بعد غد الثلاثاء سوف يختار الناخبون المصريون ممثليهم في مجلس الشوري, في انتخابات التجديد النصفي لهذا المجلس الذي يوصف بالغرفة الثانية للبرلمان, وزادت أهميته بتعديلات دستورية أضافت إليه صلاحيات جديدة, انعكست علي أدائه ودوره الرقابي المكمل والمتصل بالغرفة الأولي أي مجلس الشعب. ولعل هذا هو السبب الحقيقي وراء الاهتمام المتزايد من قبل الاحزاب السياسية لدفع عدد أكبر من أعضائها للترشح للفوز بمقاعد المجلس, حيث بلغ عدد المتقدمين للترشح446 مرشحا يمثلون مختلف الاحزاب المصرية إلي جانب عدد من المستقلين أو المنتمين لاحزاب, ولم يخترهم حزبهم ففضلوا الترشح كمستقلين, وحالة الاقبال الشديدة علي التقدم للترشيح لعضوية مجلس الشوري تعكس إلي جانب الاحساس بأهمية الدور الذي يلعبه ولعبه خلال الدورة الماضية, حالة عامة في الرغبة الشعبية للمشاركة السياسية من خلال إحدي المؤسسات الدستورية المهمة, وتعكس ايضا احساس المجتمع والفئات السياسية بأن انتخابات الشوري هي الاختبار الأول كمرحلة انتخابية تبدأ بالشوري, وتمر علي انتخابات مجلس الشعب نوفمبر المقبل, وتنتهي لانتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجديد. ولهذا فإن انتخابات الشوري برغم أنها تجديد نصفي لاعضائه ستكون قراءة مستقبلية, لما سيحدث في انتخابات مجلس الشعب الانتخابات الرئاسية في انتخابات الشوري التي ستجري بعد غد في55 دائرة انتخابية, وسيتم فيها الإعادة في الثامن من شهر يونيو المقبل أي بعد أسبوع واحد بدا الاهتمام واضحا من كل الاحزاب والقوي السياسية بالمشاركة بمرشحين في عدد غير قليل من الدوائر وبدا ايضا أن الحزب الأقوي, هو الحزب الوطني الديمقراطي الذي استطاع أن يدفع بمرشحيه في كل الدوائر, بل دفع بأكثر من مرشح في عدد منها وتركها مفتوحة دون إعلان اسم مرشحه فيها, ويعكس هذا الأمر بوضوح قوة الحزب وقدرته التنظيمية والسياسية وحجم العضوية فيه وامتلاكه لعدد من الاسماء والشخصيات للدفع بها للتمثيل النيابي في جميع انحاء البلاد, ومن الملاحظ أن احزاب المعارضة لم تستطع الدفع بمرشحين لها في كثير من الدوائر واكتفي بعضها بالترشيح في دوائر بعينها تري أنها تتمتع ببعض التأييد فيها ويمكن الفوز بها, ومع ذلك تعتبر أحزاب المعارضة أن انتخابات الشوري هي البروفة أو المرحلة الأولي لاختبار الشارع في الانتخابات المقبلة, أما الوطني فقد كان جادا وتعامل مع هذه الانتخابات بشكل سياسي, حيث وضع برنامجا شاملا لمرشحيه علي مستوي الجمهورية, وبرنامجا لكل مرشح ودائرة, وقامت قيادات الحزب بجولات في المحافظات, وعقدت عشرات المؤتمرات العامة والاجتماعات التنظيمية لدعم مرشحي الحزب وناشدت الناخبين التوجه لصناديق الاقتراع, وأعلنت حرصها علي إجراء انتخابات ديمقراطية وحرة وتعاملت بشكل سياسي وانتخابي حقيقي حيث قام قادة الحزب بشرح ما تم انجازه وتحقيقه لصالح الناس والمواطنين في كل الدوائر, وقدمت برنامجا مستقبليا تعهدت بتنفيذه خلال المرحلة المقبلة ولا يقلل عدد المتقدمين للترشيح لاحزاب المعارضة من قيمة مشاركتها, فبعض هذه الاحزاب, كما أعلم يدخر عددا من مرشحيه لانتخابات مجلس الشعب المقبلة, ويري في انتخابات الشوري ودوائرها المتسعة نوعا من المران الانتخابي والانتشار, وهي أفكار تستحق التقدير لأنها تؤكد فكرة المشاركة والنزول للشارع والاحتكاك بالمواطنين وعرض الأفكار والبرامج بدلا من المقاطعة التي تزيد من عزلة الاحزاب وتقوقعها في مقراتها. ومع كل هذه الرؤي والمواقف تظل لانتخابات الشوري أهمية خاصة وخصوصا فيما يتعلق, بإقبال الناخبين وكثافة حضورهم, ومدي التزام الناخب والمرشح والأجهزة الإدارية بالقانون, حتي تخرج الانتخابات بصورتها التي تمناها باعتبارها الاختبار الأول والخطوة الأولي لتكريس نظام انتخابي يستند علي قانون يلتزم به الجميع, ويصبح سلوكا عاما في أي انتخابات أخري. ولعل هذا ما يدفعنا للحديث عن دور اللجنة العليا للانتخابات وهي اللجنة المنوط بها, إخراج العملية الانتخابية بكل مراحلها في إطار من الشفافية والنزاهة وحماية حقوق الناخبين والمرشحين, والتصدي بالقانون لكل الانتهاكات أو التجاوزات التي يمكن أن تؤثر علي سير العملية الانتخابية, وأمام اللجنة قبل وبعد الانتخابات مهام جسيمة حتي يتحقق هذا الهدف, ومنها السماح لمنظمات المجتمع المدني المصرية, بمتابعة عمليتي الاقتراع والفرز يومي الانتخابات والإعادة, والتبيلغ فورا عن كل من يحاول التأثير علي سير العملية الانتخابية بالبلطجة, أو شراء الأصوات واتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يتجاوز الحد الأقصي في الإنفاق للدعاية الانتخابية, والإسراع بشطب كل مرشح مهما يكن انتماؤه الحزبي أو من المستقلين استخدام شعارات أو رموزا أو قام بأنشطة دعائية ذات طابع ديني أو طائفي أو ثبت تلقيه أموالا من الخارج. مع التأكد من الفئات التي لا يحق لها التصويت في الانتخابات مثل ضباط وأفراد الشرطة والقوات المسلحة, أثناء خدمتهم, إلي جانب وجود موانع تمنع من مباشرة الحقوق السياسية ومنها حق الانتخاب, وينطبق ذلك علي كل من صدر بحقه حكم قضائي في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو جريمة انتخابية, أو المحجور عليهم والمصابين بأمراض عقلية والمشهر بإفلاسهم والمفصولين من عملهم, مهمة صعبة وكبيرة لهذه اللجنة التي تضم عشرة أعضاء أصليين وستة احتياطين, ولكن الضمانات التي كفلها القانون لرئيس وأعضاء اللجنة وتمتعهم بالحصانة والاستقلال الكامل ووجود ميزانية خاصة بها تحمي عمل هذه اللجنة وتساعدها علي أداء دورها, وهي التي تملك الحق وحدها في تشكيل أعضاء اللجان العامة والفرعية, وتتكفل بجميع نفقات إقامتهم ومكافآتهم, حماية لاستقلالها وقرارها. مهام عاجلة جسيمة وهي أساس نجاح أي عملية انتخابية, فبغير ذلك لن يتوافر المناخ المناسب لإبداء الرأي, ولن تأتي أصوات الناخبين, تعبيرا عن إرادتهم, وأعتقد أن تصريحات المستشار انتصار نسيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات وتعهده بتفعيل نصوص القانون لحماية العملية الانتخابية وقيامه بالفعل باتخاذ عدد من الإجراءات القانونية ضد من خالفوا القانون من المرشحين, يعطينا الأمل في خروج انتخابات الشوري بالشكل الذي يليق بالتجربة الديمقراطية ويجعلنا نتفاءل بأن هذا النهج سيظل مستمرا في أي انتخابات مقبلة, لهذا نقول إن انتخابات الشوري هي الاختبار الأول, ونجاحنا فيها سيجعلنا ننجح في الاختبارات المقبلة, وعلينا أن نفعل ذلك. المزيد من مقالات مجدي الدقاق