عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 21-9-2025 في محافظة قنا    البطاطا الحلوة تتصدر قائمة الخضراوات المصرية الأكثر تصديرا خلال الأسبوع الماضي    الضرائب: نسعى لإيجاد حلولًا متكاملة لدعم مجتمع الأعمال من خلال الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    الاعتراف بدولة فلسطين.. نائب رئيس الوزراء البريطاني يربطه بعملية سلام شاملة    وزيرة الخارجية الفلسطينية: الاعترافات بدولتنا تعني أن لا سيادة لإسرائيل    صحة غزة تعلن ارتفاع شهداء سوء التغذية والمجاعة إلى 440    الكرملين: محاولات القوى الغربية لتكثيف الضغط على روسيا لن تجدي نفعا ولن تساعد في محاولات إنهاء الحرب    موعد مباراة لاتسيو ضد روما في الدوري الايطالي والقنوات الناقلة    شوبير يكشف دور سيد عبدالحفيظ في الأهلي بعد اجتماع "الخطيب"    سقوط أمطار خفيفة بالإسكندرية    سحب 936 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    بعد غياب عام.. عبدالمجيد عبدالله يحيي حفلا في أبو ظبي أكتوبر المقبل    ختام ورش كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    وزير الصحة يلتقي ممثلي مركز نينجبو للباثولوجيا الإكلينيكية التشخيصي بالصين ويجري جولة تفقدية بالمركز    تموين الأقصر.. ضبط 131 مخالفة تموينية متنوعة خلال 72 ساعة    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس| هل يظهر في مصر؟.. خبير يوضح    تحقيقات واقعة سرقة إسورة المتحف المصري: المتهمة كسرت الفص ب زرادية لإخفاء أثريتها    جامعة حلوان تُعلن رفع بيانات طلاب المرحلة الثالثة والشهادات المعادلة على منظومة الكشف الطبي    محافظ أسيوط يتفقد المدارس في اليوم الأول من انطلاق العام الدراسي    انضمام محمد الشاعر لعضوية اللجنة العليا لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم 21 سبتمبر 2025.. كيف تعرف أوقات الصلاة بدقة    أدعية مستحبة وقت كسوف الشمس.. ماذا كان يفعل الرسول والصحابة عند حدوث الظاهرة؟    قيادات جامعة قناة السويس تشارك طلاب كلية علوم الرياضة مراسم تحية العلم    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد مركز أورام المنيا    دواء إتانيرسيب لعلاج السكتة الدماغية: دراسة تكشف الحقيقة الكاملة    مجلس الوزراء: مدينة الدواء "جيبتو فارما" صرح قومى للأمان الدوائى واستثمار فى صحة المصريين    المؤسسة الخيرية لمصرف أبوظبي الإسلامي تفتتح مدرستين جديدتين في قنا والأقصر    كتب ممنوعة (3) .. نقد كتاب.. الإسلام وأصول الحكم!    وزير الاتصالات يبحث سبل تعزيز التعاون مع الشركات الأمريكية    تكريمات مهرجانات السينما 2025 «للنساء فقط»!    محافظ بني سويف: هدفنا عام دراسي منضبط يرسخ الانتماء للوطن    النقل تطلق حملة "سلامتك تهمنا" للتوعية بالسلوكيات السلبية    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    سجل هدفين وصنع آخر.. ميسي يقود إنتر ميامي لفوز شاق على دي سي يونايتد    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة "يناير 2026" -التفاصيل والمواعيد    شيكولاتة وبالونات وعلم مصر.. أجواء احتفالية ببداية العام الدراسي في بورسعيد - صور    مؤشرات البورصة ترتفع بشكل جماعي ببداية جلسة اليوم    هيئة الاستثمار تنظم برنامجا تدريبيا للكوادر الأفريقية للترويج للاستثمار    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    رئيس الوزراء يتوجه إلى نيويورك لتمثيل مصر في مؤتمر حل الدولتين    لهذا السبب.. مي كمال الدين تتصدر تريند "جوجل"    وزارة الداخلية تكشف ملابسات فيديو يزعم طلب فرد شرطة بمطار القاهرة مبلغا ماليا من راكب صيني    بالعمة والقفطان.. انتظام المعاهد الأزهرية في أول يوم دراسي بالقليوبية    ياسر ريان: حسام غالي "أخل بمبادئ الأهلي".. ولن يكون له دور الفترة المقبلة    تليجراف: بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على حماس اليوم    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 سبتمبر 2025    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    ترامب يهدد أفغانستان بعواقب "وخيمة " إذا رفضت تسليم قاعدة باغرام الجوية للولايات المتحدة    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    «هتفضل عندي أغلى من الياقوت».. مي كمال الدين توجه رسالة مؤثرة ل أحمد مكي    ترامب: أعتقد أننا توصلنا إلى إجابة بشأن التوحد وسأصدر إعلانا يوم الإثنين    موعد مباراة أرسنال ومانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    الأطباء تدعو أعضاءها للمشاركة في انتخابات التجديد النصفي    الظهور الأول لأندية دوري المحترفين.. مباريات اليوم في الدور التمهيدي لكأس مصر    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    منتخب مصر تحت 20 سنة يتفوق على نادي سان لويس التشيلي بخماسية استعدادًا لمونديال الشباب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري خمسين عاما
علي بدء بناء السد العالي‏(1)‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 01 - 2010

في‏9‏ يناير‏1960,‏ أي قبل خمسين عاما‏,‏ وبموقع بناء السد العالي جنوب الشلال الأول بأسوان‏,‏ حملني عمال مصر علي أكتافهم طفلا في العاشرة وجدوه بمفرده بينهم خلال خطاب عبد الناصر التاريخي بمناسبة وضعه لحجر الأساس‏,‏ لأردد هتافاتهم بحماس‏!‏ ولا غرابة في إصراري علي حضور هذا الحدث التاريخي في تلك السن الصغيرة‏,‏ فقد شاركت قبل أن أبلغ السابعة في تظاهرات أطفال حي الأربعين بالسويس ضد العدوان الثلاثي مرددا أغنية‏'‏ هي القناة دي في أراضيهم‏,‏ ولا إحنا أخدنا منيهم‏..',‏ ثم في تظاهرات أطفال قرية أبو الريش بأسوان مرددا نشيد‏'‏ الله أكبر فوق كيد المعتدي‏..‏ والله للمظلوم خير مؤيد‏'!‏
وفي المرحلة الابتدائية من تعليمي في الستينيات‏-‏ المفتري عليها‏-‏ طالما شاهدت وبلهفة تلك اللافتة المكتوب عليها‏'‏ يا بناة السد‏!‏ باق من العمل كذا يوم‏'!‏ وفي المرحلة الإعدادية تواصلت زياراتي حتي شهدت الحدث التاريخي الجلل بتحويل مجري نهر النيل في‏15‏ مايو‏1964‏ بعد شق قناة التحويل وقطع النهر بمواد السد الركامي العملاق بسواعد الشعب المصري العملاق وخبرات ومعدات الاتحاد السوفييتي السابق‏.‏ وأما في المرحلة الثانوية‏,‏ فقد كانت زيارة السد العالي جزءا من العملية التعليمية‏,‏ حين رتبت المربية الفاضلة زينب حمودة زياراتنا الأسبوعية في حصة جيولوجيا إلي السد العالي ليشرح لنا الجيولوجيون عصور تكوين الصخور المستخدمة في بنائه‏!‏ إلي جانب زيارتنا في حصة الكيمياء إلي مصنع كيما‏,‏ الذي أنشيء لإنتاج الأسمدة الأزوتية باستخدام كهرباء السد العالي‏,‏ لنعرف من الكيميائيين تفاعلات العناصر في عملية الإنتاج‏!‏ وزيارتنا إلي محطة كهرباء خزان أسوان‏,‏ التي أمن السد العالي مستوي تخزينه فانتظم وتضاعف انتاجها للكهرباء‏..‏ إلخ‏.‏ ثم تعددت لقاءاتي بعمال ومهندسي وموظفي السد العالي في حوارات حول القضايا الوطنية والعربية والدولية كعضو قيادي في لجنة منظمة الشباب بأسوان‏!‏ ثم كان تطوعي مع طلاب أسوان في الدفاع المدني لنحمل بنادق لي أنفيلد لحماية أبراج نقل كهرباء السد العالي إلي أول شبكة قومية ضمت شرايينها الرئيسية إحدي ثلاث أقوي خطوط ضغط عال في العالم‏!‏
وأعود من حديث الذكريات البعيدة لأقول إنني قد زرت المستقبل قبل سنوات حين شرفت في صحبة الرئيس مبارك بزيارة توشكي مرتين‏,‏ وهو واحد من أهم المشروعات القومية التي تعظم العائد من بناء السد العالي‏,‏ متكامل مع مشروع ترعة السلام لتعمير شمال سيناء‏,‏ مع غيرهما من مشروعات التوسع العمراني التي تضاعف رقعة عمران مصر في عهد مبارك‏.‏ ولنتذكر أنه بفضل البناء علي ما بناه المصريون بالدم والعرق من قبل‏,‏ أقصد بفضل نجاح ثورة يوليو في بناء السد العالي‏-‏ ولأول مرة صار ممكنا لمصر أن تستصلح وتستزرع كل شبر من الأرض الصالحة للزراعة بلا بور ولا براري‏,‏ وصار ممكنا تمديد معمور المصري إلي آفاق بعيدة وجديدة‏,‏ ولأول مرة تحررت مصر والزراعة المصرية من خطر الفيضان الطوفاني والفيضان الواطي‏,‏ ولأول مرة يمكن لمركب الزراعة المصرية أن ينطلق إلي عناصر ومحاصيل وتشكيلات جديدة ثمينة ومكثفة‏,‏ ولأول مرة كذلك بدأت عملية كهربة وميكنة مصر جميعا‏,‏ زراعة وصناعة ومجتمعا وحياة‏.‏ وأضيف أن وصول الغاز الطبيعي من شمال الدلتا حتي أسوان ليس فقط ردا لجميل السد العالي الذي وهبها المياه والكهرباء‏,‏ وإنما انجاز تاريخي يستعوض ما ابتلعه الانفجار السكاني من ثمار السد العالي‏,‏ وتصد مبكر لخطر التغيرات المناخية المهددة لشمال الدلتا‏!‏
وفي بحثي عن تاريخ مصر والمصريين‏,‏ وبقراءة موسوعة جمال حمدان شخصية مصر‏,‏ صرت أعرف الآن أن بناء السد العالي كان‏-‏ بلا جدال‏-‏ ردا حاسما علي أهم تحديات الأمن القومي المصري‏,‏ بتمكين مصر من السيطرة لأول مرة في تاريخها الألفي علي تدفق حصتها المشروعة من مياه النيل‏.‏ وقد سجل جمال حمدان‏:‏ إن من يملك السيطرة علي منابع النيل يمكن أن يصيب مصر بالشرق أو بالغرق‏,‏ وإن النيل مقتل كامن أو ممكن لمصر في حالة سوء الفهم أو سوء النية‏!‏ وإن السياسة المائية بالنسبة لمصر مسألة حياة أو موت لا أقل‏!‏ وكان قرار بناء السد العالي‏-‏ في ارتباطه بقرار تأميم قناة السويس وبتحقيقهما لسيادة مصر الوطنية‏:‏ علي الموارد المائية المحددة لمصير الوطن‏,‏ وعلي القناة البحرية المضاعفة لقيمة الموقع‏-‏ إعلانا جسورا بخوض أهم المعارك المجيدة لحماية أمن مصر القومي‏.‏
وفي الذكري الخمسين لبناء السد العالي‏,‏ أتمني أن يزور الرئيس مبارك أسوان‏,‏ ومن موقع السد العالي و موقع مشروع توشكي‏,‏ يلقي خطابين إلي المصريين‏,‏ وهو المقاتل في معارك السد العالي والموسع لرقعة مصر‏.‏ ومن هناك‏,‏ في زيارته إلي الماضي وإلي المستقبل‏,‏ وانطلاقا من خطابيه التاريخيين المرجوين‏,‏ علينا في اليوبيل الذهبي للسد العالي أن نتذكر كيف أن أغلب من كتبوا عن مصر‏,‏ ابتداء من إميل لودفيج إلي شارل عيسوي إلي مورو برجر قد اتفقوا علي أن قليلا من البلاد هي التي تلعب فيها الحكومة مثل الدور الذي تلعبه في مصر‏.‏ ولنتذكر ما كتبه شفيق غربال عن الصلة الوثيقة بين الإدارة العامة وبين الاستثمار الاقتصادي والانتاج‏,‏ إلي حد أننا كما يقول‏:'‏ لا نعرف بلدا يتأثر أهله بالحكم صالحا أو فاسدا كما يتأثر أهل مصر‏,‏ ولا نعرف بلدا يسرع إليه الخراب إذا ساءت إدارته كمصر‏'.‏ ولنتذكر ما أوجزه حسين فوزي في مؤلفه المبدع سندباد مصري‏:‏ إن خلاصة تاريخ مصر كله تكمن في‏:'‏ إن الحكم الصالح يقي مصر شر الفيضان العالي والواطي‏'!‏ ولنتذكر رغم السلبيات التي لا تنكر أن شرعية ثورة يوليو يكفيها ارتكازا لإثبات حكمها الصالح بناؤها للسد العالي‏,‏ ثم البناء علي بنائه‏!‏
ثم لنتذكر ما كتبه صاحب شخصية مصر‏:‏ إنه مع السد العالي دخل ضبط النهر في مصر مرحلة ثورية جديدة‏,‏ إذ مثل انقطاعة جذرية مطلقة عن الماضي المائي في مصر‏,‏ وكتب فصلا مستقلا تماما في كتاب الري المصري‏.‏ إن السد العالي جراحة جغرافية من أدق وأخطر ما أجري الإنسان علي وجه الأرض‏,‏ وانقلاب جذري في اللاندسكيب الطبيعي وجغرافية النهر‏,‏ بل ويرقي في نتائجه ومغزاه إلي مرتبة الحديث الجيولوجي في رأي البعض‏!‏ إنه ثورة علي النيل‏.‏ فالسد العالي‏,‏ بدل التخزين السنوي‏,‏ دشن عصر التخزين التراكمي أو القرني‏,‏ وفتح بذلك آفاقا وإمكانيات مائية لا حد لها ولا نظير من قبل‏,‏ بحيث كان وبحق العصر الذهبي في تاريخ الري والزراعة المصرية‏;‏ فلأول مرة ممكن استغلال كل قطرة من مياه النيل‏.‏
وللحديث بقية عن هذا وغيره من النتائج الثورية لبناء السد العالي‏.‏

[email protected]

المزيد من مقالات د‏.‏ طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.