السناتور جون فوربس كيري 69 سنة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي عاد من جديد إلي بؤرة الضوء عندما رشحه الرئيس الأمريكي باراك أوباما لشغل منصب وزير الخارجية القادم في إدارته الجديدة التي يعتزم أن يخوض بها فترته الرئاسية الثانية بداية من شهر يناير.2013 ولا يعود الاهتمام بكيري إلي شخصيته ومنجزاته السياسية علي مر الأعوام السابقة فحسب بل يتعداها إلي كونه يستعد لأن يكون الممثل الرئيسي والرسمي للسياسة الخارجية الأمريكية خلال الأعوام القادمة. وكخبير محترف في السياسة الخارجية وابن لدبلوماسي سابق بدأ كيري منذ ثاني أيام العام الجديد إستعداداته لتولي منصب وزير الخارجية, حيث انتظم في الذهاب إلي مقر عمله الجديد بوزارة الخارجية ليلتقي بفريق العمل الدبلوماسي استعدادا لجلسة استماع الكونجرس الخاصة بتأكيد تعيينه. المحترف ومن المؤكد أن كيري سوف يحمل معه إلي المنصب الجديد عقودا من الخبرات التي اكتسبها من الخدمات التي قدمها لبلاده وخبرة عميقة في الشئون الدولية. فهو ابن لدبلوماسي مرموق سابق,ولذا فالدبلوماسية تجري في عروقه.وكمحارب قديم حائز علي ميداليات فإنه يدرك تماما ما يقتضيه الدفاع عن بلاده وقيمها.ومن خلال توليه موقعا قياديا في مجلس الشيوخ,تعلم جيدا كيفية بناء التحالفات وصياغة التسويات والحلول الوسط.وبصفته رجل دولة يحظي بالاحترام حول العالم, سوف يسعي بكل قوته للمحافظة علي زعامة أمريكا للعالم. لقد تخطي جون كيري اختبارا في الحرب(فيتنام), وفي الحكم, وفي الدبلوماسية.وأثبت قدرته وجدارته المرة تلو الأخري.وصفته هيلاري كلينتون التي سيستحوذ علي منصبها بأنه' قيادة من أعلي المستويات',وبالرجل الذي يتحلي بشجاعة وضمير إستثنائيين. وبصفته رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ, كان السناتور كيري شريكا موثوقا به لقيادات البيت الأبيض عندما يستعان به للإدلاء برأي في التحديات الرئيسية التي تواجه السياسة الخارجية للبلاد. فقد ساعد السناتور كيري في إنهاء الحرب في العراق ودفع عجلة العملية الإنتقالية في أفغانستان, وشارك في إصدار قوانين رئيسية لمساعدة باكستان, وكسب التصديق علي معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا, وتولي زمام القيادة بالنسبة لشئون تغير المناخ, وساعد بلاده في فهم ألغاز منطقة الشرق الأوسط. وبالتالي بدا من الواضح أن الإدارة الجديدة تعلق علي كيري بخبراته ومواهبه آمالا كبيرة عندما يتولي قيادة وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية خلال السنوات القادمة. فالولاياتالمتحدة تدخل الفترة الثانية من حكم الرئيس أوباما وهي بحاجة إلي مواجهة العديد من التحديات الحاسمة من أفغانستان إلي منع انتشار الأسلحة النووية إلي تغير المناخ, مرورا بالعديد من القضايا الأخري. كما تسعي الولاياتالمتحدة إلي تعزيز مصالحها وتعميقها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ, ومواصلة الدفاع عن حقوق المرأة, واتباع نهج جديد تجاه التنمية المرتكزة إلي الكرامة والاكتفاء الذاتي, ومواصلة وضع الاقتصاد في صلب السياسة الخارجية, وممارسة ذلك النوع من القدرة الذكية التي تسخر الابتكارات والشراكات, مع الحكومات ومع الناس, لحل المشاكل واغتنام الفرص.. ملف الشرق الأوسط وتنتظر كيري العديد من ملفات السياسة الخارجية تأتي في مقدمتها ملفات الشرق الأوسط المتعلقة بتسوية الصراع العربي الإسرائيلي والملف النووي الإيراني والأزمة السورية. فعلي الرغم من الترحيب الإسرائيلي الرسمي بترشيح كيري لمنصب وزير الخارجية والتلميح إلي أصوله اليهودية.فقد تم إرسال إشارات تحذيرية' غير رسمية' مبكرة عبر وسائل الإعلام.فعلي سبيل المثال لا الحصر تم التلميح إلي متابعة المنظمة الصهيونية بأمريكا لنشاط السناتور كيري منذ سنوات ورصدها لعدد من الإشارات' غير المريحة'في سجله المتعلق بالشأن الإسرائيلي مثل مطالبته أوباما بالتروي في استخدام القوة ضد إيران وعدم توقيعه علي رسالة تحث الإتحاد الأوروبي علي إدراج حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية, كما رفض التوقيع علي رسالة تأييد للحصار البحري الإسرائيلي لغزة, وفي عام2009 لم يوقع علي رسالة تأييد لأوباما عندما دعا الدول العربية إلي التطبيع مع إسرائيل!! مصر: أبدي جون كيري تأييده للثورة المصرية منذ اللحظة الأولي لنشوبها, وأكد أن بلاده لا تخشي وصول جماعة( الإخوان المسلمين) في مصر إلي الحكم. وبدا كيري مؤيدا لبدء علاقات رسمية مع جماعة الإخوان المسلمين,وقام بزيارة مصر مرتين التقي خلالها بقيادات حزب الحرية والعدالة, وأكد احترامه للإرادة الشعبية للمصريين مشيرا إلي أن مصر مازالت علي الطريق الصحيح نحو الديمقراطية.وأشار إلي أن التحدي الكبير الذي يواجه مصر هو الاقتصاد في ظل اتجاه البلاد نحو التحول الديمقراطي, وطالب السلطات المصرية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والاتفاق معه, من أجل إصلاح الوضع الاقتصادي. سوريا: حيث ستواجه كيري معوقات تتمثل في صعوبة الاختيار بين البدائل المتاحة للتعامل مع الأزمة انطلاقا من إختلافها الكبير عن الأزمة الليبية.وتقف الكثافة السكانية والدور الإيراني ودور روسيا الاتحادية والصين كعوائق واضحة أمام التدخل العسكري المباشر لإنهاء الأزمة. وسيكون خروج أمريكا من العراق أمرا قابلا للتحقق ولكن بالنسبة لأفغانستان سيكون الخروج بحلول عام2014 صعب التحقق في ظل الشكوك المثارة حول كفاءة الدولة الأفغانية وقدرات مؤسساتها الأمنية والعسكرية علي العمل بشكل مستقل. العالم الصين: سيكون علي الدبلوماسية الأمريكية القيام بجهد كبير للمحافظة علي النفوذ الأمريكي في آسيا دون الدخول في صدام مباشر مع الصين المتحفزة. كوريا الشمالية: يتوقع أن تميل سياسة كيري نحو احتواء الأزمة والدخول في مفاوضات مع الكوريين بهدف وقف التجارب الصاروخية والنووية مقابل بعض المزايا البديلة. روسيا: يتوقع أن يكون للدبلوماسية الأمريكية دور كبير في الحد من فرص توتر العلاقات بين أوباما البيت الأبيض وفلاديمير بوتين الكرملين. أما الأزمة المالية وآثارها فستكون من أبرز ما سيواجهه كيري حيث سيجد نفسه في تحفز مستمر للحفاظ علي الموازنات المخصصة لتسيير العمل في وزارة الخارجية ووكالة التعاون الدولي دون أي تخفيضات طارئة.