كتب:شريف طه أطل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مساء الاثنين من الاسبوع الماضي علي الفرنسيين من شاشة التلفزيون ليدافع عن نفسه وعن وزيره أريك وورث, بعد قرابة أسبوعين من الجدل حول اتهام الرئيس بتلقي150 ألف يورو من ليليان بيتانكور لتمويل حملته الرئاسية. هذه الاطلالة كانت أكثر من ضرورية.. فشعبية الرئيس تنهار, بشكل قياسي, مما يسبب انهيارا لشعبية الحكومة, وبالتالي, انهيارا لليمين الحاكم. وتأتي أهمية الأجوبة الرئاسية بسبب تدخل ساركوزي في كل صغيرة وكبيرة, سواء في شئون الحزب الحاكم أو في غيرها من دوائر الدولة والحكومة. ولم تكن القضايا التي تتطلب أجوبة رئاسية بالشيء الهين. و لم يكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بحاجة إلي هذه الفضيحة الجديدة ولا أن يكون بطلها إريك وورث وزير العمل الحالي والعقل المدبر لمشروع إصلاح نظام التقاعد الذي أنزل مئات الآلاف من الفرنسيين إلي الشوارع في أكثر من200 مظاهرة ضمت أكثر من مليون شخص. ولطالما اعتقد ساركوزي أن إحدي مشاكل فرنسا تكمن في أن مواطنيها لا يعملون بالقدر الكافي, لكن الحقيقة أكثر تعقيدا من ذلك فالبطالة في صفوف الجيل الشاب مرتفعة جدا ومن تعدوا الخمسين عاما يتركون سوق العمل في وقت مبكر جدا, لذا فمن شأن الإصلاحات الحالية أن تحل المشكلة بسهولة عوضا عن أن تخفف من حدتها. وينتقد الرئيس نيكولا ساركوزي قانون العمل الحالي ونظام المعاشات في حين انه صرح ذات مرة: ب إن فرنسا لم تكن لتحوي مشاكل كثيرة لو لم يخفض الرئيس فرانسوا ميتران سن التقاعد, ولو لم يدخل الاشتراكيون نظام35 ساعة عمل في الأسبوع.. من جهتها قالت زعيمة الحزب الاشتراكي مارتين أوبري, إن الاصلاحات المزمعة من قبل الحكومة ليست جائرة فحسب, بل هي غير فعالة. ووصفت تصريحات ساركوزي بأنها لا تليق برئيس دولة, مشيرة إلي أنه كان قد نفي في2008 نيته رفع سن التقاعد. وسترفع ألمانيا سن التقاعد إلي67 عاما بحلول العام2019, وتجد الدول الأخري نفسها مرغمة علي اتباع هذا المسار الذي لا يحظي بشعبية, في محاولة لإقناع الأسواق المالية بأنها جادة في خفض ديونها وعجزها ..النقابات الفرنسية من جانبها ترفض, مدعومة بالاحزاب اليسارية, هذا الاصلاح الذي يرفع سن التقاعد من60 الي62 عاما بحلول2018 باعتباره تراجعا عن مكسب اجتماعي رمزي يعود الي عهد الرئيس الراحل فرنسوا ميتران, وهو الامر الذي يواجه بمعارضة كبيرة. اما الحكومة فتعتبر ان تمديد سنوات العمل القانونية للاحالة علي التقاعد هو افضل خيار لتأمين حاجات التمويل المقدرة ب70 مليار يورو بحلول2030 .. يري ساركوزي الأزمة ويري آثارها ويؤكد أنه' يحترم المتظاهرين' ولكنه يعود فيصدم النقابات العمالية بقوله أنه' لن يغير إصلاح نظام التقاعد, مهما كانت حالة المظاهرات'.. ومع ذلك فقد يسمح بهامش صغير من المناورة مع النقابات.. لكنه يؤكد: لا تفاوض حول سن62 كسن للتقاعد, ولا تفاوض حول إضافة رسوم علي القطاع العمومي. والباقي قابل للتفاوض! لكن ما هو الشيء الباقي؟.. يري الكثيرون أن الرئيس قفز علي دور البرلمان أي دور النقاش والتعديل' من المفترض مناقشة القانون في البرلمان في سبتمبر القادم', وإلا فما الفائدة من البرلمان إن كان الرئيس يقرر وحده والبرلمان يصوت؟ خلال اطلالته علي الفرنسيين تحدث ساركوزي عن كل شيء لكن بنوع من الرضا الذاتي, وأكد أنه لا يفكر في انتخابات2012 ولكن الشيء المؤكد هو أن إعادة انتخابه سنة2012 تحتاج إلي ما هو أكثر من هذا' الرضا الذاتي' الذي عبر عنه.. وأنه, أي الرئيس, يحتاج إلي إعادة البهجة إلي الفرنسيين حيث تقول لنا استطلاعات الرأي إن بهجة الحياة قد غادرتهم منذ فترة![email protected]