كل دول ومدن العالم السياحية لاتفكر إلا في جذب المزيد من السائحين إليها بهدف انعاش اقتصادها.. ولذلك أصبح التفكير في وسائل وحملات التنشيط يشغل حيزا كبيرا من اهتمام هذه الدول أو المدن.. وعلي سبيل المثال نحن اليوم نتحدث عن حالة واحدة من المدن العالمية السياحية الكبري. وهي نيويورك التي تقدم لنا نموذجا في الاهتمام بالتسويق السياحي. ولايتوقف الأمر عند المسئولين عن إعداد حملات عن نيويورك وفقط.. بل قد يصل الي منافسة مدن سياحية كبري في أمريكا نفسها. وعلي سبيل المثال فإن الشركة التي تقوم بتسويق مدينة نيويورك سياحيا تعتمد علي رؤية تقول فيها انه علي عكس مايحدث في لاس فيجاس, فإن خبرة زائري نيويورك تبقي معهم بعد أن يعودوا الي بلادهم. أي ان السائح سرعان ماينسي التجربة التي مر بها في لاس فيجاس علي عكس مايحدث له لوزراء نيويورك. ويعد الاعلان الجديد الذي صممته الشركة عن نيويورك وسيظهر في أجهزة التليفزيون والصحافة وعلي لوحات اعلانات الطرق في استراليا والبرازيل وأوروبا وكذلك الولاياتالمتحدة من أحدث الوسائل التي يستخدمها مسئولو مدينة نيويورك لتحقيق هدف عمدة المدينة مايكل بلومبرج وهو اجتذاب50 مليون سائح لنيويورك سنويا اعتبارا من عام.2013 ورغم الأزمة الاقتصادية وانخفاض قوة اليورو الشرائية, فإن هؤلاء المسئولين يأملون في أن تعود السياحة للانتعاش في المدينة خلال العام الحالي بعد أن تراجعت العام الماضي. وكانت قوة عملة اليورو تسهم في انتعاش عمليات البيع وتحسين دخول المحال والمطاعم في نيويورك, الأمر الذي أسهم في تحقيق طفرة سياحية خلال الفترة التي سبقت نهاية عام2008 عندما بدأت الأزمة المالية ثم تراجع اليورو, الأمر الذي أثار قلق سلطات نيويورك, من تراجع السياح الأوروبيين عن زيارة المدينة, لكن رغم كل ذلك, فإن السياحة خلال الفترة القليلة الماضية وتحديدا من مايو الماضي بدأت تنتعش حسب تصريح لجورج فريتنا الرئيس التنفيذي لشركة تسويق نيويورك سياحيا. ويقول فريتنا لصحيفة نيويورك تايمز ان عدد السياح الذين سيزورون نيويورك العام الحالي قد يماثل الرقم القياسي الذي تحقق عام2008 وهو47 مليون سائح. ويدخل ضمن هذا العدد الزائر الذي يقضي ليلة في المدينة أو الذي يقوم برحلة ليوم واحد ويعود الي الولاية الأمريكية التي يقطن فيها وطبقا لاحصاءات مبدئية فإن فنادق حي مانهاتن بالمدينة كانت مشغولة بنسبة90% في شهر مايو. وزادت أسعار اقامة النزلاء في الغرفة الفندقية10%. ويقول جون فوكس نائب رئيس احدي شركات الاستشارات لصناعة الفندقة ان متوسط سعر الغرفة في الشهور الأربعة من عام2010 بلغ218 دولارا في الليلة. ويشيرفوكس الي أنه لاتوجد حتي الأن دلائل علي أن انخفاض قيمة اليورو أضعف حماس الأوروبيين الراغبين في زيارة نيويورك. ولتشجيع الناس علي زيارة نيويورك, فإن سلطات المدينة قدمت تطويرا جديدا لحملتها الاعلانية والدعائية التي بدأتها قبل3 سنوات وكان شعارها هذه هي مدينة نيويورك, وبدأت في الإعداد للحملة الجديدة التي تركز علي الحيوية والتنوع في نيويورك ومستخدمة شعار.. شوف أكتر تكون أكتر.. هذه هي مدينة نيويورك, بمعني انه عندما تشاهد أكثر فإنك بذلك تكون أكثر ثقافة وخبرة ومعرفة وذكريات, حيث تمزج الاعلانات بين صور الأماكن والآثار الشهيرة مثل تمثال الحرية وجسر بروكلين واستاد اليانكي مع لقطات من الأطباق والأكلات الشهيرة والسلع التي يمكن للمطاعم والمحال أن تقدمها في نيويورك. وتقول جين رايس مسئولة التسويق بالشركة ان الرسالة الأساسية التي تحملها الاعلانات الجديدة هي أن مايحدث في نيويورك يبقي علي عكس الدعاية الخاصة بمدينة لاس فيجاس وهي أن مايحدث يتغير أي أن الخبرة التي يكتسبها السائح تتغير, فما أن يترك لاس فيجاس, نري أن في نيويورك كان التركيز هو مايحدث للسائح خلال زيارته للمدينة ويتبقي معه للأبد. وحتي سنوات قليلة فإن شركة تسويق نيويورك كانت شركة خاصة يتم تمويلها من رسوم يدفعها أعضاء شركات ومطاعم يقومون بتسويق المدينة لكن عمدة نيويورك بلومبرج قام بتعيين جورج فرتينا وهو رئيس وكالة اعلانات سابق ومدير للشركة وزود الشركة ب15 مليون دولار كميزانية سنوية لها. ثم قام بلومبرج بوضع هدف تعمل الشركة علي تحقيقه وهو زيادة عدد السياح من44 مليون سائح في عام2006 الي50 مليونا وكان المدي الذي سيتحقق منه الهدف هو عام2015 الا ان بلومبرج قام قبل وقوع الأزمة المالية العالمية بتبكير موعد تحقيق الهدف الي عام.2013 ويقول جورج فرتينا انه يتوقع أن تساعد الحملة الجديدة علي اعادة حركة السياحة في نيويورك الي سابق عهدها.. ورغم أن اجمالي تكاليف الحملة تزيد علي30 مليون دولار الا أن الشركة لن تنفق سوي1.2 مليون دولار فقط. وسوف تقوم الشركة بدلا من دفع تلك المبالغ الكبيرة في اعلانات بالصحف والتليفزيون بعقد اتفاقات شراكة مع شركات كبري مثل شركات طيران وتليفون وغيرها بحيث تقنع هذه الشركات بوضع اعلانات عن نيويورك علي منتجاتها وكذلك وضع موقع المدينة الإلكتروني مقابل خدمات مماثلة تقدمها نيويورك. كما تساهم المطاعم والمحال وعددها ألفان في تمويل شركة تسويق نيويورك. وعلي سبيل المثال, فإنه خلال الأسبوعين الأولين من الحملة لن يستطيع الزائرون الراغبون في استخدام أجهزة تليفون محمول لمعرفة أماكن يمكنهم تناول الطعام أو السهر فيها وهي خدمة تقدمها شركة نيويورك للتنسيق, لن يستطيعوا الحصول علي تلك الخدمة مالم يستخدموا خدمة تليفونية توفرها شركة اتصالات محددة علي اتفاق مع شركة نيويورك. وسوق يتلقي مستخدمو شركات الاتصالات الأخري رسالة آسفون لن نستطيع تقديم تلك الخدمة لكم. *** * الهدف بالطبع من النقطة الأخيرة وهي اسلوب التمويل هو جلب موارد للحملة.. هكذا يفكرون.. وهكذا يسوقون ويروجون لمدينة نيويورك!! * لكن الأهم قبل جمع الموارد أن الحملة الجديدة لمدينة نيويورك شوف أكثر.. تكون أكثر هذه هي نيويورك!! ونؤكد عددا من المعاني المهمة في موضوع الحملات الاعلانية وهي ان الشركات التي تنفذ الحملات لاتنفذ من دماغها وأفكارها.. المهم مايقوله لها أصحاب الحملة أو مايريدونه أن يصل للسائح.. هي فقط شركات تبدع في الانتاج والاخراج والجانب التقني والفني.. لكن المهم ماذا تريد أنت من الحملة؟ * الجميل أيضا ان الاستمرارية موجودة والحملات لاتنفصل عن بعضها بمعني أنه لابد من فكر تسويقي واحد وترويجي واحد يحكم الأهداف المرحلية للحملة.. فمدينة نيويورك كانت الحملة الرئيسية لها قبل3 سنوات, هذه هي مدينة نيويورك. وحين بدأت الحملة الجديدة شوف أكثر.. تكون أفضل يأتي الشعار القديم في نهايتها ويقول هذه هي مدينة نيويورك لتكون بمثابة اطار وفكر استراتيجي يؤكد تواصل الفكر التسويقي. * ايضا التفكير في موارد الحملة هنا في حالة نيويورك لم يكن الاعتماد فيه علي ميزانية المدينة الرسمية بل كان علي أصحاب المصلحة بشكل أساسي المطاعم والشركات والمحال المختلفة أي علي المستفيدين من زيادة السياحة ومن انعاش الاقتصاد وبدليل ان الحملة تتكلف30 مليون دولار لن تدفع منها المدينة سوي1.2 مليون دولار والباقي من المستفيدين من السياحة. * لا أريد أن اطيل في موضوع الحملات اليوم أكثر من ذلك خاصا انني كتبت فيه كثيرا مؤكدا أن التسويق الحديث فكر لانعرفه تقريبا. وأن الحملات تحتاج الي كثير من العلم.. وكثير من الدراسة والفهم وتحديد الأهداف.. فهل نستطيع ان نطبق ذلك.. أقصد هل نستطيع أن نتعلم ؟ .. ياريت!! [email protected]