الجامعة الألمانية بالقاهرة تكرم أوائل الثانوية العامة وتقدم 64 منحة دراسية كاملة    15 ونشًا جديدًا تعزز كفاءة «هاتشيسون»    مصر تدرس حظر استيراد السيارات الكهربائية الصينية – ما القصة ؟    مشاهد غزة تعيد للأذهان مجاعات إفريقيا    إخوان.. وصهاينة!!    جوردون مايفورث مديرا فنيا ل«رجال طائرة الأهلي»    ادعت أنها ابنة مبارك.. الداخلية تضبط «بلوجر» شهّرت بالفنانة وفاء عامر    «النيل» للمعى ودرويش وزايد.. و«التقديرية» للشهاوى والمعدول وعبد اللطيف    فوز حلمي عبدالباقي ونادية مصطفى بانتخابات التجديد النصفي لنقابة الموسيقيين    أمين الفتوى: الشبكة ليست هدية بل جزء من المهر يرد في هذه الحالة    طب قصر العيني تكرم الدكتور حسام موافي بعد حصوله على جائزة الرواد    محافظ الغربية يعتمد نتيجة مسابقة الوظائف الإشرافية.. وتأهل 1222 معلمًا    بعد أزمته مع نجم كبير.. تامر حسني يعلن تصدره تطبيق "أنغامي"    قبل رمضان صبحي.. قصة اتهام مصطفى محمد بتزوير الامتحانات أثناء وجوده مع منتخب مصر    ما حدود تدخل الأهل في اختيار شريك الحياة؟.. أمين الفتوى يجيب    التريند الحقيقي.. تحفيظ القرآن الكريم للطلاب بالمجان في كفر الشيخ (فيديو وصور)    بنتايج يواصل تدريباته التأهيلية في مران الزمالك    النائب إيهاب منصور يتقدم بسؤال عاجل للحكومة بشأن الانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه في الجيزة    وزير الثقافة: احتفالية كبرى بدار الأوبرا لتكريم الفائزين بجوائز الدولة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة المطرية في القاهرة    خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    إكسترا نيوز ترصد تفاصيل وصول مساعدات مصرية إلى غزة ضمن قافلة "زاد العزة"    مدرب سلة الأهلى الجديد يصل القاهرة بعد أسبوعين    بدء أوكازيون تخفيض أسعار السلع 4 أغسطس المقبل    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    الخارجية الفلسطينية: الضم التدريجي لقطاع غزة مقدمة لتهجير شعبنا    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    ترامب: نعمل مع إسرائيل لمحاولة "تصحيح الأمور" في غزة    وزير العمل ومحافظ الإسكندرية يفتتحان ندوة للتوعية بمواد قانون العمل الجديد    إم جي تطلق سيارتها IM5 سيدان الكهربائية رسميًا في الأسواق.. صور وتفاصيل    سفيرة الاتحاد الأوروبى: مصر ركيزة الاستقرار الإقليمى وندعم جهودها لوقف حرب غزة    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "3 فرق يشاركون في دوري الأبطال".. خالد الغندور يزف خبرا سارا    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    الأردن: الكارثة في غزة وصلت لوضع لا يمكن وصفه    ماء المخلل.. هل هو مفيد؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    تحرير (144) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    جامعة مصر للمعلوماتية تتعاون مع شركة اديبون لتدريب طلبة الهندسة بإسبانيا    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    بالصور.. اندلاع حريق بمخلفات الأشجار على طريق البراجيل    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و51 ألفا و300 فرد منذ بداية الحرب    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    ريال مدريد يعلن انتقال لاعبه إلى خيتافي    المصري يدرس تجميد محمود جاد    بالفيديو.. الأرصاد تكشف موعد انكسار موجة الطقس الحارة    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكريات إفريقية‏(2)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 06 - 2010

الذكريات لا تأتي في تسلسل تاريخي‏,‏ بل تثيرها أحداث وظروف خاصة فعلي سبيل المثال أثارت زيارة أودنجا رئيس وزراء كينيا ذكريات عن المؤتمر الأول لتضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية في ديسمبر عام‏1957. وكان ممثل كينيا في ذلك المؤتمر أوجنجا أودنجا والد رئيس الوزراء الحالي‏.‏ كان ذلك المؤتمر نقطة تحول في حركات التحرير الإفريقية إذ لأول مرة في تاريخ النضال الوطني اجتمع قادة حركات التحرير تحت سقف واحد بعد أن كان الاستعمار يفصل بينهم رغم تجاورهم وإذا أراد شخص من سيراليون أن يزور غانا المجاورة كان يجب أن يسافر إلي لندن أولا ثم من لندن إلي غانا‏.‏
وكان ذلك المؤتمر بدء الاهتمام الرسمي بإفريقيا وأنشئ مكتب للشئون الإفريقية يتبع رئاسة الجمهورية وكان يرأسه الوزير محمد فائق‏.‏ وبعد انتهاء المؤتمر بقي قادة حركات التحرير في القاهرة وتكون أكثر من مكتب لهم وقامت الحكومة بتقديم كافة الإمكانات لهم من سكن ومكاتب ومرتبات شهرية وأصبحت الظاهرة منبرا لحركات التحرير‏,‏ وقد تسبب ذلك إلي تدهور علاقاتنا مع بريطانيا وفرنسا بالذات‏,‏ وكان من أوائل المهتمين بإفريقيا الصديق الراحل السفير عبد العزيز اسحق‏,‏ وهو الذي أخرج ابن واين لومومبا من الكونجو علي جواز سفره الدبلوماسي‏,‏ وقد عاش الاثنان في منزل عبد العزيز اسحق في الزمالك تحت رعاية زوجته السيدة الفاضلة ماما زيزي كما يناديها أولاد لومومبو‏.‏
وكان عبد العزيز اسحق يرأس تحرير مجلة صوت افريقيا التي ساهمت في تعريف المصريين بإفريقيا ومشاكلها‏,‏ وكان من المهتمين بشئون إفريقيا الصديق الراحل الوزير عبد المنعم الصاوي الذي رأس الجمعية الإفريقية والتي تحولت إلي الرابطة الإفريقية‏.‏ وبعد مؤتمر الشعوب الإفريقية الآسيوية تكونت السكرتارية الدائمة و كان يوسف السباعي السكرتير الدائم وكنت أنا نائبا له وكان معنا مندوبون عن إفريقيا أذكر منهم أوسندي أمانا من السنغال وجون كاف من أوغندا وأوجنجا اونجا من كينيا وكلفت بالاشراف علي الشئون الإفريقية‏,‏ مما أعطاني الفرصة لإقامة صداقات مع الزعماء الافارقة ولمعرفة المزيد عن المشاكل الإفريقية‏.‏
كانت أول بلدة إفريقية زرتها هي غانا وكان ذلك في ديسمبر عام‏1958‏ حين طلبني الرئيس نكروما للمساعدة في تنظيم مؤتمر جميع الشعوب الإفريقية الذي عقد في أكرا في ذلك الشهر وسبب طلب نكروما لي أنه سبق وتعرفت به عام‏1956‏ حين حضرت مؤتمر الوحدة الإفريقية الذي عقد في مانستر في ذلك الشهر وكان الداعي الي المؤتمر والمنظم له جورج بادمور من احدي جزر الهند الذي اختاره نكروما بعد الاستقلال ليكون مسئولا عن الشئون الإفريقية في غانا‏.‏ وحين وصلت إلي أكرا وجدت مكتبا لي مع جورج بادمور وعملنا معا لتنظيم وإنجاح المؤتمر‏.‏
وكان اول ما لفت نظري في غانا العلاقة القوية مع إسرائيل‏,‏ لدرجة تكوين شركة ملاحة مشتركة بين البلدين وعرفت ان وجود إسرائيل في إفريقيا بدأ قبل استقلالها وقت الاستعمار البريطاني والفرنسي الذي عاون إسرائيل في ذلك المجال‏,‏ ووجدت نفس التغلغل في أوغندا أثناء حكم عيدي أمين وأذكر في حديث لي معه أني سألته كيف وهو الزعيم المسلم يتعاون بقرب شديد مع إسرائيل وقال إنه حين جاء إلي الحكم طلب من الحكومة المصرية معاونته في تدريب الجيش ولم يصله أي رد بينما أسرعت إسرائيل لتقديم المعونة وكانت السمة أن عيدي أمين نفسه تدرب عسكريا في إسرائيل‏,‏ وهذا يشرح دوره في عملية عنتبي بعد ذلك‏,‏ وأذكر حين حضرت احتفال كينيا بالاستقلال عام‏1963‏ وكان جومو كنتانا الرئيس واوجيني اودنجا نائبه أن دعينا الي حفل ساهر لتلك المناسبة وكانت نجمة الحفل مريام مكيبا أشهر مغنية في جنوب إفريقيا وبدأت الحفل بأغنية شعبية إسرائيلية فما كان منا نحن المندوبين العرب إلا الانسحاب من الحفلة وقدمنا معا احتجاجا لم نعرف نتيجته‏.‏
ومرت علاقتنا بإفريقيا بفترة هدوء حتي جاء الدكتور بطرس غالي وزيرا للدولة للشئون الخارجية وركز اهتمامات علي إفريقيا‏.‏ كان يدعو زعماءها ونناقش معهم مشاكلهم ويحاول ان يقدم لهم المعونات‏,‏ وكان كثيرا ما يدعوني لمقابلة بعض هؤلاء المسئولين وخاصة من كان يسأل منهم عني وبدأ يكلفني بمهام في إفريقيا فذهبت عن طريق صندوق المنحة الفنية الي غانا ونيجيريا حيث ألقيت محاضرات في جامعاتهما من اهم ما قمت به زيارتي لناميبيا‏Namibia‏ لتدريب مجموعة من شباب الصحفيين لإصدار جريدة وكان هناك معي صحفي من جنوب إفريقيا وصحفية من ألمانيا‏,‏ تعجبت من وجود صحفي من جنوب إفريقيا ولكن زال عجبي حين وجدت أن جنوب إفريقيا لها سفارة في ناميبيا تعجبت لأننا كما يقول المثل ملكيون أكثر من الملك‏.‏ كنا نقاطع جنوب إفريقيا ونتهم حكومتها بالعنصرية بينما تعترف بها جارتها الإفريقية‏,‏ بل إن عملة الراند في جنوب إفريقيا هي نفس العملة في ناميبيا‏.‏
وكان سفير جنوب إفريقيا ينظم حفل استقبال كوكتيل كل يوم جمعة في مقر إقامته وتلقيت دعوة لحضور الاستقبال‏.‏ وقابلني السفير بالترحاب وسألني إن كنت اريد ان ازور جنوب إفريقيا وطبعا تحمست للزيارة واعطاني السفير الفيزا وسافرت الي جوهانسبرج وفي المطار وبرغم جواز سفري المصري و مشاركة مصر في الهجوم علي حكومة جنوب إفريقيا العنصرية كان مسئولو الجوازات علي درجة عالية من الأدب والترحيب بي في بلدهم‏.‏ ووجدت زوجة صديقي الصحفي الزميل في تدريب الشباب في انتظاري‏,‏ وأخذتني في جولة أولا في أحياء جوهانسبرج الفقيرة‏Slans‏ و كانت تعلق طول الوقت علي الظلم الذي تعرض له غالبية شعب جنوب إفريقيا‏.‏ كانت مثل زوجها ليبرالية التفكير وقد عرفت بعد ذلك ان الجريدة التي يرأس تحريرها زوجها هي الوحيدة التي يعمل بها صحفيون سود‏.‏
ذكريات تسابقت في ذهني متدافعة تريد كل منها ان تسبق الاخري‏,‏ ولكن كلها ذكريات افريقية ذكريات عن زعماء حركات التحرير ثم رؤساء لبلادهم التقوا في مصر ومع مصر في المؤتمرات‏.‏ لقد اشارت في تاريخ علاقة مصر بإفريقيا التي مرت بمراحل مختلفة مراحل تنسيق وتنافس‏,‏ صداقات وخلافات تقارب وتباعد ولكن في كل هذه المراحل كانت مصر هي مصر الشقيقة الكبري التي تحمل دون شكوي وتوجه دون رعاية وتشير دون ان تضغط كنا نري مواقف دول ساعدتها مصر في الحصول علي استقلالها وهي تدير لنا ظهرها وتدمع عيوننا‏,‏ وقد ترتفع نغمة تتحدث عن الجحود او عدم الولاء ولكن لعله حظنا اننا لم نتفهم الخلفية الثقافية والحضارية لإفريقيا‏,‏ ومما يعطي الامل ان هناك مجموعة من المفكرين من هواة افريقيا الذين يجمع بينهم حبهم لإفريقيا واقتناعهم انها المجال الحيوي الاول لمصر والعرب‏.‏

المزيد من مقالات مرسى سعد الدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.