ليس هناك بديل عن الحوار لإخراج الوطن من النفق الخطير الذي يجعل التعاون والعمل المشترك ضرورة قصوي الآن أكثر من أي وقت مضي. ولكن المستوي الذي بلغته الأزمة يفرض في الوقت نفسه توفير ضمانات النجاح لهذا الحوار. ولذلك, وحتي لانضيع وقتا نحتاج الي كل لحظة فيه, ونبدد جهدا لانملك الكثير منه, يمكن تشكيل لجنة تحضيرية تضع القواعد والأسس التي يقوم عليها الحوار الوطني. ويحسن أن تضم هذه اللجنة الاطراف الاساسية التي ينبغي أن يقتصر عليها الحوار في مرحلته الأولي, وهي حزب الحرية والعدالة وحزب النور وجبهة الإنقاذ الوطني وحزب مصر القوية. فأحد أهم عوامل نجاح أي حوار وطني في مثل هذه الظروف هو توسع المشاركة فيه تدريجيا, بحيث يبدأ بالأطراف الرئيسية ثم تنضم اليها اطراف أخري بعد انطلاقه وإحراز تقدم فيه, لأن كثرة المشاركين منذ البداية تعطله وتضعف فرص نجاحه, وخصوصا في غياب معايير موضوعية لاختيار هذه الأطراف. وتتولي اللجنة التحضيرية المقترحة وضع جدول أعمال الحوار بالتوافق, بحيث يشمل القضايا الجوهرية والأكثر إلحاحا, وتحديد كيفية إدارة هذا الحوار بطريقة توفر له أكبر قدر ممكن من فرص النجاح, ووسائل إطلاع الرأي العام علي مايدور فيه تحقيقا للشفافية اللازمة, ودون أن يؤثر ذلك سلبيا علي مساره. فأحد قواعد نجاح مثل هذا الحوار هو أن يخاطب المتحاورون بعضهم بعضا اكثر مما يتوجه كل منهم إلي جمهوره. وعلي اللجنة التحضيرية أيضا أن تحدد بالتفاهم بين أعضائها الطريقة الملائمة لضمان الالتزام بنتائج الحوار. وهذه مسألة جوهرية يتوقف عليها جدوي الحوار من عدمه, وخصوصا في ظل غياب الثقة. فمن الصعب الإقدام علي حوار وطني دون حد أدني من الثقة, وبلا ضمانات لعدم تكرار ما حدث في الحوار السابق بشأن تعديل قانون انتخاب مجلس النواب. فقد فاقمت تلك التجربة القريبة أزمة عدم الثقة. ومن هنا أهمية دور اللجنة التحضرية في الحد من هذه الأزمة, والسعي للتفاهم علي جدول الاعمال وطريقة الإدارة وضمانات الالتزام, علي أن يوضع هذا كله في وثيقة يوقعها رئيس الجمهورية وقادة ورموز الأطراف الأساسية للحوار الوطني. المزيد من أعمدة د. وحيد عبدالمجيد