نشرت الأهرام الغراء تحليلا إخباريا بعنوان أمريكا تتحكم في تعداد السكان الفقراء. وجاء في متن هذا التحليل تقرير لمجلس الأمن القومي الأمريكي إبان رئاسة هنري كيسنجر له في عام1974 وتم رفع هذا التقرير إلي الرئيس الأمريكي جيرالد فورد, وهذا التقرير. يندرج تحت التقارير السرية التي يكشف النقاب عنها بعد فترة زمنية محددة تبعا لدرجة السرية, تضمن هذا التقرير عدة نقاط اهمها ما يأتي: 1 التحذير من تزايد عدد سكان دول العالم الثالث, لانه يهدد الأمن القومي الأمريكي ومصالح امريكا في الخارج, وعلي هذه الخلفية فقد أوصي التقرير بالعمل علي التدخل لخفض عدد السكان ولاسيما في المناطق التي توجد للولايات المتحدةالأمريكية مصالح مباشرة معها, وقد حددها التقرير باثنتي عشرة دولة من بينها مصر. 2 وفقا لما جاء في هذا التقرير فان الزيادة السكانية بهذه الدول ستؤدي إلي تزايد حجم استيرادها للغذاء وهو الأمر الذي سيؤثر سلبا علي التجارة الدولية وبشكل خطير علي سوق السلع الغذائية, من ناحية أخري فان الزيادة في الدول المنتجة للنفط قد تؤثر سلبا علي امكان قيام الشركات الكبري باستخراج الثروة النفطية واستغلالها من الدول الغربية وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية!! 3 نبه التقرير إلي ان الزيادة السكانية في الدول العربية خاصة في الاراضي المحتلة من فلسطين ستؤدي لامحالة إلي تغييرات دراماتيكية في التركيبة الديموجرافية لمصلحة العرب, مما سيؤدي إلي صعوبة تحقيق السلام في الشرق الأوسط, لذا فان التقرير يطالب باتخاذ اجراءات سريعة من أجل وقف هذا التزايد السكاني. 4 بناء علي ما جاء بالتقرير فان من أهم الإجراءات التي يجب اتباعها للحد من الزيادة السكانية تتمثل في خفض المساعدات الغذائية والمساعدات الخاصة بالري وتحسين الزراعة, وقد شدد التقرير علي ان المساعدات التي تقدمها الدول المانحة لهذه الدول يجب لا تستمر علي ذات المنوال في المدي البعيد, وقد المح التقرير إلي احتمالات انتشار مجاعات في دول لم تعان الجوع من قبل. نزعم ان مضمون هذا التقرير يشيء بجلاء وبما لايدع مجالا للشك بحقيقة مفادها ان الدول الغنية غير معنية بوضع حد لازمة الجوع والفقر في البلدان الأكثر احتياجا. كثيرة هي الادلة التي توالت بعد تاريخ هذا التقرير لتؤكد هذه الحقيقة, دعنا نرصد أهم الادلة. * تتفق الدول الغنية علي صناعة وبيع السلاح في العالم نحو( تريليون ومائتي مليار دولار سنويا), بينما تطلب منظمة الفاو من30 إلي42 مليار دولار سنويا فقط لكي تضع حدا لمشكلة الفقر في دول العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض وهي أكثر الدول احتياجا علي خريطة الجوع في العالم, ثمة ملاحظة لافتة في هذا السياق وهي ان عدد الموتي جوعا قد وصل إلي17 مليونا.. و300 الف شخص في الفترة من مارس2009 وحتي الآن, وهي الفترة التي شهدت ازمة انفلونزا الخنازير التي اصابت العالم بالرعب, علي الرغم من ان عدد الضحايا لم يتعد العشرين الفا, ان المأساة الحقيقة التي يغض الأغنياء الطرف عنها هي انه علي مستوي العالم يموت جوعا في كل دقيقة عشرة اشخاص معظمهم من الأطفال!! * تقاعست الدول الغنية ولم تف بوعودها حتي الآن بدفع20 مليار دولار علي ثلاث دفعات سنويا والتي تعهدت بدفعها في مؤتمر الفاو عام2008 لكي تضع حدا لمشكلة الفقر والجوع في الدول الفقيرة, الأنكي ان هذه الدول قامت بتوفير300 ثلاثمائة مليار دولار وفي غضون فترة زمنية قياسية لم تتعد خمسة عشر يوما إبان الازمة المالية العالمية الأخيرة, وذلك لإنقاذ البنوك المنهارة أو التي كانت علي وشك الانهيار. * اصرار الدول الرئيسية المنتجة للغذاء علي استخدام فائض المحاصيل الزراعية الغذائية لديها في انتاج الوقود الحيوي, وقد أبت كل هذه الدول ابان ازمة الغذاء العالمية في مؤتمر روما الالتزام أخلاقيا باستخدام المخلفات الزراعية ومخلفات التصنيع الغذائي في انتاج الوقود الحيوي, كذا زراعة اشجار مثل الجاترونا والهوهوبا لإنتاج هذا الوقود عوضا عن المحاصيل الغذائية التي تستوردها الدول الفقيرة غير المنتجة للغذاء. * في فترات سابقة دأبت الدول الرئيسية المنتجة للغذاء وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية علي إلقاء جزء من فائض المحاصيل الغذائية في مياه المحيط وذلك للتحكم في اسعار هذه المحاصيل للحيلولة دون انخفاضها عن المستوي الذي يحقق ربحا مجزيا للمزارع الأمريكي, وقد تغيرت هذه الآلية الآن فتقرر زيادة دعم المزارع الذي يقوم بزراعة المحاصيل الغذائية التي تستخدم في انتاج الوقود الحيوي الذرة تحديدا, ومن ثم فقد زادت المساحات المزروعة بالذرة علي حساب تلك المزروعة بالقمح بسبب زيادة كفاءة الذرة مقارنة بالقمح في انتاج الوقود الحيوي. أو ألستم معي ان كل هذه الحقائق تمثل ناقوس خطر لكل الدول التي لاتنتج غذاءها حقا محاك جلدك مثل ظفرك. د. محمد محمود يوسف أستاذ بزراعة الإسكندرية