منذ نحو5 سنوات نشر بريد الأهرام قصة فتاة بسيطة كانت مهددة بعدم دخول الجامعة واستكمال تعليمها برغم تفوقها الدراسي بعد وفاة والدها الذي لم يكن له عمل ثابت, لكن الله تبارك اسمه وضع في قلوب البعض محبة وعطفا فتوجه أحدهم إلي بريد الأهرام وخصص مبلغا شهريا لتلك الفتاة. التي لم يكن يعرفها وتوالت الشهور والسنين وفوجئنا برسالة العيون الدامعة في بريد الجمعة التي تبشر فيها القراء بأنها استكملت دراستها بتفوق وفور تخرجها التحقت للعمل في احدي الشركات الكبري, وفور تسلمها أول مرتب انهمرت دموعها سخية, وهي تصرخ شاكرة الله الذي سترها واعانها وعضدها وأتي بها إلي تلك اللحظة المفرحة بعد أن وضع في طريقها قلوبا رحيمة, وقررت منذ اللحظة الاولي أن تستقطع جزءا من مرتبها وتذهب به إلي بريد الأهرام حتي تساعد فتاة أخري محتاجة شهريا: انها نموذج مشرف للفتاة المكافحة التي أبت إلا ان تقف إلي جوار من تعاني نفس ما كانت تعانيه. ولاشك أن الظروف الحالية التي يمر بها الفقراء واليتامي تتطلب من كل مقتدر أن يساهم في مساندتهم, وكلما تضافرت الجهود أتت الاعمال بنتائج مثمرة تعود بالخير علي كل يتيم ومحتاج وبائس, فهناك كثيرون لايعلم عنهم أحد شيئا, وعلينا أن نبحث عنهم باجتهاد وإخلاص وأتساءل: هل كثير علي أغنياء مصر, وكبار القوم, وميسوري الحال, أن يترفقوا بالبسطاء وينتشلوهم من بئر الفقر ويجلسوهم علي وجه الارض وهل يعدم ميسور الحال في اطعام الفقراء, وكسوة العريان, وإرواء ظمأ العطشان؟ هل يعجز أصحاب الودائع عن الشد بأزر المحتاج واليتيم, حتي يبارك الله في ودائعهم؟ هل يستكثر أصحاب الملايين والبلايين عن المساهمة ببضعة آلاف للجمعيات الاهلية حتي تتمكن من تأدية دورها نحو الفقراء؟ وكيف يمكن لاصحاب الضمائر الحية أن يخلدوا للنوم وهناك الملايين من البطون الجائعة التي تتطلع إلي الفتات الساقطة من الموائد, وهناك أياد تنقب بصناديق القمامة بحثا عن أي شئ من الطعام يسدون به جوعهم؟ وهل تعلمون أن هناك من يستدينون من أجل توفير الطعام لاطفالهم الذين يبكون بسبب الجوع والحرمان من أشياء كثيرة, بينما المحال المختلفة, تقدم أنواعا متعددة من الاطعمة للاغنياء وميسوري الحال؟ إن لم تكن هناك رحمة في قلوبنا نحو المحتاجين, وإن لم تكن لدينا شفقة نحو المحرومين, فلن نستمتع بأموالنا. لقد شرع الله الصوم في جميع الاديان بصور وأشكال مختلفة من أجل هدف واحد هو الشعور بجوع الفقير, واحتياجات اليتيم, وظمأ العشان, فان صمنا ولم نقنن فضيلة العطف علي الفقراء, والشعور بهم, فباطل هو صومنا, وان لم نترجم عبادتنا إلي أفعال رحمة ومحبة لن نستفيد شيئا علي الاطلاق, لقد كثرت في أيامنا هذه العظات والخطب الوردية لكنها بلا روح؟ فتعالوا نتكاتف معا ونقيم علي أرضنا مائدة واحدة تشبع كل فقراء مصر بدون تمييز للون أو جنس أو دين حتي لايكون بيننا فقير أو محتاج أو جائع, فالجميع أخوة تطعمهم الارض, ويرويهم النيل, وتظلهم السماء حتي نجتاز هذه الازمة الصعبة بسلام. د. مينا بديع عبدالملك أتلقي يوميا مئات الرسائل لبسطاء لايطلبون سوي العلاج والقوت الضروري الذي يعجزون عن توفيره لابنائهم, وتسارع كتيبة بريد الأهرام إلي بحث حالاتهم علي الطبيعة ويأتون بالمستندات التي تثبت أحقية هؤلاء في العلاج والطعام, ولكن أجدني عاجزا عن تلبية كل الطلبات التي تتزايد يوما بعد يوم, وأجد ضالتي دائما في أهل الخير الذي وضعوا ثقتهم في بريد الأهرام لدوره الانساني الكبير في تخفيف المعاناة عن المحتاجين, فهذا يتبرع بزكاة ماله, وذاك يحرص علي اخراج صدقات مستمرة, وثالث يكفل أسرة أو أسرتين ورابع يساعد في تزويج اليتيمات, وخامس وهب ما يتيسر من ماله للمرضي وسادس تولي مسئولية طفل يتيم إلي آخر أبواب الخير المتعددة التي يتبناها بريد الأهرام. ونظرة واحدة علي ملف الاطفال المرضي تكفي لادراك حجم المأساة الصحية التي يتعرض لها البسطاء, وإذا كنا ننشر نموذجا, أو نموذجين لهذه المآسي, فان المساحة تضيق بعرض المزيد من الحالات, ولذلك فانني أترك الامر دائما لاصحاب الخير, وكثيرون منهم يزوروننا في بريد الاهرام للاطلاع بأنفسهم علي الحالات الصعبة, والتي لايمكن تأجيل علاجها كالمصابين بالسرطان والفشل الكلوي وسيولة الدم والقلب, ويأتي في مرحلة تالية فاقدو السمع, وذوو الحالات الخاصة وبالنسبة للجراحات المطلوبة للمرضي فاننا نصرف المبالغ التي نتلقاها بعد اجرائها للمستشفيات, بناء علي اتفاق معها لكي نتأكد من أن كل مليم من التبرعات ذهب إلي وجهه الصحيح, وفق نظام محاسبي دقيق وهذه الخدمة يقدمها بريد الأهرام للبسطاء في كل مكان علي أرض مصر, ولدينا كشوف مسجلة علي الكمبيوتر لجميع الحالات التي نتابعها حتي اتمام الشفاء. وأجدد الدعوة إلي أهل الخير لزيارة بريد الاهرام والاطلاع علي بعد هذه الحالات, والتي تؤكد التقارير الطبية حاجة أصحابها إلي من يأخذ بأيديهم حتي تمر أزماتهم بسلام. وأتوجه بالشكر والتقدير إلي كل من يساهم ولو بأقل القليل, فان القليل عند الله كثير, والحسنة بعشر أمثالها, والله يضاعف لمن يشاء.. نسأل الله الشفاء للمرضي وتلبية الحاجة للبسطاء, واثابة القادرين علي مايقدمونه من خير.. انه علي كل شيء قدير, وهو وحده المستعان.