الوكالة اليابانية للتعاون الدولي, المعروفة باسم جايكا تعتبر أكبر مؤسسة في العالم لمساعدات التنمية الثنائية, حيث بلغ إجمالي رأسمالها في مارس الماضي نحو7,6 تريليون ين( أو83 بليون دولار تقريبا) كما يوجد لها95 مكتبا خارجيا تنفذ مشروعات تنموية في نحو150 دولة, ويعمل فيها أكثر من1660 موظفا دائما فضلا, عن آلاف المتطوعين والخبراء في جميع التخصصات. ساداكؤ أوجاتا رئيسة هذه المؤسسة العملاقة, زارت مصر أخيرا من أجل افتتاح الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا في برج العرب بالإسكندرية, وتتولي السيدة أوجاتا(73 عاما) منصبها الحالي منذ أكتوبر2003, وقد حصلت علي درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا في عام1963, وكانت رئيس وفد اليابان في الجمعية العامة للأمم المتحدة لعدة دورات, قبل أن تصبح رئيس المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في1991 لمدة عشر سنوات, والمبعوث الخاص للحكومة اليابانية من أجل دعم إعمار أفغانستان في2001, وقد حصلت علي العديد من الجوائز الدولية لدورها في مجالات الأمن الإنساني. وهذا هو نص الحوار: * الأهرام: كيف تنظرين إلي مصر وما هي أهم النتائج التي تمخضت عنها زيارتكم الأخيرة؟ { مصر دولة محورية في منطقة الشرق الأوسط, ونحن حريصون علي توسيع الشراكة بين البلدين لخدمة الاستقرار والتنمية في هذه المنطقة المضطربة, وقد زرت مصر عدة مرات من قبل, وأعتقد أن الزيارة الأخيرة كانت إيجابية للغاية, فقد شرفت بمقابلة السيدة سوزان مبارك التي كانت في غاية اللطف معي, وناقشنا معا العديد من المسائل المهمة, مثل تحسين أحوال المرأة والطفل والمرضي وذوي الاحتياجات الخاصة, وقد لمست لدي سيدة مصر الأولي الرغبة القوية في مساعدة هؤلاء الناس وتحسين أوضاعهم. وتحدثت أيضا مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف حول ضرورة أن تكون الجامعة الجديدة إحدي الوسائل المهمة لدفع التعاون المصري الياباني في مجال نشر العلوم والتكنولوجيا في الدول الإفريقية الأخري. كما تمكنت من التعرف علي عدد من المشروعات الناجحة التي تقوم جايكا بتنفيذها في مصر سواء عن طريق القروض الميسرة أو تقديم المشورة الفنية, مثل مشروع توسيع مطار برج العرب في الإسكندرية, ومشروع المتحف المصري الكبير. وتبنت أفكارا جديدة لدفع التعاون بين البلدين في المستقبل مثل إمكانية التعاون مع مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام من أجل دفع التعاون الثنائي بين البلدين, حيث التقيت مع مدير المركز الدكتور جمال عبدالجواد, وسوف أتحدث مع المركز البحثي التابع ل جايكا والمراكز البحثية الأخري في اليابان من أجل دفع التعاون مع مركزكم في الفترة المقبلة. * الأهرام: كيف تقيمون العملية التنموية في مصر حاليا؟ { برغم قصر مدة زيارتي, أعتقد أن بلدكم يتقدم بشكل مدهش وسريع من الناحية الاقتصادية, والدليل علي ذلك أن الاقتصاد حقق نسبة نمو تراوحت بين5 و6 في المائة خلال السنوات الست الماضية, ونحن نقدر بشكل كبير جهود الحكومة المصرية في المجال الاقتصادي, وسوف نستمر في تقديم القروض الميسرة لمصر لثقتنا في قوة أوضاعكم الاقتصادية. * الأهرام: تعد الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا إحدي العلامات البارزة علي طريق التعاون بين مصر واليابان, فكيف تنظرين لهذا المشروع الضخم؟ { فكرة هذه الجامعة نبعت من القيادة السياسية في مصر منذ عدة سنوات, وبالتحديد منذ عام2004, وكانت هذه الفكرة مؤشرا علي توجه المصريين للتفكير في مشروعات ضخمة تعود بالفائدة علي عملية التنمية في مصر, وقد وجد المصريون في اليابان شريكا يمكن الاعتماد عليه بسبب تفوقها العلمي والتكنولوجي, وفي الوقت نفسه, كان لدي عدد من الجامعات اليابانية الرغبة والقدرة علي تنفيذ هذه الفكرة, فإن الأمر لم يكن سهلا من الناحية التنظيمية, ولذلك استغرقت الفكرة عدة سنوات حتي تحققت علي أرض الواقع بمشاركة العديد من الجهات والمؤسسات المصرية واليابانية. * الأهرام: ما أهم الصعوبات التي وقفت أمام تنفيذ هذه الفكرة؟ { كانت هناك عدة صعوبات, مثل قيام الجامعات اليابانية بتوفير الكوادر البشرية القادرة علي التدريس في هذه الجامعة, وتوفير التمويل الضروري لإنشاء أبنية الجامعة وتجهيزها بالأجهزة والمعامل الضرورية لتدريس العلوم والتكنولوجيا, كذلك كان من الضروري التأني في اختيار الطلبة المناسبين للدراسة في الجامعة. ولكننا نجحنا في التغلب علي كل هذه المصاعب, حيث قام عدد من الشركات اليابانية والمصرية بدفع حصص مالية كاشتراكات لتمويل الجامعة, وكان ذلك أمرا طيبا أتمني أن يتنامي في المستقبل من أجل زيادة عدد المنح المقدمة للطلبة الذين يمتلكون المهارات اللازمة للدراسة ولكنهم غير قادرين علي تحمل التكلفة المالية لذلك. * الأهرام: هل انتهي دور جايكا في دعم الجامعة, أم سيستمر هذا الدور في المستقبل؟ { بالطبع سوف نستمر, صحيح أن أبنية الجامعة سيتم استكمالها عن طريق الجانب المصري, ولكننا ملتزمون بتوفير الأجهزة والمعدات الضرورية لعمل الجامعة, كما أننا سنتواصل مع الجامعات اليابانية المشاركة من أجل ضمان استمرارها في توفير الكوادر البشرية اللازمة, وسنستمر أيضا في التعاون مع وزارة التعليم العالي في مصر من أجل مساندة أنشطة الجامعة. وسنحاول أيضا إقناع الشركات اليابانية من أجل توفير التمويل الكافي لتقديم المنح الدراسية للطلبة وتوفير فرص العمل لخريجي الجامعة في المستقبل. * الأهرام: ما أهمية الدور الذي تلعبه جايكا بالنسبة لليابان, وما أولويات أنشطتكم في المرحلة الحالية؟ { اليابان دولة لا تمتلك جيشا, ومن ثم فإن المساعدات المالية والفنية التي تقدمها جايكا لدعم الجهود التنموية في الدول النامية تعد إحدي الوسائل المهمة لمساهمة اليابان في تحقيق الاستقرار والأمن في العالم. ونحن الآن نركز علي مد يد المساعدة للجهود التنموية في الدول الإفريقية وأفغانستان, وستذهب معظم المشروعات التي ستمولها جايكا هذا العام وفي الأعوام المقبلة إلي هذه الدول بما فيها مصر. * الأهرام: ولكن هل يمكن أن تشارك جايكا في تمويل مشروعات السدود علي نهر النيل برغم معارضة مصر والسودان؟ { نحن نعلم الأهمية القصوي التي يمثلها نهر النيل بالنسبة لكل الدول المطلة عليه, ومنها مصر. وقد سمعت أن هناك مشاورات بين دول حوض النيل لتعديل الاتفاقات المنظمة لتقاسم مياه النيل, ونحن نتابع الموقف, ولكننا لسنا مشاركين كطرف في هذه المشاورات, وإذا وصل الأمر إلي مرحلة التنفيذ لمشروعات معينة يتم الاتفاق عليها بين جميع الأطراف, فربما نكون حريصين علي المشاركة. * الأهرام: هل توجد خطوط حمراء من جانب الولاياتالمتحدة علي أنشطة جايكا في دول الشرق الأوسط؟ { لا أعتقد ذلك. فنحن لدينا تعاون قوي ووثيق مع كل دول المنطقة, فاهتمامنا الرئيسي ينصب علي عملية التنمية, وبالتالي نستطيع التحرك في أي دولة إذا ما كانت هناك حاجة للقيام بمشروع تنموي يتعلق بالأمن الإنساني والاحتياجات الأساسية للبشر. ونحن لدينا مشروعات مهمة في إيران والسودان وسوريا, برغم التوتر الذي قد يشوب علاقات هذه الدول مع واشنطن, بل إن التعاون الوثيق مع السوريين, وصل إلي قيامنا بوضع التخطيط العمراني الجديد للعاصمة دمشق. * الأهرام: هل معني ذلك أن الاعتبارات السياسية لا تؤثر علي أنشطتكم؟ { بالطبع لا. فنحن نقوم بتنفيذ التوجهات العامة التي تضعها وزارة الخارجية اليابانية تجاه كل دولة, وتلعب الاعتبارات السياسية دورا أكبر نسبيا في حالة مشروعات البنية الأساسية, فعلي سبيل المثال, بينما تعثر عمل جايكا في إيران أخيرا بسبب أزمة برنامجها النووي, فإننا تعهدنا بتقديم5 بلايين دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لإعادة إعمار العراق. * الأهرام: ما رسالتكم التي تودين إرسالها إلي الشعب والحكومة في مصر عبر الأهرام؟ { رسالتي هي دعونا نعمل معا لأن لدينا عددا من الأهداف المشتركة, ونحن في اليابان لدينا الوسائل الممكنة لتحقيق هذه الأهداف, وأنتم في مصر تعيشون في منطقة مليئة بالمصاعب والتحديات.