يعاني معظم دول العالم من مشاكل عجز الموازنة وعدم القدرة علي تمويل العدد المناسب من المشروعات العامة أساليب غير تقليدية لتمويل المشروعات العامة د. حسين عيسي يعاني معظم دول العالم من مشاكل عجز الموازنة وعدم القدرة علي تمويل العدد المناسب من المشروعات العامة في قطاعات الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحي والطرق والكباري وغيرها من القطاعات التي تقدم الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن وتسهم بدورها في رفع مستويات المعيشة والرفاهية الإقتصادية والإجتماعية. ومصر مثلها في ذلك مثل بلاد أخري تعاني من مشكلة عدم قدرة موارد الدولة السيادية علي تمويل القدر الكافي من المشروعات العامة بما يحقق طموحات وتطلعات الجماهير مما يتطلب ضرورة التفكير في تطبيق أساليب مبتكرة غير تقليدية لتمويل تلك المشروعات الحيوية. ومن ضمن هذه الأساليب الجديدة ما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث تجري انتخابات الرئاسة كل أربع سنوات وبهذه المناسبة يقوم الناخب بالإضافة الي إختيار رئيس الجمهورية بإبداء رأيه في مشروعات قوانين بإصدار سندات محددة المدة( من ثلاث الي خمس سنوات) علي أن تخصص حصيلة الإكتتاب في تلك السندات لتمويل مشروع محدد( محطة كهرباء, محطة غاز, طريق أو كوبري...) ويقع هذا المشروع جغرافيا في الولاية التي ينتمي إليها الناخب وبذلك تتحقق عدة مزايا: الأولي: تخفيف الأعباء علي موازنة الولاية وكذلك الموازنة الفيدرالية. الثانية: خلق وسيلة مهمة لإستثمار فوائض الأفراد في سندات آمنة مضمونة من إدارة الولاية وكذلك مضمونة بقدرة المشروع علي تحقيق إيرادات مستمرة. الثالثة: تعميق مبدأ الديمقراطية الاقتصادية فلا يتم طرح السندات للإكتتاب العام بين سكان الولاية إلا إذا وافقت أغلبية معينة علي ذلك. وجدير بالذكر أن هذه السندات يتم تداولها في البورصة مما يسهم في إنعاش أسواق المال وخلق إمكانية تحقيق أرباح رأسمالية للمتعاملين في تلك السندات. وإذا ما فكرنا في تطبيق هذه التجربة في مصر فإننا في حاجة الي الترتيبات التالية: تقسيم الدولة الي عدد من الأقاليم الاقتصادية ذات الطبيعة والخصائص المشتركة( إقليم محافظات قناة السويس, إقليم محافظات سيناء, إقليم محافظات شمال مصر, إقليم وسط مصر, إقليمجنوب مصر). حصر المشروعات العامة الخاصة بكل قطاع وفقا للمخطط الاستراتيجي الموضوع مسبقا وتحديد المشروعات التي يمكن تمويلها بالأسلوب المقترح وفقا للظروف الاقتصادية لكل إقليم. إستطلاع آراء مواطني كل إقليم في طبيعة وشروط السندات التي يمكن طرحها لتمويل المشروعات الخاصة به وهنا يمكن الإستعانة بجهود هيئات ومنظمات المجتمع المدني علي إختلاف أنواعها. تحديد التوقيتات المناسبة لطرح هذه النوعية من السندات في ضوء العوامل والمتغيرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية لكل إقليم. العمل علي تغيير منظومة التشريعات والقوانين الاقتصادية بحيث يتوافر الغطاء القانوني المناسب لمثل هذه النوعية من السندات. التخطيط لحملة إعلامية متكاملة تكفل الشرح المبسط لهذا الأسلوب الجديد في تمويل المشروعات العامة, بحيث يشعر المواطن بأنه لا يقدم منحة للدولة أو يقوم بسداد الضرائب المستحقة عليه, ولكنه في الحقيقة يقوم باستثمار أمواله في وسيلة آمنة تحقق عائدا معقولا وفي الوقت نفسه يسهم في تمويل المشروعات العامة التي يستفيد مواطنو الإقليم بخدماتها. ويلاحظ أن تطبيق هذا الأسلوب سوف يساعد علي تخفيف الأعباء التي تقع علي كاهل الموازنة العامة للدولة بحيث يقتصر تمويل الموازنة علي المشروعات العامة القومية والتي لاترتبط ارتباطا مباشرا بأقاليم اقتصادية محددة. وقديما قالوا إن معظم المشاكل التقليدية في حاجة الي حلول غير تقليدية وما أحوجنا في هذه المرحلة تحديدا الي فهم وتدبر هذه العبارة.