تحقيق الثقة بين الممولين ومصلحة الضرائب يشكل الركيزة الرئيسية لانضباط المجتمع الضريبي والتزامه كما يشكل خطوة مهمة للغاية في ضبط المعاملات الضريبية وتشجيع الممولين. علي تقديم الاقرارات الضريبية بصورة دقيقة وسليمة مما يصب في النهاية في صالح الخزانة العامة للدولة نتيجة لرفع الحصيلة الضريبية ولا يمكن أن تتحقق الثقة إلا من خلال علاقات مبنية علي الشفافية الكاملة بالمعاملات تنبع من شفافية كاملة من نصوص القانون ولائحته التنفيذية وتعليماته التفسيرية الصادرة عن الوزير المختص الذي هو وزير المالية وفي غياب ذلك تدخل المعاملات الي نفق الفوضي المظلم وتتزايد وتيرة الاعتراضات والشكاوي واللجوء للمحاكم للبحث عن الخبرة والمساعدة في مساحات القضاء بالرغم من مدتها الطويلة وتكاليفها واعبائها التي تزداد تضخما يوما بعد يوم. وحول ما اسفرت عنه التعديلات المتلاحقة في قانون ضرائب الدخل الجديد ولائحته التنفيذية وما يصدر عن وزير المالية من تعليمات متقاربة وغير واضحة تهدد الثقة الواجبة بين الممول ومصلحة الضرائب يوضح المحاسب القانوني محمد حسين المدير العام السابق بمصلحة الضرائب أنه عندما صدر القانون91 لسنة2005 كان هناك أمل باستقرار السياسة الضريبية وخلق مستقبل يلغي التضارب السابق في السياسة الضريبية التي كانت تتسم بالاجتهاد الشخصي في الخضوع للضريبة للكثير من البنود والذي كان يصول ويجول بمقتضاه مأمور الضرائب في تقرير الضريبة المستحقة ثم يحال الخلاف الي اللجان الداخلية ولجان الطعن والمحاكم بحيث يكون مبلغ الضريبة النهائي لا يمثل شيئا من حجم التقديرات السابقة في الفحص و بالرغم من الاعتراضات الكثيرة علي ما يشوب القانون91 لسنة2005 من الكثير من العيوب والتضارب عند صدوره, ولكن ما حدث بعد ذلك من اجتهادات في التفسير والتعديل في اللائحة التنفيذية قد فاق كل تصور وتعقدت المشكلات مع ما صدر من تعديلات في مقدمتها احكام القانون114 لسنة2008 الصادر في2008/5/5 والقانون128 لسنة2008 الصادر في2008/6/19 وقرار وزير المالية رقم414 لسنة2009 وتصاعدت حدة المشكلات مع التعديلات التي ادخلها قانون الضريبة العقارية رقم196 لسنة2008, حيث ألغي المواد رقم44,43,40,38 من قانون الضريبة العام علي الدخل رقم91 لسنة2005 واستبدل المواد46,45,39,37 من قانون الضريبة علي الدخل بنصوص جديدة مستحدثة. وهي تعديلات يتضح منها في التطبيق العودة الي اسلوب الجباية في المتحصلات الضريبية بشكل واضح وعدم وضع سياسة مستقرة لأي مستثمر يرغب في استثمار امواله في انشطة خاضعة للضريبة في مصر. وكانت التعديلات التي ادخلت علي القانون91 لسنة2005 بمقتضي القانونيين الجديدين تتضمن فيما يخص القانون114 لسنة2008 وفي المادة السابعة عدلت بالزيادة ضريبة رسم تنمية الموارد علي السيارات ورخص القيادة وكذلك رخص تسيير وسائل النقل. أما المادة الثامنة فقد عدلت بالزيادة في بعض بنود الضريبة العامة علي المبيعات وتقرر وفقا للمادة التاسعة الغاء القانون17 لسنة1991 الخاص باعفاء عائد أذون الخزانة في حين أن المادة العاشرة تضمنت اضافة للمادة29 من قانون حوافز الاستثمار رقم8 لسنة1997 فقرة جديدة نصها وفي جميع الأحوال لا يجوز الترخيص باقامة مشروعات بنظام المناطق الحرة في مجال صناعة الأسمدة تصنيع وتسييل ونقل الغاز الطبيعي. في حين أن المادة الحادية عشرة تنهي جميع تراخيص مشروعات الاستثمار بنظام المناطق الحرة في مجال صناعة الأسمدة الحديد والصلب تصنيع البترول تصنيع وتسييل ونقل الغاز الطبيعي الفاتحة في تاريخ العمل بهذا القانون, اما المادة الثانية عشرة فقد نصت علي الغاء البند1 من المادة36 والبند2 من المادة50 من القانون91 لسنة2005 والخاصة باعفاء المنشآت التعليمية الخاضعة لاشراف الحكومة أو أشخاص اعتبارية عامة أو القطاع العام أو قطاع الاعمال العام. والخاصة باعفاء المنشأة التعليمية الخاصة لإشراف الدولة التي لا تستهدف اساسا الحصول علي الربح كما اضاف فقرة بديلة نصها( ومع عدم الاخلال بحكم البند(8) من هذه المادة لا يجوز أن يترتب علي خصم أي اعفاء من الضريبة منصوص عليه في هذا القانون أو في أي قانون آخر ترحيل الخسائر لسنوات تالية). ووفقا لهذه التعديلات لقانون ضرائب الدخل فإنه يتم خضوع عوائد أذون الخزانة الصادرة بعد صدور هذا القانون وهو2008/5/5 أي أن العوائد الخاصة بأذون الخزانة المشتراه قبل2008/5/5 تظل معفاة حتي ينتهي اجلها. كما تقتضي بأن الخسائر الخاصة بالاعفاءات الضريبية التي تظهر بعد2008/5/5 لايجوز ترحيلها في حين أن الخسائر التي تحققت قبل هذا التاريخ واجبة الترحيل طبقا لأحكام المادة29 من القانون91 لسنة2005 والتي أجلها خمس سنوات أي أن الخسائر التي تحققت في نهاية عام2007 تظل معفاة و تستخدم في جميع الاقرارات الضريبية حتي عام2012 وخاصة أن المادة29 من القانون لم يحدث عليها أي تعديلات حتي اليوم. ويشير خبير الضرائب الي أن ما قامت به مصلحة الضرائب يخالف قانون ضرائب الدخل وسداده التي لم تعدل حيث اصدرت قواعد وتعليمات عامة رقم(1) لسنة2008 التي انتهت الي بناء عليه تنبه المصلحة الي ضرورة مراعاة ما يلي: 1 بالنسبة للخسائر الناتجة عن خصم اعفاء ضريبي قبل2008/5/5 فانه يتم ترحيلها وفقا لحكم المادة29 من القانون91 لسنة2005 عن السنوات التي تنتهي قبل هذا التاريخ! 2 بالنسبة للفترات الضريبية التي تنتهي اعتبارامن2008/5/5 تاريخ العمل بالقانون114 لسنة2008 فإنه لا يجوز ترحيل الخسائر الناتجة عن خصم اعفاءات ضريبية مقررة بقانون الضريبة علي الدخل91 لسنة2005 أو مقررة بأي قانون آخر. 3 بالنسبة للخسائر الناتجة عن النشاط فإنه يتم ترحيلها وفقا لحكم المادة29 من القانون91 لسنة2005 ويستمر ترحيلها بعد2008/5/5 تاريخ العمل بالقانون114 لسنة2008. وبالرجوع الي بند(1) من هذه التعليمات نجد العجب العجاب حيث انتهي الي ترحيل الخسائر عن السنوات التي تنتهي قبل هذا التاريخ في أن المعروف والمستقر عليه ضريبيا أنه قبل هذا التاريخ قد قدمت عنه الاقرارات الضريبية واستخدمت الخسائر طبقا لأحكام المادة29 من القانون بينما الخسائر التي ظهرت قبل هذا التاريخ توجب الترحيل والاستخدام بعد هذا التاريخ ولمدة خمس سنوات حتي ينتهي اجلها الذي حددته المادة29 من القانون وكأن مصلحة الضرائب تقول للممول نعم لك الحق في ترحيل الخسائر التي تحققت طبقا لاحكام المادة29 من القانون ولكن ليس عن السنوات المقبلة بل عن الماضي الذي ليس للممول الحق فيه حيث ان تطبيق احكام المادة29 لايكون باثر رجعي وانما في المستقبل. وهنا تنطبق احكام هذه الفقرة من التعليمات علي مثال الرجل الذي يعرض علي ضيفه الجائع بان ياكل حتي يشبع ولكن بشرط ان الرغيف المكسور لايأكله والرغيف السليم لايكسره وفيما ماعدا ذلك يأكل حتي يشبع فهل يوجد اكثر من ذلك تيسيرات ضريبية في التعليمات التي تصدر من المصلحة لتساعد علي حل ازمة الثقة بين الممول والمصلحة وليس ذلك فقط مافعلته مصلحة الضرائب وانما عدلت من الاقرار الضريبيي لعام2008 الخاص بالبنوك وهي التي تتعامل في اذون الخزانة سواء بمعرفتها او عن طريق عملائها طبقا لتعليمات البنك المركزي في ذلك استنادا الي ان الاقرار الضريبي يصدر من اللائحة التنفيذية للقانون والتي تصدر باعتماد وزير المالية ولكن الالتزام باحكام القانون هو الاساس فاذا تضاربت اللائحة مع نصوص القانون تكون النصوص القانونية هي الواجبة التطبيق وبناء عليه يكون الاقرار الضريبي المعد بمعرفة مصلحة للبنوك عن عام2008 مخالفا لاحكام القانون وبالتالي غير واجب التطبيق بل يمكن مخالفته بما يتناسب مع النصوص القانونية سواء بالقانون91 لسنة2005 او القوانين المعدلة له. وتتصاعد حدة المشكلات مع القانون الثاني وهو القانون128 لسنة2008( والخاص بربط الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية2009/2008) حيث نصت المادة التاسعة علي اضافة فقرة ثانية للمادة58 من القانون91 لسنة2005 نصها وتخضع عوائد اذون وسندات الخزانة للضريبة بسعر20% وذلك دون خصم اي تكاليف ويلتزم دافع هذه العوائد بحجز مقدار الضريبة المستحقة وتوريدها الي مأمورية الضرائب المستحقة خلال الخمسة عشرة يوما الاولي من الشهر التالي الذي تم فيه الخصم ويجب خصم الضريبة المسددة من الضريبة المستحقة علي ارباح الاشخاص الحاصلين علي هذه العوائد. ويستفاد من هذا النص ان جميع عوائد اذون وسندات الخزانة يخضع اعتبارا من2008/7/1 بسعر ضريبة20% دون خصم اي تكاليف اما العوائد التي تصرف بعد ذلك التاريخ عن اذون وسندات مشتراة قبل2008/7/1 فهي معفاة وينطبق عليها جميع بنود الدخل من ترحيل الخسائر الناتجة عن هذه العوائد حيث انها كلها مقابل تشغيل في جميع المنشآت الحائزة علي هذه الاوراق قبل7/1/.2008 ويشير المحاسب القانوني محمد حسين الي مشكلات قرار وزير المالية رقم414 لسنة2009 لتفعيل المادة18 من القانون91 لسنة2009 وتبدأ المشكلات عندما صدر القانون91 لسنة2005 نصت المادة18 علي ان يصدر بقواعد واسس المحاسبة الضريبية علي ارباح المنشآت الصغيرة قرار من وزير المالية وبما لا يتعارض مع احكام قانون تنمية المنشآت الصغيرة الصادر بالقانون141 لسنة2004 وذلك بما يتفق مع طبيعتها وييسر اسلوب معاملته الضريبية. واخيرا صدر قرار وزير المالية رقم414 لسنة2009 بتاريخ2009/7/2 ولكن كانت النتيجة هي خيبة الامل في جميع الانشطة التي ينطبق عليها هذا القرار حيث لم يحدث جديد واذا كان القانون141 لسنة2004 عرف المنشآت الصغيرة التي لايزيد رأسمالها المدفوع علي مليون جنيه نجد قرار وزير المالية قسم هذه المنشآت الي ثلاثة اقسام بطريقة اجتهادية حيث نص علي الاتي: **منشآت تقل رأسمالها عن50 الف جنيه ورقم اعمالها لايزيد علي250 الف جنيه وربحها السنوي20 الف جنيه وهذه لم يلزمها بامساك دفاتر وحسابات منتظمة وتطبيق الاتفاقيات المحاسبية وهذا ليس بالجديد حيث نصت المادة78 من القانون91 لسنة2005 بتطبيق نفس الشروط حيث نص علي ان يمسك الدفاتر من يزيد رأسماله المستثمر علي50 الف جنيه ومن يجاوز رقم اعماله250 الف جنيه سنويا وصافي ربحه السنوي20 الف جنيه. وبالتالي يكون قرار وزير المالية رقم414 لسنة2009 هو نفسه احكام القانون91 لسنة2005 دون تغيير. **اما القسم الثاني وهو مايزيد رأسماله المستثمر علي250 الف جنيه فهي المعنية بامساك دفاتر وحسابات تطبيقا ايضا لاحكام المادة78 من القانون91 لسنة.2005 ** والفئة الثالثة لم يقدم لها اي جديد وان كان اجاز لها سداد الضرائب علي ثلاث دفعات مقدمة وهو نفس الحق الذي اعطاه الممول في القانون91 لسنة2005 لجميع الممولين بمقتضي المواد61 لسنة65 من القانون. ويمكن القول ان قرار وزير المالية المذكور بعد الصبر علي صدوره لمدة خمس سنوات فسر الماء بالماء ولم يذكر جديدا مما اعاد خيبة الامل علي جميع هذه الفئات من الممولين حيث كان من الاجدر إلغاء المادة18 من القانون او وضع قواعد جديدة علي تحقق المقصود لصالح هذه الفئة من الممولين الذين صدر اصلا قانون تنمية المنشآت الصغيرة عام2004 لتشجيعهم بمساندتهم علي العمل والنشاط بحكم اهمية وحيوية المشروعات الصغيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ودورها المحوري في توفير فرص العمل ومواجهة ظاهرة البطالة التي تزايدت حلقاتها بشكل كبير علي امتداد السنوات الماضية وكان تشجيع المشروعات الصغيرة احدي الركائز الرئيسية لمواجهتها ثم جاء قانون ضرائب الدخل ليفرض عليها الضرائب ويلغي ما كانت تحصل عليها من اعفاءات وتيسيرات ضريبية بما يحرم التنمية من جناح حيوي ومهم.