مصر تستقبل هذه اللحظة مفتي الديار الجديد الدكتور شوقي إبراهيم عبدالكريم علام,أستاذ الفقه, المعتدل في فتاويه, صوفي النزعة بما تحمله تلك الكلمة من مساحات لقاء مع المزاج المصري السائد منذ مئات السنين, والذي جعل المصريين يذوبون صبابة في حب آل البيت وأولياء الله الصالحين. المفتي الجديد يخلف رجلا رائعا هو الدكتور علي جمعة وقد راكم تراثا في تحديث المؤسسات الدينية التي رأسها, وعلي جدول أعمال د. شوقي قائمة من المسئوليات, أتمني عليه أن يضيف اليها ملف حوار الثقافات والأديان. وأعرف بالطبع أن ذلك الملف كان من اختصاص الأزهر الشريف زمن الشيخين جاد الحق علي جاد الحق ومحمد سيد طنطاوي, ثم توقف نظرا لاكتظاظ أجندة الأزهر الشريف في ولاية الشيخ د. أحمد الطيب بعدد من دوائر الحوار ونقاشات الموائد المستديرة مع مجموعات نوعية من المثقفين والمبدعين والمفكرين قدمت إلي المجتمع المصري وثائق تاريخية تضبط مساره. ومن ثم فإن انشغال الأزهر يدفع إلي انتقال تبعية حوار الثقافات والأديان( الذي أشرف عليه د. علي السمان باقتدار لسنوات طويلة وأسهم بسخاء في أعماله د. محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق.. وهو بالمناسبة أمين جلسات الحوار الأخري التي يرعاها الأزهر الآن؟.. نحن محتاجون لنوعي الحوار, فما يدور في ساحة الأزهر الشريف وبرعاية رؤوم من شيخه المستنير مهم جدا, وما سبق من حوار الأديان مع العالم كله مهم أيضا وجدا كذلك, لأنه جسر تفاهم يقدم صورة الاسلام الحقيقية للدنيا في زمن يحاول البعض فيه تشويه أفكاره ومفاهيمه.. ولقد حضرت بنفسي إحدي جولات حوار الأديان في لندن عام9991 وحاورت الشيخ محمد سيد طنطاوي في فندق تشرشل بعدما قابل وتفاوض مع د. جورج كاري أسقف كانتر بري ورأيت حجم الاهتمام الذي أبداه مجتمع أوروبي بثقل وأرجحية بريطانيا إزاءه, كما تابعت دوائر الحوار التي رعتها تلك المؤسسة مع الفاتيكان وعدد غير محدود من ممثلي الكنائس الكبري في العالم.. صحيح أن هناك خلافا بين الأزهر والفاتيكان بعد تصريحات البابا بنديكت السلبية عن الاسلام ولكن مهمة مؤسسة حوار الأديان تتضاعف هنا لردم الفجوة وإصلاح ذات البين.. لا معني لأن نسير في اتجاه واحد حوارات الداخل بدلا من حوار الخارج ولا معني للتفضيلات غير المقنعة التي تجند نوعا من الحوار, وتعمل علي إدانة نوع آخر وإهالة التراب علي جهد متواصل ومتراكم بذله بعض أبناء هذا الوطن المخلصين لسنوات طويلة.. لو أن فضيلة مفتي الديار الجديد اقتنع بتبني حوار الأديان وقام ببث الحياة في تلك المؤسسة وتطويرها سيكون حافظا لهذا البلد علي قناة مفتوحة مع العالم لها قيمتها ووظائفها التي يمكن تطويعها لتخدم أهداف كل مرحلة.. وفق الله فضيلته وعوضنا به خيرا عن انتهاء مدة سلفه المفتي العصري د. علي جمعة. المزيد من أعمدة د. عمرو عبد السميع