, يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا]. في سنة18 ه(639 م) من الله( سبحانه وتعالي) علي مصر والمصريين بجيش الصحابي الجليل عمرو بن العاصي الذي حررها من الإحتلال الروماني البغيض. وأقبل المصريون علي قبول الإسلام دينا, لأنهم كانوا أمة موحدة علي الرغم من محاولات المحتل الروماني لإخراجهم من التوحيد الذي نادي به آريوس إلي الشرك الذي حاول فرضه المحتلون الرومان عليهم بالقوة. ومنذ الفتح الإسلامي لمصر عاش المصريون في كنف الإسلام لقرابة الإثني عشر قرنا أمة عزيزة فاعلة في المنطقة كلها حتي تعرضت للحملة الفرنسية التي استمرت لثلاث سنوات ثم خرجت الحملة من مصر مذمومة مدحورة بعد ثورتين مصريتين كبيرتين. وبعد خروج الفرنسيين تولي محمد علي أمر الولاية علي مصر ولكنه سرعان ما انقلب علي دولة الخلافة, وتحالف مع الإنجليز لمحاربة جيوش تلك الدولة. إستمر حكم أسرة محمد علي لمصر قرابة قرن ونصف(1952180 م) عملت فيها هذه الأسرة علي تغريب المصريين عن دينهم وقيمهم وأخلاقهم بتنسيق مع الإمبراطورية البريطانية حتي تم احتلالها للأراضي المصرية سنة(1882 م). وفي ظل هذا الاحتلال البغيض وصلت عملية التغريب إلي أقصي مداها, لأن هدف الاحتلال البريطاني الأول كان هو إقصاء الإسلام بالكامل عن مقامات اتخاذ القرار. قاوم المصريون الإحتلال البريطاني بعدد من الثورات التي كان من أبرزها ثورة1918 م. في سنة1924 م تم إسقاط دولة الخلافة العثمانية بمؤامرة دولية شكلت أكبر كارثة مني بها المسلمون في تاريخهم الحديث. في سنة1948 م أقام الإستعمار البريطاني علي أرض فلسطين كيانا صهيونيا غير مشروع, ومثل ذلك الكارثة الكبري الثانية في تاريخ المسلمين الحديث. في سنة1953 م قام انقلاب عسكري بقيادة اللواء محمد نجيب أطاح بحكم أسرة محمد علي وأعلن مصر جمهورية في1953.م واستبشر المصريون بذلك, ولكن الصراع بين جمال عبد الناصر ومحمد نجيب أفضي إلي حكم مصر بنظام دكتاتوري فردي مستبد أفلس البلاد وأذل العباد طوال مدة حكم عبد الناصر(19701954 م) في ظل حكم السادات(19811970 م) وقعت معركة1973 التي أعادت إلي الجيوش العربية ثقتها في قدراتها العسكرية, ولكن السادات كبل المنطقة كلها بإتفاقية( كامب ديفيد) التي أدت إلي اغتياله. ثم جاء حكم حسني مبارك(20111971 م) الذي شاع فيه الفساد في كل شأن من شئون البلاد تحت مظلة قانون الطواريء حتي تمت الإطاحة به في ثورة25 يناير2011 م. فرحت الأمتان العربية والإسلامية بالثورات المباركة التي خلصت عددا من الدول العربية من حكامها الذين كانوا قد باعوا أنفسهم وشعوبهم للأعداء ولكن هؤلاء الأعداء المتربصين بالأمة من كل جانب أشاعوا بين الناس ان هذه الثورات المباركة كانت من صنع المخابرات الغربية لإشاعة الفوضي في المنطقة العربية من أجل تحقيق المزيد من تفتيتها حتي يبقي الكيان الصهيوني هو القوة الغالبة في المنطقة. ونسبوا تلك الثورات العربية إلي نظرية( الفوضي الخلاقة) التي كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقه( كونداليزا رايس) قد دعت إليها. وادعوا أن هذه الثورات قد تمت بأيدي عدد من الخلايا النائمة لعملاء المخابرات الغربية والإسرائيلية والتي كان قد تم زرعها في أرض المنطقة باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان وتم تمويلها بمئات الملايين من الدولارات من أجل القفز علي ثورات الشعوب وحرفها عن مسارها الوطني لصالح أجهزت الإستخبارات الصهيونية والصليبية. ولما كانت الغالبية الساحقة من أبناء الأمة العربية من المسلمين, وكانت عواطفهم مع هذا الدين الذين حرموا من تحكيمه في شئونهم بمؤامرة دولية لقرابة القرنين من الزمان, ظهرت هذه العاطفة الإسلامية في أول انتخابات نزيهة أجريت في بلاد العرب من المغرب إلي مصر. ولكن بمجرد أن تحقق ذلك بدأت بوسائل الإعلام التي لا تزال غالبيتها الساحقة في أيدي عملاء النظام الفاسد القديم, تجأر بكراهية الإسلام وبفزعها من وصوله إلي سدة الحكم من جديد بعد غيبة طويلة. ولذلك قامت بحملة شرسة استغلت فيها طيبة قلوب المصريين وإنتشار الأمية بين قطاع كبير منهم من أجل إثارة أكاذيبها المغرضة وشائعاتها المختلقة. وكان من بين هذه الشائعات أن الإسلام دين مثالي لا يصلح للحكم في هذا الزمان الذي نعيشه, وأنه سوف يثير كل القوي العالمية ضدنا ويؤدي إلي تمزيق وحدة الأمة وإلي انحسار السياحة وتدهور الإقتصاد والقضاء علي الفن وعلي الحريات وفرض وجهة نظر واحدة بالقوة. ويبدو أن الفتره الاستعمارية الطويلة لكل من مصر ولغيرها من الدول العربية والمسلمة, قد أوجدت أجيالا من ابناء المسلمين تنتسب لهذا الدين بالعاطفة دون الفهم الصحيح له. كذلك نجح الاستعمار وأعوانه في إفراز طبقة من المصريين الذين يخافون من الحكم الإسلامي ويهابونه, ولذلك يقفون مع كل الرايات الإستعمارية المستوردة, أو الدعاوي القومية الجاهليه التي نهانا عنها الإسلام. كل ذلك أدي إلي تفتيت أصوات المصريين في انتخابات الرئاسة المصرية جريا وراء العديد من أبناء المصريين خلف عدد من الرايات الغربية من مثل الليبرالية, العلمانية, الإشتراكية, الشيوعية, واليسار, وغيرها أو وراء عدد من دعاوي العصبيات العرقية مثل الناصرية, القومية العربية, وغيرها. وظلت الشائعات المعادية للإسلام مستمره حتي بعد وصول رئيس مسلم ملتزم بدينه إلي سدة الحكم في مصر لأول مرة في تاريخها الحديث وقد تم ذلك بانتخابات حرة, شهد نزاهتها الاعداء قبل الأصدقاء. ولكن بدأ الذين هزموا في انتخابات الرئاسة في تحريك قوي الشر النائمة في سلسلة من المظاهرات العدوانية التي استخدم فيها العنف ضد الأفراد والمنشآت والمصالح المصرية العديدة بهدف تخريب اقتصاد هذه الأمة وتشوية الوجه المشرق للثورة السلمية التي اشاد بها العالم كله, من أجل إقصاء الإسلام عن مقامات اتخاذ القرار في مصر. ونحن الآن مازلنا علي مفترق الطرق وفي منعطف تاريخي فاصل في حياه الأمة فإما ان نؤيد الحكم بالإسلام أو نفقده إلي الأبد. والأصل في الإسلام أن طالب الولاية لا يولي والذين يحركون هذه المظاهرات المفسدة كلهم طلاب حكم. والمسلمون مطالبون بإقامة شرع الله في الأرض,ومن هذا الشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وذلك لأن الحكم إذا ترك لغير الله انتشر الفساد في الأرض كما عهدنا في القرنين الماضيين. ومن مبررات التمكين للحكم الإسلامي في بلاد المسلمين أن الإيمان والصلاح هما شرطان لازمان لمن يتولي مسئولية الحكم علي المسلمين حتي يتمكن من استبانة الحق, والعمل به, وتحقيق العدل فيما يحكم, وأن يكون لديه من خشية الله مايرده إلي الصواب إذا أخطأ في الحكم. فالحاكم المسلم هو الذي يحكم بين الناس بما أراه الله( تعالي). والمرجعيه العليا في الحكم الإسلامي هي لكتاب الله وسنه رسوله( صلي الله عليه وسلم). وطاعة ولي الأمر المسلم واحترامه وتقديره هي من الأمور الواجبة علي كل فرد في الأمه, ما لم يخرج ذلك الحاكم علي أوامر الله( تعالي) وأوامر رسوله( صلي الله عليه وسلم) ومن ذلك السمع والطاعة في غير معصية, والنصرة له في غير مظلمة, لذلك قال( تعالي):, يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا]( النساء:59). وعلي ذلك فلا بد من الدعوة إلي نبذ كل وسائل العنف, وكل أسباب الفرقة وأن نكون واعين للاخطار المحيطة بنا, وللمؤامرات الدولية التي تخطط من أجل إفراغ ثورتنا المباركة من مضمونها, خاصة وأن مصر تمر اليوم بأزمه اقتصادية قاسية تستحق من أبنائها التكاتف والتعاضد حتي تخرج منها, وحتي تتمكن أول حكومة منتخبة انتخابا نزيها في تاريخ مصر من البدء في عمليات الإصلاح, والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.