إن التنمية في مجال النانوتكنولوجي سوف تؤدي حتما إلي تغير العالم, عاجلا أو آجلا.. سوف يصل الدواء إلي هدفه المحدد بدقة, وستحل الطاقة الشمسية محل الطاقة الناتجة من الوقود الحفري, وسيمتلئ العالم بالعناصر والمعادن والمواد الجديدة التي ستستخدم في مجالات وصناعات فريدة, وسوف تكتشف الحساسات الكيميائية الصغيرة والرخيصة التلوث والسموم قبل حدوث أي خطر منها, والحساسات الميكانيكية سوف تعلن عن استعداد انهيار الكباري وسقوط العمارات قبل حدوثها بسنوات, وسوف نستخدم مواد فائقة القوة كجدران لمنازلنا, ولحماية طائراتنا وسياراتنا ومخازن بضائعنا, وطلاءات للناطحات تنظف نفسها بنفسها, وزجاج كواجهات لمنشآت يتم التحكم في درجة لونه بمفتاح كهربائي صغير ويصبح داكنا كأنك في الليل, حتي ملابسنا ستتمتع بمواد لها خواص جديدة تبرد في الصيف وتدفأ في الشتاء, وملابس داخلية لا تتسخ أبدا, تلك الاختراعات ستصل إلينا في المستقبل العاجل من خلال النانوتكنولوجيا. إن الذين ولدوا في القرن الحادي والعشرين سينظرون بنظرة كلها تعجب من تلك المعدات والآلات والأجهزة الكبيرة التي كانت تستعمل حتي بداية ذلك القرن, سوف يتعجبون من مساحات المصانع الهائلة التي أنشئت قديما, سينظرون إلي المساحات الكبيرة لمصانع السيارات, أو الأسمنت, أو الأسمدة, أو غيرها من الصناعات القائمة حتي بداية هذا القرن نظرة تعجب من كبر مساحاتها, وضخامة معداتها والأوناش الكبيرة التي تنقل الآلات والخامات والمنتجات, كما ننظر نحن اليوم إلي ضخامة الأهرامات, وارتفاع أعمدة المعابد الشاهقة الضخمة. خلال السنوات القليلة المقبلة سوف تصغر الآلات بشكل سريع إلي الحد الذي تملأ فيه آلاف منها جزءا من قبضة اليد الواحدة, سوف لا تري أجزاء تلك الآلات متناهية الصغر بالعين المجردة, لأنها ستصبح بمقياس النانو متر, وسوف نستخدم الآلات النانوية لتصنيع السلع والمنتجات من خلال إضافة ذرة واحدة إلي ذرة أخري, أو جزئ بجوار جزئ آخر, وستستعمل تلك التقنية متناهية الصغر في تصنيع جميع الأجهزة والمعدات, والهواتف, والحاسوب, والتلفاز, والأقمار الصناعية, وغيرها من الأجزاء التعويضية والتركيبية بجسم الإنسان, وسنستعمل الآلات النانوية والروبوتات لإجراء العمليات الجراحية وعلاج الأمراض في الإنسان, ويتوقع العلماء أن تترك تلك التقنية النانوية أثرا كبيرا علي القرن الحالي كما سبقت, أن تركت كثير من التقنيات السابقة آثارها علي القرون الماضية. ويتكون المصطلح الأفرنجي النانو تكنولوجي من مقطعين, المقطع الأول هو النانو, يرجع أصل كلمة نانو إلي اللغة الإغريقية القديمة, حيث تشتق من كلمة نانوس, ومعناها القزم أو المتناهي في الصغر, ولقد استعمل النانو كوحدة قياس غاية في الصغر, حيث يساوي جزءا من البليون, فمثلا مقياس النانو متر يساوي واحدا علي البليون من المتر, وللتعرف علي هذا المقياس وتقريبه إلي أذهاننا فإن قطر شعرة رأس الإنسان يتراوح بين عشرة آلاف إلي ثمانين ألف نانو متر, ومعدل نمو ظفر الإنسان في ثانية واحدة يساوي واحد نانو متر, والمقطع الثاني هو التكنولوجيا, وتعني التقنية, وتعرف التقنية بأنها عملية تطبيق العلم, خاصة في الأهداف الصناعية أو التجارية. ومن هنا فإن مصطلح النانو تكنولوجي يعني تلك التقنية التي تتحكم في وتتعامل مع الأشياء المتناهية في الصغر التي بمقياس من واحد إلي مائة نانومتر, إن التقنية مصطلح شامل عريض المضمون, حيث يشمل جميع فروع العلم التي تتعامل مع الأشياء والجسيمات التي تقاس بمقياس النانو, عند هذا المقياس بالذات يكون التعامل مع الذرات والجزيئات التي تظهر لها خواص ضوئية وميكانيكية فعالة وجديدة, والتي تتيح لها وتمكنها من وظائف واستعمالات جديدة, وكذلك تطوير المواد والمنتجات والأدوات المبتكرة الجديدة, أما عند مقاييس أقل من النانو فيكون التعامل مع أجزاء الذرات ومن خلال العلوم الذرية والنووية. د. مجدي مطاوع أستاذ كيمياء البلمرات بمعهد بحوث البترول