1 عزيزي جونيور لا اجد الكثير مما يمكنني قوله عن رحلة المحلة. انت عرفت الآن طبيعة عمل الطواف وكيف يمر علي القري يحمل رسائلها, هذه الرحلة تتكرر كل يوم من دون تغير كبير, باستثناء بعض التفاصيل التي سوف احكي لك ما قد اذكره منها, وبما انك تترجم هذه الرسائل وتقرأها علي اليزابث فان هناك اشياء لن أكتبها, لانك قد تترجمها لها باعتبارك رجلا لايخجل بينما نحن نشعر بالاحراج. 2 مرة وأنا اتقدم مغادرا زمام احدي القري خرجت من بين اعواد الذرة بنت صغيرة تلبس جلبابا نظيفا به زهور باهتة, وكان شعرها الاسود في بني يتدلي علي ظهرها في ضفيرة طويلة بصورة مدهشة, كانت وقفت علي حافة الطريق الضيق وهي تلتقيني ضاحكة بلا صوت, في اليوم التالي وفي نفس المكان خرجت البنت وبرفقتها امرأة شابة استوقفتني وهي تمد يدها بخطاب مكتوب عليه اسم رجل من دون عنوان وطلبت مني ان اسرع بوضعه في الحقيبة, وأنا ورفعت حافة الغطاء الجلدي واسقطت الخطاب. قالت ان صاحبه يعمل في محطة السكة الحديد التي وراء مكتب البوستة مباشرة, وهي تريد مني ان اسلمه له يدا بيد ولا اعطيه لأحد آخر, اردت ان اخبرها بانني جديد هنا ولااعرف احدا ويمكنني ان اضع لها طابعا وارسله له, كنت افكر في ذلك بينما راحت هي تتفرس بعينين فيهما اثر من كحل مغسول, ويبدو انها ادركت ما كنت افكر فيه لأنها قاطعتني قائلة انها لن تنسي لي ابدا هذا المعروف اسأل عنه وستجده وربتت علي كتف البنت ذات الشعر الطويل التي كانت تنقل عينيها بيننا وقالت انه ابوها, هززت رأسي موافقا واعتليت الدراجة وبينما كنت ابتعد صاحت البنت ورائي: مع السلامة. 3 في نهاية الدورة عدت الي المكتب عزلت خطاب المرأة الشابة في جيبي وانهيت الاعمال وذهبت الي الفندق تناولت غدائي ونمت. لما جلسنا ليلا حكيت لسليمان عن البنت ذات الشعر الذي يكاد يصل الي قدميها والمرأة الشابة والخطاب المرسل الي رجل في المحطة, سليمان اهتم جدا بالموضوع وطلب مني ان نذهب نسأل عنه ونسلمه له, استنكرت ان نذهب هكذا في الليل لكنه لم يهتم, تناوله مني وذهبنا الي المحطة ولم نجد احدا لكنه ظل يسأل حتي عرف عنوان مسكنه واتجه الي المكتب وعاد بالدراجة من وديع الفراش, طلب مني ان أنتظره بالمقهي وركبها وابتعد بعد ما انتهيت من شرب القهوة رأيته قادما علي قدميه من ناحية المقهي اخبرني انه سلمه الخطاب وان الرجل فرح وسأله عن صحة البنت الصغيرة التي عرف ان اسمها شيماء. وسليمان قال انه اوضح للرجل ان زميله عبد الله هو الذي أتي بالخطاب وبسبب ظرف طارئ جاء هو نيابة عنه وجلس سعيدا ثم قال: كان لازم نسلمه الجواب ياعبد الله 4 وسليمان هذا ياجونيور هو الشاعر الذي حدثتك عنه, انه لايتركني, منذ وصولي نلتقي كل يوم تقريبا في احدي القري التي يمر عليها راكبا حمارة, يوجد وقف للاميرة شويكار عبارة عن حدائق هائلة من اشجار البرتقال, خفيرها هو رضوان الذي يحب الشعر ويكتبه هو الآخر, سليمان يترك الحمار يرعي, ويمضي بعض الوقت برفقة صاحبه وعندما تنتهي دورتي انام قليلا ثم يمر علي ليلا لنجلس وحدنا بالمقهي الصغير تحت الفندق واحيانا المقهي الذي يجلس به زملاء المكتب, وهو عندما يأتي لابد ان يحضر لي بضع حبات برتقال من وقف الاميرة وهي حبات كبيرة ورائحتها قوية يمكنك نزع قشرتها الغضة بسهولة, حيث تطالعك الفصوص الكبيرة متماسكة في غلالتها القطنية الخفيفة, وهي تبدو فصوصا جافة رغم امتلائها بالعصارة عندما تأخذ فصا وتقضمه تجده حلوا كأنه سكر. للكلام غالبا بقية.