انتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة تزايد حالات الطلاق المبكر بين الشباب, مما تسبب في خلل في مجتمعاتنا المعاصرة, حقا ان هناك خلافات متتابعة, وأسبابا قوية تراكمت علي العلاقات الزوجية مما أثر عليها سلبا. وأوصلها في النهاية إلي باب المأذون للطلاق, وقد يعزي البعض انتشار هذه الظاهرة لعدة أسباب منها الاقتصادية والنفسية والعاطفية والاجتماعية حار فيها خبراء علم النفس والاجتماع, وقد ترجع هذه الاسباب في بعض الاحيان إلي الزوج أو ربما تكون الزوجة هي السبب الرئيسي في حدوث تلك الخلافات, وتشير الدراسات إلي ان تفشي هذه الظاهرة يرجع في الاساس إلي عدم توافر ثقافة الحياة الزوجية السليمة لدي الشباب. كما تشير الاحصاءات إلي ان40% من المطلقين شباب من حملة الشهادات الجامعية في الشريحة العمرية من25 إلي30 سنة, الامر الذي دفعني إلي كتابة هذا المقال لأتقدم بمقترح قد يسهم في الحد من انتشار هذه الظاهرة بقدر الامكان.. هذا المقترح يتضمن ضرورة التزام الجامعات المصرية باعداد وتنفيذ دورات تدريبية للطلاب لنشر ثقافة الحياة الاسرية والزوجية السليمة بينهم, ويقوم بالتدريب نخبة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المتخصصين في علم النفس والاجتماع والقانون والشرع علي ان يتضمن المحتوي التدريبي المحاور الأساسية التالية: توعية الشباب المقبلين علي الزواج بمفهوم الثقافة الزوجية, ومدي أهمية الزواج والحياة وان الاسرة هي اللبنة والخلية الأولي والبنية الاساسية في المجتمع, واذا صلحت هذه الخلية صلح المجتمع بأكمله واذا فسدت فسد المجتمع وما يترتب عليه من انحطاط القيم الاخلاقية والاعراف الاجتماعية, وينبغي أن يعي الشباب أن بداية تكوين الاسرة تعتبر بمثابة شجيرة يجب ان تنبت في أرض خصبة, وفي مناخ وبيئة جيدة حتي تنمو وتصبح شجرة كاملة النضوج بفروعها الحية الصلبة, ويمكن أن تكون هذه الفروع شجيرة أخري..وهكذا, كما ينبغي توعية الطلاب الشباب بأن للزواج قدسية يجب ان تقوم علي أساس الاحترام المتبادل والمودة والرحمة بين الطرفين, ويجب ان يتحلي كل منهما بالصبر والتسامح والعفو, ويجب ايضا علي كل فرد من الزوجين ان يعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات وهو ما يعرف بالمواطنة الزوجية التي دائما تؤدي إلي حياة آمنة مستقرة لاتقف أبدا علي حافة الهاوية. * ينبغي توجيه الشباب إلي الاختيار السليم المتجانس للزوجين بعضهما البعض, ويجب ان يكون هذا الاختيار مبنيا علي اساس الدين والامانة والخلق, ولا بأس ان يأتي بعد ذلك معيار الجمال والمال والحسب والنسب وما إلي ذلك في ضوء تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي بينهما, مع الأخذ في الاعتبار رأي ومشورة الوالدين في هذا الاختيار بما لديهم من خبرة في هذاالصدد, فكلما كان الاختيار حسنا وسليما بكل معايره, أدي ذلك إلي مزيد من النجاح في العلاقات الزوجية, كما يجب الاستفادة القصوي من فترة الخطوبة, حيث انها فترة مهمة ينبغي أن يستفيد منها الزوجان في التعارف الكامل علي بعضهما, والالمام بكل ما يتعلق بشأنهما, كما أن هذه الفترة تسهم بشكل كبير في الانسجام الكامل بين الطرفين, وكذا التهيئة النفسية والاجتماعية بينهما. * يجب تحذير وتبصير الطلاب الشباب من العواقب الوخيمة والمردود السلبي الذي قد ينتج عن الطلاق ابتداء من تأثيرها المباشر علي تفكك الأسرة, مرورا بما يقع من ضرر بالغ علي الاطفال, وانتهاء بدورها السلبي المتوقع علي النسيج الاجتماعي, ولعل من أبرز هذه الآثار الخطيرة الناجمة عن انهيار العلاقات الزوجية هي وجود جيل مترهل غير سوي قد يتزايد فيه أعداد المتشردين, وانتشار جرائم النصب والاحتيال, وزرع الحقد والضغينة, وزعزعة النفوس ومانحو ذلك. * يجب توعية الشباب ايضا بعدم اللجوء إلي الطلاق إلا في الحالات المستعصية والاسباب المنطقية التي بمقتضاها يمكن ان تؤدي إلي الطلاق السلمي, وفي هذه الحالات ينبغي أن يتبع الشباب سبل الطلاق الشرعية والمرضية للطرفين, وذلك حرصا علي المصلحة العامة, فالطلاق هنا يعتبر مخرجا شرعيا, وسبيلا ضروريا لتيسير فرص أفضل للزوجين, حيث يبدأ من خلالها كل منهما حياة زوجية جديدة أكثر توفيقا. د. حسن علي عتمان عميد كلية السياحة والفنادق بجامعة المنصورة