يبدو أن حملة الأكاذيب التي بدأتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وأمينها العام رمضان شلح علي مصر ومواقفها من القضية الفلسطينية, سوف تتسع دوائرها, فقد نظمت الحركتان حماس والجهاد في غزة تجمعا مشتركا ومؤتمرا صحفيا للحديث عما سموه ملف المعتقلين الفلسطينيين وتعذيبهم في مصر!! دفعت الحركتان بعدد من الأسر الفلسطينية وبعض المتحدثين من أعضاء الحركتين للحديث عن شهادتهم, حيث كرر هؤلاء ادعاءاتهم, بنفس الطريقة التي تحدث بها السيد رمضان شلح من قبل, وظهر أن الجماعتين المتنافستين نسقتا بشكل واضح في إتجاه تصعيد حالة الهجوم علي مصر, حيث شارك أحد قادة حماس في غزة هو سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة, ليعيد فتح الحديث عن وفاة شقيقه يوسف ويحمل مسئولية وفاته للسلطات المصرية, ويتحول تجمع كوادر الحركتين والمؤتمر الصحفي إلي سيل من الهجوم والادعاءات علي مصر بشهادات ملفقة وساذجة, من نوع, أن المحققين المصريين سألوا المعتقلين أثناء تعذيبهم, أين أماكن صواريخ القسام؟ وماهي أماكن اختباء قادة حماس؟ وما الأطر التنظيمية للحركة وجناحها العسكري؟ روايات خيالية, كررها كوادر الحركتين في مشهد أكد أن هناك توجها سياسيا لدي حركة الجهاد وتيار داخل حركة حماس لتعقيد العلاقات مع مصر ومحاولة الضغط عليها, واستخدام هذا الملف الوهمي كورقة سياسية في صراع وخلافات الفصائل الفلسطينية, ووضح أيضا أن هناك ضغوطا إقليمية علي الحركتين لإفتعال هذه المعارك مع مصر, لتعطيل جهودها الرامية لإنهاء الانقسام الوطني الفلسطيني. في مقال الأسبوع الماضي, كشفت أكاذيب السيد شلح والجديد في الأمر هو انضمام سامي أبو زهري لهذه الحملة, الذي حاول أن يجعل من قضية وفاة شقيقه قضية سياسية عامة,وبالطبع نحن نقدر الجانب الشخصي في فقدان الأخ أبوزهري لشقيقه والذي كنا نتمناه عليه ألا يستغل هذا الأمر لتوظيفه سياسيا علي عكس الحقيقه, فهو يعلم أنه شخصيا يتبع الإجراءات الرسمية للمرور عبر معبر رفح بطلب رسمي من السلطات المصرية, وقد فعلها أكثر من مرة سواء للانتقال لاستكمال دراسته في سوريا أو للسفر لأماكن أخري, وكان يتم استقباله وتسهيل اجراءات سفره والترحيب به أثناء ذهابه وعودته, أما قضية شقيقه والذي يحاول إثارتها الآن, فهو يعلم أنه دخل مصر بطريقة غير مشروعة, وظل مختبئا في عدة اماكن, وعندما تم الاشتباه فيه تم التحقيق معه وتحجج بأنه دخل مصر للعلاج, وكان فعلا يعاني من حالة مرضية متأخرة بسبب إصابته بالتليف الكبدي والجهاز الهضمي, وأثناء التحقيق معه أصيب بنزيف حاد في الكبد والجهاز الهضمي وتم نقله الي المستشفي وتوفي هناك وأثبت تقرير الطبيب الشرعي وفاته لهذه الأسباب, وعندما تحدثت حماس عن مقتله بعد تعرضه للتعذيب, قدمت مصر صورة من التقرير, وطلبت من حماس تقديم أية معلومات أو أدلة تثبت غير ذلك, وتم إغلاق ملف يوسف أبوزهري بعد أن خضع جثمانه لكشف الطب الشرعي من قبل أطباء شرعيين في غزة. وقد اعترف سامي أبوزهري, والمتحدث الرسمي باسم حماس في غزة بأنه أجري اتصالا هاتفيا مع شقيقه يوسف وعرف منه أنه يعاني من نزيف بسبب الكبد ويعالج في أحد مستشفيات الإسكندرية. إذن ما الذي غير من موقف المتحدث الرسمي لحماس؟ بالطبع نحن نقدر حزن الرجل علي شقيقه, فإذا كانت الأسباب شخصية, فنحن نقدر ذلك, فوفاة الشقيق خسارة كبري, ولكن يجب ألا يتحول الأمر الشخصي إلي موقف يضر بقضية عامة وعلي حساب سمعة بلد وعلاقات شعب فلسطين بدولة مثل مصر, ولا أعتقد في الإطار الشخصي أيضا أن يكون سامي أبوزهري قد ترك تنظيمه وأصبح جهاديا ولم يعد حماسيا, إلا في سياق إلتقاء الأهداف المرحلية بين الجهاد وتيار داخل حماس, يعبر عنه أبوزهري, وهي أهداف لاتسعي للمصالحة ولا إلي إنهاء الانقسام الوطني الفلسطيني وتسعي إلي نسف الجهود المصرية لإتمام وحدة الشعب الفلسطيني, قيادة وأرضا, فالأسباب إذن سياسية هدفها الوحيد هو التراجع عن مواقف الحركتين وعدم التوقيع علي وثيقة المصالحة الوطنية, أو علي الأقل المماطلة باختراع ملفات وهمية, ربما تنجح الحركتان في تحقيق مكاسب سياسية علي حساب حركة فتح والسلطة الوطنية الفلسطينية والامر المحير هنا هو الحديث عن المعتقلين في مصر!! والسكوت عن المعتقلين والأسري الفلسطينيين وهم بالآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في إسرائيل, أو حتي عشرات المعتقلين من قبل حماس في غزة أو من قبل السلطة في رام الله. إن كل المؤشرات علي الساحة الفلسطينية تؤكد أن الأجنحة والتيارات المناهضة للحوار الوطني والمصالحة, داخل بعض الفصائل بدأت في الحركة, وبدلا من توجيهها من أجل القضايا الوطنية, ركزت تحركها علي بقاء الأوضاع كما هي بالهجوم علي المواقف المصرية, وإثارة قضايا وهمية لتكريس هذه الأوضاع وصرف الأنظار عن تهويد القدس ومعاناة أهلنا في غزة وحصار الأراضي الفلسطينية, واستمرار الانشقاق الوطني الفلسطيني. وكنا نتمني أن ينتبه الفلسطينيون لكل هذه التحديات وعدم العودة للحديث عن إدعاءات باطلة وإستخدامها كمادة للمزايدة السياسية وتصعيد الموقف علي حساب مصالح الشعب الفلسطيني وعلي حساب العلاقات مع مصر, التي تتعامل مع كل الأشقاء بشكل إنساني بما يفرضه عليها واجبها القومي, فمنذ أيام قليلة دخل6 آلاف فلسطيني مصر عن طريق معبر رفح منهم3 آلاف تم علاجهم في المستشفيات المصرية علي نفقة الدولة المصرية, ويجب ألا يتحدث أحد بهذه الأكاذيب عن مصر, ولكن لابد أن يقر ويعترف الجميع بأن مصر دولة ذات سيادة وأن من حقها أن تدافع عن أمنها ضد كل من يحاول اختراق هذا الأمن حتي لو كان مصريا, فالقضية هنا لاتتعلق بالجنسية ومصر لاتخفي شيئا وهي تتعامل مع ذلك بوضوح ووفقا للقانون ومثال علي ذلك قضية خلية حزب الله, الذي تم اكتشافها وتقديمها للمحاكمة أمام القضاء ولم يعذب أو يقتل أحد, فالقانون هنا هو الفيصل, أما روايات التعذيب والقتل, فهذه حكايات تدخل في إطار المزايدة السياسية التي ترفضها مصر, وتتمني علي الجميع ألا يكرر أكاذيبه فصبر مصر لن يطول وعلي الجميع أن يعلم ذلك. المزيد من مقالات مجدي الدقاق