يبدو أن وقف البرنامج النووي الإيراني سيكون علي رأس جدول الأعمال الإسرائيلي في العام الجديد2010, بعدما أصبحت طهران وكما يقولون في تل أبيب قاب قوسين أو أدني من امتلاك السلاح النووي. وطبقا لتقديرات أجهزة المخابرات الغربية فقد جمع الإيرانيون ما يكفي من اليورانيوم المخصب كي ينتجوا قنبلة واحدة أو أكثر, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستلجأ إسرائيل الي القيام بعمل عسكري ضد إيران لتدمير المواقع النووية هناك؟ والإجابة هي أن إسرائيل لا تستطيع القيام بهذا العمل منفردة ومن المشكوك فيه أن يكون بوسع إسرائيل أن تسمح لنفسها بالعمل خلافا لرأي الولاياتالمتحدة, فتقف وحدها أمام الرد الإيراني وتفتح حسابا طويلا مع أمة تتكون من70 مليون نسمة. وشهر يناير الحالي يمثل أهمية كبيرة في الأزمة بين طهران والغرب, فبعد رفض إيران المهلة التي حددها الغرب والتي انتهت يوم السبت الماضي للتوصل لاتفاق بشأن تبادل اليورانيوم المخصب قررت طهران منح مهلة من جانبها للدول الكبري حتي نهاية شهر يناير الحالي للتوصل الي اتفاق, حيث أكد وزير الخارجية الإيرانية منوشهر متكي أن بلاده ستنتج الوقود النووي بمفردها اذا لم يتم التوصل لاتفاق مع الغرب بشأن عرض الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاص بتبادل اليورانيوم المخصب بحلول نهاية يناير الحالي, وبرغم أن سلاح الطيران الإسرائيلي أجري تدريبات مكثفة في شهر مايو الماضي استعدادا لقصف المواقع النووية الإيرانية وصاحب هذه التدريبات تصريحات لوزير الدفاع إيهود باراك, لم يستبعد فيها مهاجمة المواقع الإيرانية, فإن الأمر يلقي معارضة من جانب الخبراء والمحللين. والحديث عن توجيه ضربة لإيران بدأ عام2005 وفي ابريل عام2006 كتب الصحفي الشهير توماس فريدمان مقالا في النيويورك تايمز بعنوان( العراق2 أو إيران نووية), قال فيه إنه اذا كانت المفاضلة بين إيران التي لديها سلاح نووي ومهاجمة المواقع النووية الإيرانية, فأنا أفضل الحياة مع إيران التي لديها سلاح نووي, وهو نفس ما ذهب إليه الخبير الاستراتيجي أنتوني كوردسمان, حيث كتب في وول ستريت جورنال أن الهجوم الإسرائيلي في حالة حدوثه ستكون فائدته محدودة, أما المحلل الإسرائيلي مناحم بن فيري أن العمل المستقل ضد إيران يعد ضربا من الجنون واستراتيجية التهديد بقطع الرءوس كفيلة علي ما يبدو بأن يبقي الوضع علي ما هو عليه, وأن تصبح هناك حرب باردة بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني مثلما كان الحال في الماضي بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي, ونشير في هذا السياق الي الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي سئل منذ فترة عن التهديدات بالإبادة التي تصل من إيران فأجاب قائلا: إيران أيضا يمكن تدميرها وفي الرد تكمن استراتيجية قطع الرءوس. البروفيسور ديفيد منشري رئيس مركز الدراسات الإيرانية بتل أبيب يري أن التهديدات الإيرانية والتلويح بمحو إسرائيل من علي الخريطة تؤخذ بجدية, أيضا الحديث الإسرائيلي عن التهديد الوجودي للدولة العبرية يؤخذ هو الآخر علي محمل الجد من جانب المواطن الإسرائيلي, فمنذ عامين نشر الملحق الأسبوعي لصحيفة هاآرتس تحقيقا بعنوان أنت والخطر الإيراني تم خلاله توجيه سؤال واحد لعدد من الإسرائيليين هو: ماذا تفعل لو علمت أن أحمدي نجاد يستعد لإطلاق قنبلة علي تل أبيب خلال شهرين؟ عدد كبير ممن تم سؤالهم قالوا إنهم سوف يهربون الي الخارج, أيضا مركز الدراسات الإيرانية قام باستطلاع في شهر مايو الماضي كشف فيه عن أن ثلث الإسرائيليين سيدرسون مغادرة إسرائيل اذا نجحت إيران في امتلاك السلاح النووي وأعرب81% ممن شملهم الاستطلاع عن اعتقادهم بأن إيران ستنجح في نهاية الأمر في امتلاك هذا السلاح, نفس الاستطلاع كشف عن أن53% من الإسرائيليين لا يعلقون أملا علي مساعي أوباما الدبلوماسية والإسرائيليون لديهم اقتناع بأن الغرب الذي يرتبط بمصالح مع إيران لن يفعل شيئا, وتراهن إسرائيل حاليا علي تغيير النظام الحاكم في طهران, خاصة بعد المظاهرات والمواجهات الأخيرة بين السلطات الايرانية والمعارضين أو بمعني أدق الاصلاحيين, ففي شهر يونيو الماضي تدفق مئات الآلاف من الإيرانيين الي شوارع المدن الإيرانية احتجاجا علي نتائج الانتخابات الرئاسية, وفي الأشهر الأخيرة بدأ معسكر الإصلاحيين في الدفع بعشرات الآلاف من المواطنين الي الشارع, لاسيما الشباب والطلاب واستخدام مواقع الإنترنت لنشر احتجاجاتهم, كما أن الزعيم الديني خامنئي الذي تمكن حتي الآن من البقاء فوق الخلافات الداخلية يتعرض الآن الي هجوم شخصي غير مسبوق, وأخيرا فإن الجانب الإسرائيلي يري أن النظام الثوري الإيراني الذي يمول ويدرب حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في الضفة وغزة, يراهن علي أن أمريكا ما بعد بوش وفي عهد أوباما لن تقدم علي أي عمل عسكري ضد إيران.