لنكن واقعيين ونعترف بأن الشارع المصرى قد أعلن تمرده وعصيانه على كل من يتوهم أن أمره – أى الشارع – قد أصبح فى يده ' وأنه قادر على التأثير عليه وقيادته إلى الوجهة التى يرغبها فى أى وقت يشاء .. فلا جبهة " الضمير " - سواء كان قد شُيعت جنازته قبل أن يولد حتى أو كان هذا الضمير مستترا خلف " جماعة الأهل والأحباء والعشيرة " أو حتى غائبا وتقديره " هم " – قادرة على إقناع الشارع بهدفها " النبيل " ولا خصمها جبهة الإنقاذ قادرة علي قيادته, و حتي الرئيس بتوجهاته الحالية وتراجعاته المستمرة لم يعد مصدرا للثقة فيه من جانب الشارع الغاضب الذي بات يسبق الجميع بأميال شاسعة وأصبح الآن ممنوعا من الصرف بعد أن أفاق واكتشف أن ثورته قد اختطفت منه ولم تحقق أي هدف من أهداف سالت من أجل تحقيقه دماء شباب وتيتمت أطفال وترملت زوجات وكان سلوان مئات الآباء والأمهات أن أولادهم' أحياء عند ربهم يرزقون'. عامان مرا بعد أن أجبرت أصوات الجماهير الهادرة ساكن قصر العروبة علي التنحي وتغيير محله المختار من ساحرة جنوبسيناء شرم الشيخ إلي قصر طرة عاش خلالها الوطن حالات متناقضة تقفز بين الانتصار والانكسار.. الأمن والفوضي.. الحلم والكابوس.. القلق والاطمئنان.. النجاح والإحباط, بسبب ممارسات الاستحواذ والمغالبة والإقصاء والاستئصال وتقسيم المجتمع ما بين مؤمن وآخر من أتباع أبو لهب وهو ما دفع الكثيرين منهم إلي حافة الكفر بالثورة بعد أن أطاحت جماعة الأهل والعشيرة والأحباب بكل أمل في أن تحقق أهدافها, بل وأغرقت الثورة في طوفانها تلك الفئة التي انفجرت من أجلهم!! وعلي الرغم من تلك الصورة القاتمة التي يبدو الشارع عليها إلا أن كثيرا من الشباب لا يزالون يؤمنون بالثورة وبكل ما يمكن أن تحققه وأنهم قادرون علي استردادها ممن اغتصبها منهم دون انتظار لما ستفعله جبهة الضمير التي يبدو أن حظها العاثر لم يتح لها أي فرصة لتنعم بشعار ضد العنف.. ضد الدم الذي رفعته إذ لم تمر أربعة أيام علي إعلان تأسيسها وكانت القنبلة التي فجرها رجل القضاء المحترم المستشار مصطفي خاطر المحامي الأول لنيابات شرق القاهرة الذي أوفد عددا من وكلاء النائب العام إلي معسكري الأمن المركزي بالجبل الأحمر و السلام سابقا وجوانتانامو حاليا ليكتشفوا ضمن أوراق سجلاتهما أن هناك65 من المتظاهرين قد جري الإلقاء بهم في أتون هذين المعسكرين. مفاجأة المحامي العام الأول قد وضعت جبهة الضمير أمام مسئوليتها من خلال تصرف أعضائها تجاه ما جري في هذين المعسكرين أو بالأصح المعتقلين خاصة وأن أعضاء الجبهة علي إدراك كامل بمدي العلاقة التي تربط تحركات وزير الداخلية وتعليمات ساكن قصر الاتحادية الرئاسي وهل سيمثل الأعضاء بالفعل الضمير الحق أم سيمثلون الضمير المستتر خلف ستار الأهل والعشيرة والأحبة ؟! في النهاية فإن الأزمة التي يعيشها الشارع الآن وبالتالي الوطن كله لم يعد أحد من بعد الله سبحانه وتعالي قادرا علي مواجهتها سوي شخص واحد شريطة أن يتحلي بالحسم والحزم وأن يتنازل عن العناد والإصرار وأن يعلن استقلاله التام عن الأهل والعشيرة ليصبح رئيسا للجميع مؤيدين ومعارضين وأن يستمع بالفعل إلي الشباب باعتبارهم أصحاب الثورة الحقيقيين وغير ذلك لن يجدي نفعا سواء كانت جبهة للإنقاذ أو للضمير أو حتي تعلية أسوار قصر الاتحادية إلي عنان السماء!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش