النمنم ل«ياسر جلال»: الدفاع عن الداخل المصري كان دائماً مهمة وطنية 100%    القومي للمرأة يكرم خريجات أكاديمية أخبار اليوم المشاركات في لجنة رصد دراما رمضان 2025    قداسة البابا يشهد احتفالية اللجنة المجمعية للطفولة بمرور 17 قرنًا على مجمع نيقية    نجل عبدالناصر: رواية إنزال قوات صاعقة جزائرية في التحرير غير صحيحة    متى يتم صرف الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    جمال شقرة: تهديد القاهرة بعد 1967 رواية لا أساس لها من الصحة    زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ: اتفاق محتمل لإنهاء إغلاق الحكومة    خارجية باكستان تبدي استعدادها للتحاور مع أفغانستان بعد فشل المفاوضات الأخيرة في إسطنبول    طائرة تابعة لإير فرانس تحول وجهتها إلى ميونخ بسبب رائحة حريق بقمرة القيادة    السوبر المصري | بن شرقي: الأهلي مع توروب قادر على تحقيق الكثير من البطولات    رسميا.. رينارد يستبعد نجم الهلال من معسكر السعودية    قناة الزمالك بعد الخسارة من الأهلي: معًا في السراء والضراء    عمرو أديب بعد هزيمة الزمالك: بنلاعب فرقة فيها 10 مهاجمين وحارس.. أقل لاعب غلبان اسمه تريزيجيه    مرتجي: توروب يعمل 20 ساعة يوميا لتطوير أداء الأهلي    محافظ الدقهلية: ضبط 4 طن دجاج وكبدة دواجن غير صالحة للاستهلاك    السجن المشدد 10 سنوات للمتهم بحيازة أقراص ترامادول وحشيش في الزيتون    الست موناليزا.. مي عمر تخوض سباق دراما رمضان 2026    محمد المنشاوى ل كلمة أخيرة: هليوبوليس يملك ناديين من الأفضل فى الشرق الأوسط    ختام منتدى إعلام مصر بصورة تذكارية للمشاركين فى نسخته الثالثة    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكرم ياسر صادق عن عطائه للمسرح المصري    فوائد زيادة العضلات بالجسم بعد الأربعين    وزير الرياضة: مليار مشاهدة لنهائي السوبر تعكس مكانة الكرة المصرية    بينسحبوا في المواقف الصعبة.. رجال 3 أبراج شخصيتهم ضعيفة    بيطري القليوبية تطلق حملة لتحصين الماشية للوقاية من الأمراض    دايت من غير حرمان.. سر غير متوقع لخسارة الوزن بطريقة طبيعية    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    لو زوجتك مش على بطاقتك التموينية.. الحل فى 3 دقائق    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    زينة تقدم واجب العزاء لوالد محمد رمضان بمسجد الشرطة    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    غدًا.. وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فى لقاء خاص على القاهرة الإخبارية    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    العربى الناصرى: المصريين بالخارج قدموا مشهد وطنى مشرف فى انتخابات مجلس النواب    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يطلق ماراثون "حقهم يفرحوا.. واجبنا نحميهم"    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزراعة تهدر 20‏ مليار متر مكعب‏ من المياه
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 07 - 2010

تبلغ ثروة مصر المائية سنويا نحو‏71‏ مليار متر مكعب من المياه‏,‏ يشارك النيل فيها بنحو‏55.5‏ مليار متر مكعب والباقي يأتي من الصرف الزراعي بنحو‏7‏ مليارات متر مكعب‏. ومن الآبار والمياه الجوفية بنحو‏5‏ مليارات‏ ثم مياه الصرف‏,‏ والأمطار التي تقدم بنحو‏3‏ مليارات متر مكعب‏.‏
هكذا فإن الثروة باقية كما هي لا تتغير منذ سنوات طويلة‏,‏ بينما السكان تغيروا وسوف يتغيرون أكثر‏,‏ فمع حلول عام‏2017,‏ أي بعد‏7‏ سنوات‏,‏ سوف يقفز تعدادنا لقرابة التسعين مليونا‏,‏ وستكون احتياجاتنا من المياه نحو‏86.3‏ مليار متر مكعب‏,‏ أي سيكون لدينا عجز بنحو‏16‏ مليارا من العطش ستدفع ضريبته أرض مصر الخضراء‏,‏ بينما يضيع سنويا‏20‏ مليون متر مكعب تكفي لزراعة‏3‏ ملايين فدان‏!‏
هذه الأرقام المفزعة وغيرها كانت لغة الحوار مع الدكتور نادر عبدالدايم أستاذ علوم الأراضي والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة‏,‏ وأحد خبراء الزراعة الحديثة‏.‏
‏*‏ إعادة النظر في الكيفية التي نستخدم بها مياه الري يراها البعض الطريقة المثلي للتعامل مع ملف أزمة المياه‏..‏ فلماذا الري بالتحديد؟
‏*‏ الري هو المستهلك الأكبر لمواردنا من المياه‏,‏ فهو يأخذ نحو‏80%‏ من مواردنا المائية‏,‏ فما يخرج من السد العالي للأغراض الزراعية نحو‏49.8‏ مليار للزراعة‏,‏ ما يستخدم منها بالفعل نحو‏30‏ مليارا فقط‏,‏ حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء‏,‏ أي أن هناك نحو‏20‏ مليار متر مكعب تهدرها الزراعة سنويا من مياه النيل‏,‏ وهي أرقام لها دلالات خطيرة إذا تمت مقارنتها بالمعايير الدولية المتعارف عليها‏,‏ فحسب منظمة الأمم المتحدة للمياه‏(UNR)‏ ومنظمة الأغذية والزراعة‏(FAO)‏ فإن النسبة الدولية المتعارف عليها لاستخدام مياه الري هي‏32%‏ من إجمالي الموارد المائية لأي دولة‏,‏ والباقي يوزع علي الاستخدامات الأخري من صناعة واستخدام منزلي وغيرها‏,‏ بل إن بعض دول أوروبا يصل استخدام الزراعة فيها لنحو‏30%‏ و‏52%‏ للصناعة‏,‏ و‏18%‏ للمنازل‏,‏ تصل نسبة الاستخدام الصناعي لنحو‏12%,‏ وهي نسبة ضئيلة‏,‏ بينما الاستخدام المنزلي نحو‏8%,‏ وهي دليل علي تدني نصيب الفرد من المياه الذي يصل إلي نحو‏860‏ مترا مكعبا سنويا‏,‏ بينما حد الفقر المائي هو‏1000‏ متر‏,‏ تعويض الفقر
‏*‏ هذا الفقر المائي هل يمكن تعويضه عبر استخدام وسائل أخري للري كالمياه الجوفية مثلا؟
‏*‏ الحقيقة التي لابد أن نعرفها أن نهر النيل هو المصدر الأساسي للمياه في مصر‏,‏ فإذا كان نهر النيل يقدم‏55‏ مليار متر مكعب فإن المليارات السبعة التي تحسب كمياه صرف تأتي أيضا منه‏,‏ فالأرض تروي من النيل ويفيض فيذهب للمصارف‏,‏ ونحسبه كمياه صرف بينما هو ماء نيل‏,‏ كما أن المياه المعالجة وكل مياه الآبار والمياه الجوفية في الدلتا هي مياه نيل مخزنة في الأرض‏,‏ وبحسبة بسيطة‏,‏ وباعتراف التقارير العلمية الدولية‏,‏ فإن‏97.5%‏ من مياه مصر مصدرها نهر النيل والباقي مياه أمطار وآبار صحراوية‏,‏ أما المثير أيضا فهو أن نهر النيل نفسه‏,‏ الذي تهدر منه تلك المياه‏,‏ يعتبر بالمقارنة بغيره من الأنهار نهرا ضعيفا في تصريفه‏.‏
‏*‏ إذا كان الري يهدر نحو‏20%‏ من المياه‏,‏ فكيف يمكن التعامل مع هذا الإهدار؟ وهل تغيير وسائل الري فقط يمكن أن يحافظ علي تلك المياه؟ وكيف يتم هذا الإهدار من الأساس؟
‏*‏ بداية نحن لدينا نوعان من فاقد المياه‏,‏ أولهما يتم خلال شبكة النقل والتوصيل من السد العالي وحتي الدلتا عبر مجري النيل والريحات والترع الرئيسية والفرعية والمساقي والمراوي‏,‏ والنسبة الأكبر من الفاقد تحدث في تلك المرحلة ولا يمكن التحكم فيها كاملة‏,‏ لكن في حدود معينة في الشبكات الأصغر‏,‏ واقترحنا عدة مرات أن تكون الترع الصغيرة والمساقي من خلال مواسير أي تغطية للمياه لأن هذا سيحمي لحد كبير جدا من عمليات البخر التي تحدث‏,‏ خاصة في الجنوب‏,‏ لارتفاع درجات الحرارة‏,‏ وكذلك حماية الترع من التلوث والسرقة المتعمدة للمياه من بعض أصحاب الاستثمارات الكبري المحظور عليهم استخدام أراضي النيل في الري‏,‏ لكن هنا ظهرت مشكلة تتعلق بالتكلفة الكبيرة لتلك العملية‏,‏ فتغطية الترع الكبيرة في الجنوب يتكلف الكيلومتر الواحد نحو مليوني جنيه تقريبا‏,‏ وبالتالي أصبح البديل أن نبدأ من الإهدار الأقل الذي يحدث في الحقول عبر عمليات الري بالغمر‏,‏ وضرورة استخدام طرق بديلة للري‏.‏
الري المناسب
‏*‏ الري بالتنقيط والري بالرش هل يصلحان مع أراضي الدلتا التي تروي بالغمر منذ آلاف السنين؟ وماذا عن التكلفة وأنواع المحاصيل المستخدمة؟
‏*‏ يجب أن نعترف بأنه بخلاف التكلفة العالية لاستخدام تلك التقنيات فهناك نحو‏5‏ آلاف جنيه للفدان‏,‏ والتساؤل الملح حول من سيدفع تلك التكلفة الفلاح أم الدولة؟ بالإضافة إلي الصيانة السنوية فهناك نقطة مهمة جدا تتعلق بالأراضي نفسها‏,‏ فأراضي شمال ووسط الدلتا لن نستطيع الاقتراب منها‏,‏ فنسبة الملوحة في تلك الأراضي عالية جدا وإذا اعتمدنا الري بالتنقيط أو الرش فسترتفع بها الملوحة‏,‏ وخلال سنوات قليلة لن تصلح للزراعة‏,‏ فالمياه القليلة التي نستخدمها في الري بتلك الطرق ستساعد علي زيادة نسبة تركيز الأملاح بها‏,‏ وبالتالي بوار الأرض‏,‏ فهذه الأراضي تحتاج للري بالغمر‏,‏ لأنه يساعد علي غسيل الأرض من الأملاح وتقليل نسبة تركيزها في التربة‏,‏ خاصة لو عرفنا أن الفدان الذي يستهلك سنويا نحو‏6‏ آلاف فدان يتركز به‏3.5‏ طن من الأملاح‏.‏
‏*‏ وماذا عن أراضي جنوب الدلتا والصعيد؟
‏*‏ هذه الأراضي يمكن فيها استخدام نوعي الري الحديث التنقيط والرش‏,‏ والأفضل استخدام الطريقتين معا لأكثر من سبب‏,‏ فالري بالرش مثلا لابد أن يستخدم مع محاصيل كثيفة النمو كالقمح والشعير والذرة‏,‏ إنما لا يصلح مع المحاصيل التي تزرع بالخطوط‏,‏ وبالتالي فمن يستخدم الري بالرش لن يتمكن من زراعة الخضراوات والحبوب‏,‏ بينما يحدث العكس مع استخدام الري بالتنقيط حيث يحرم صاحبها من زراعة المحاصيل الكثيفة النمو‏,‏ وهكذا‏,‏ وهو أمر صعب‏,‏ خاصة أن الزراعة لدينا شديدة التفتيت ومساحات صغيرة لن تكون ذات جدوي اقتصادية تحديد نوع واحد من المزروعات‏,‏ كما أن هناك نحو‏750‏ ألف فدان مزروعة بأشجار الفاكهة المثمرة‏,‏ والقاعدة العلمية تقول‏:‏ إن الشجرة إذا تجاوز عمرها‏5‏ سنوات لا يمكن تحويلها للري بالتنقيط‏,‏ حيث إن جذورها تكون قد تعمقت في التربة‏,‏ وبالتالي يكون الري السطحي بالتنقيط غير صالح‏,‏ لأنه لا يصلح لجذورها‏,‏ وهنا لا يصلح سوي الري بالتنقيط المدفون علي عمق لا يقل عن متر‏,‏ وهنا تكون التكلفة عالية وتصل لنحو‏15‏ ألف جنيه للفدان الواحد‏.‏
وهذه مشكلة أخري‏,‏ لكن بشكل عام فأفضل وسيلة متاحة هي استخدام الري المزدوج علي أن يكون الرش علي مستوي منخفض من التربة‏,‏ ولا نفضل الرش العالي حيث تتعرض المياه للبخر ويزداد الفاقد منها‏,‏ وهذا النظام يوفر في الإهدار ويتيح زراعة المحاصيل التي تكون في أحواض طولية والكثيفة أيضا حسب رغبة الفلاح‏.‏
‏*‏ برغم ما يقال عن أفضلية الطرق الحديثة للري فإن قبولها من الفلاح ليس كبيرا‏,‏ وربما لم يحقق النجاح المرجو‏,‏ ومازلنا نعتمد الطرق القديمة برغم ما تسببه من إهدار‏..‏ فلماذا يحدث هذا؟
‏*‏ هذا حقيقي إلي حد كبير‏,‏ والسبب أن كثيرا من التجارب التي تمت لم تتم بشكل علمي‏,‏ ومثال ذلك ما حدث في توشكي مثلا حيث يعتمد المستثمرون طريقة الري بالرش أو حتي التنقيط السطحي‏,‏ وهي طرق غير اقتصادية تماما‏,‏ فالرش ونتيجة للارتفاع الشديد في درجة الحرارة يعرض الماء للبخر السريع قبل أن يصل للأرض‏,‏ ومواسير التنقيط يقصر جدا عمرها الافتراضي وتتشقق سريعا لنفس السبب وتزيد التكلفة‏,‏ سواء من المياه أو الخامات المستخدمة‏,‏ فكلاهما من أدوات الإنتاج‏,‏ وكان الأفضل استخدام رش منخفض أو مواسير ري مدفونة تحت الأرض وبالتالي المفترض أن تتم تلك العملية عبر دعم مباشر من الدولة‏,‏ وأنا أعرف أن الفاو ومنظمة الأمم المتحدة للمياه تضع ميزانية تتعدي المليار دولار لدعم طرق الري الحديثة‏,‏ فلماذا لا تتولي الدولة هذه المسألة عبر أخذ منح وتقديمها للفلاح لا كقروض عالية الفائدة كما يحدث الآن‏,‏ ولكن عبر برامج منح كاملة لأن تقدم الفلاح ووفرة المياه يصب في النهاية في مصلحة الدولة ككل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.