. أو تزور احد المستشفيات. أو تقرأ اخبار الحوادث.. لتدرك كم هي أحسن حالا من ملايين غيرها. * إذن الخروج من المعتقل النفسي هو الحل.. فالدنيا واسعة ومليئة بالجماليات.. والحياة ثرية بالتنوع والتبدل.. ويبقي أن تدرك ذلك.. وتتأمله.. وتندمج فيه.. وهذا يستلزم نظرة رومانسية.. فالطبيعة أم وأب وزوج وصديق لكل البشر.. وهي المنقذ والمخلص لانسان عصر الماديات والمعاملات الضيقة الجافة.. كما تحتاج صاحبة الرسالة إلي نظرة كلية فلسفية للحياة والناس.. فالحياة في جوهرها متعددة الألوان والأحوال.. والناس بشر.. ضعف وقوة.. غير معصومين.. واقتضت حكمة الله.. أن يكون الطيبون أكثر إبتلاء لتزداد منزلتهم عنده عز وجل.. في إطار قوله تعالي: إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب. * إن الاستغراق في الجزئيات والتفاصيل الحياتية قد تؤدي إلي الغرق فيها.. فإذا بالمرايا مشروخة.. والملامح مشوهة.. والأنفاس مخنوقة.. والإرادة مشلولة.. وقد تموت الأشجار واقفة.. لكن التراث الانساني مليء بنماذج بشرية تحدت الصعاب.. وصنعت من علقمها الشهد الشافي.. وحولت عتمة اليأس إلي نهار.. لكن يبدو أن صاحبة الرسالة كمثيلاتها من أبناء هذا الزمن.. رصيدها من المعرفة العامة والثقافة الانسانية محدود.. فالثراء والعمق المعرفي الثقافي يمثل ترياقا لنا.. نلوذ به وقت الضيق والانحسار.. فإذا بالآفاق تفتح للتأمل والاسترخاء ومن ثم الاستشفاء.!! ورحم الله ذلك العبقري الملهم.. حين قبض عليه أعداؤه.. وقرروا محاكمته ظلما وقهرا.. فقال لهم: ماذا أنتم فاعلون بي إن سجني خلوة.. ونفيي سياحة في ملكوت الله.. وقتلي شهادة..!! إنها الإرادة الايمانية.. والله عز وجل عند حسن ظن عبده به.. حقا.. ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.. الأمل.. الأمل.. يا أختاه. محمد الشاذلي/ مدير عام