بعد أن تناول الملحق الاقتصادي علي مدي الأسابيع الماضية مشكلة رفع الدعم علي المواد البترولية ورصد ردود الأفعال الغاضبة للشارع وآراء الخبراء حول ما أثاره وزير البترول من تحديد كميات الاستهلاك اليومي المقدرة بخمس لترات بنزين لكل أسرة. واستخدام بديل آخر وهو الغاز الطبيعي أعلن وزير البترول أن الوزارة تسعي الأن لدراسة3 سيناريوهات لرفع الدعم ووصوله لمستحقيه والتي اشتملت علي تخفيض الدعم50% علي مدي خمس سنوات وزيادة الأجور بنفس النسبة او رفع الدعم نهائيا وتقديم مقابل مادي للمواطن المصري بما يقارب نفس القيمة بما يحقق العدالة الاجتماعية أو وضع مقررات محددة من حجم الطاقة لكل مواطن بدون تحريك وما يخرج من تلك الحصص او المقررات يتم صرفه بدون دعم حيث أكد الخبراء الأقتصاديون أن هذه الخطوة تعد بداية حقيقية لحل أزمة رفع الدعم التي أثارت غضب المواطنين في الفترة الماضية ولكن يجب أن يتبع هذه المقترحات حوار مجتمعي للوقوف علي أنسب هذه المقترحات وكيفية تطبيقها وماهي الآثار المترتبة عليها في البداية تقول الدكتورة يمن الحماقي- أستاذ الأقتصاد بجامعة عين شمس إن هذه السيناريوهات الثلاثة جديره بالدراسة وعمل حوار مجتمعي و استفتاءات شعبية عليها لمعرفة أيهما يفضل المواطن أمر ضروري وهي في مجملها تهدف بكل تأكيد الي تخفيف عبء الدعم الممنوح للمنتجات البترولية والذي يرهق كاهل الموازنة العامة للدولة لافتة الي انها تتحفظ علي البديل الأول وهو رفع الدعم بنسبة50% وارتفاع الدخل امام هذا الرفع بنفس النسبة لأن هذا يقصر الأمر علي أن المستفيدين من الدعم هم فقط موظفو الحكومة وهذا الأمر غير صحيح, لأن هناك فئات في القطاع غير الرسمي مثل الفلاحين وأصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة يستحقون هذا الدعم مما يعني ان ذلك لن يحقق هدف توصيل الدعم للمستحقين كما أن هذا الخيار ينذر بخطر آخر يتمثل في ارتفاع معدلات الفساد في القطاع الحكومي خاصة وان الدراسات الميدانية جميعها تشير الي تدني الأنتاجية في القطاع الحكومي فهذا معناه اني ازود أجور لا يقابلها إنتاج يزيد من الآثار التضخمية وأرهق الحكومة برواتب لقطاع واحد ليس له اي آثار ايجابية علي الاقتصاد. وأشارت إلي أنها تؤيد بقوة البديل المطروح برفع الدعم تدريجيا لما له من أهمية في إعادة الحسابات مرة أخري عند مستخدمي المنتجات البترولية وإعطاء فرصة لقطاع الأعمال الذي يستفيد من الدعم أن يعيد جدولة لحساب تكاليف مشروعه الفعلية وينهي علي تشوه الأسعار الذي نراه الآن في السوق, مضيفة انه في حالة بناء دراسة الجدوي للمشروع علي العائد والتكلفة الحقيقية يؤدي ذلك الي إعادة هيكلة السعر للوصول الي السعر الحقيقي واستخدام الموارد الاقتصادية بشكل سليم, فالتدريج في هذه الحالة يصبح مهما جدا ليستطيع المستهلك أستيعابه فإعادة الهيكلة اصبحت مطلوبة من خلال تصحيح الحسابات فالأقتصاد المصري يحتاج إلي ترشيد وسياسات واضحة لاننا نعاني فاقدا رهيبا في الموارد. وأوضحت أن الاقتراحات الثلاثة لابد من دراستها أولا لانه لا يمكن استخدام أسلوب واحد منهم مع كل أنواع الطاقة, فعلي سبيل المثال يمكن توزيع انبوبة الغاز علي البطاقات التموينية ولا يجوز هذا الأمر مع السولار مثلا لان نسبة كبيرة من الدعم تذهب للسولار الذي يدخل في تكاليف النقل والتصنيع, ولكننا في حاجة لتقنينه من خلال تشجيع استخدام الغاز الطبيعي فالسولار تحديدا يحتاج الي دراسات مفصلة قبل اتخاذ قرار بشأنه, لأنه يدخل في اهم قطاع وهو النقل الذي يؤثر بشكل مباشر علي الفقراء ومحدودي الدخل فيجب ان تكون الحلول المطروحة مرتكزة علي أساس مهم جدا وهو التمكين الأقتصادي للفقراء ومساعدتهم في فرص عمل من خلال مشروعات متناهية الصغر كل حسب مهارته وقدراته وإعطائهم مستقبل أفضل. وتري الدكتورة أمنية حلمي- استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ونائب المدير التنفيذي لبحوث المركز المصري للدراسات الاقتصادية, أن هذا القرار يعد خطوة جيدة نحو الحفاظ علي حقوق الفقراء اللذين يعانون ويدفعون دائما فاتورة ارتفاع الأسعار للسلع الاستراتيجية والحيوية دون تحقيق أبسط حقوقهم في تحديد حد أدني للأجور او بمعني أدق إحداث حالة من التوازن مابين ارتفاع الأسعار والحد العادل للاجر الذي يجب أن يحصل عليه المواطن والذي كان ولا زال أحد التحديات الأساسية التي تواجه الحكومة, مشيرة الي أن هذا الأجر يجب تعديله بصفة دورية ليتناسب مع التغيرات في تكلفة المعيشة والتي تختلف من محافظة لأخري في مصر وليتناسب أيضا مع إنتاجية العاملين والتي تختلف من نشاط اقتصادي لآخر وتتفق مع خفض الدعم تدريجي, حيث يعد حلا مقبولا, خاصة انه لن يؤثر علي المواطنين بشكل مباشر, حيث إن الخفض السريع سيعمل علي ارتفاع الاسعار بالنسبة للنقل والمواصلات وعلي باقي السلع والخدمات, وتري أن مصر تعتبر الدولة الوحيدة التي تدعم الوقود بنسب عالية جدا ودون تحديد لمن يمنح هذا الدعم الأمر الذي أدي الي عشوائية وإفراط في استخدام المنتجات البترولية, وأدي الي أزمة عدم وصول هذا الدعم لمستحقيه. ويؤكد الخبير الاقتصادي إيهاب الدسوقي أستاذ الاقتصاد ورئيس قسم البحوث بأكاديمية السادات, أن قرار الوزير برفع الدعم علي المنتجات البترولية بشكل تدريجي يعتبر قرارا صائبا ويحقق العدالة الاجتماعية من خلال وصول الدعم لمستحقية الفعليين لافتا الي أن هذا, الدعم كان موضوعا ليستفيد منه الفقراء, ولكن للأسف لم يحدث هذا والي الآن الأغنياء هم من يستفيدون من هذا الدعم فهناك نحو80% من الأغنياء استفادوا من دعم المواد البترولية من خلال بنائهم للمصانع واستخدامهم لمشتقات البترول المدعمة, وأن20% فقط من الفقراء استفادوا من هذا الدعم الأمر الذي يؤكد فشل هذه المنظومة بأكملها ولذا فأنه يري أن الأفضل هو تقديم هذا الدعم بصورة أخري مثل عمل حصر عن طريق الرقم القومي لمستحقي الدعم من الحكومة وتمكينهم من الحصول عليه علي شكل دعم نقدي وليس عينيا رافضا فكرة الكوبونات التي تقترحها الحكومة للحصول علي السلع المدعمة, لأن ذلك من شأنه إحداث فوضي وسيعمل علي تفشي ظاهرة السوق السوداء.