عودت نفسي غير الفن السليم ما اشيلوش.. وكلمة الخير كتبتها بالقم ومضي, والهم ع اللي مضي وع اللي جاي ما اشيلوش. هكذا عبر الفنان الشعبي الراحل يوسف شتا عن المنهج الذي اتبعه طوال حياة فنية حافلة دامت لأكثر من نصف قرن من الزمان, قدم خلالها العديد من المواويل والقصص الشعبية التي أثرت في جمهوره. رحل يوسف شتا عن عالمنا منذ أيام قليلة في صمت, بعد أن داهمه المرض لفترة قصيرة, تاركا لنا كلماته المليئة بالحكمة وكم دفع الموت إلي الأرض من أجساد, فأين هم الآن..؟ إلا أن بعضهم يظل حيا بيننا بما تركوه من أعمال. عرف يوسف شتا الملقب ب ريس الموال قيمة الكلمة, فكانت وسيلته لمشاركة الناس أحزانهم وأفراحهم, فسكن قلوب البسطاء الذين جعلوا مواويله مرجعيتهم, ولم لا وهو الذي ظل لأكثر من نصف قرن يحكي عن عاداتهم وتقاليدهم ويرسخ القيم النبيلة وينبذ الرديئة. يوسف شتا الذي احتار جمهوره إلي أي محافظة ينتمي, فهو إذا غني للفلاحين أعتقدوا أنه واحد منهم, وإذا غني للصعايدة اختار لهجتهم, أما إذا غني لأبناء السواحل, فيعتقد جمهوره أنه أحد أبناء المدينة الباسلة, أما حقيقة الأمر فانه انحدر من قرية صغيرة تسمي أكياد دجوي بمحافظة القليوبية, شهدت أولي خطواته نحو الفن الشعبي وهو في الثالثة عشرة من عمره. تعلم ريس الموال الفن الشعبي من كثرة التردد علي الموالد, وصار يغني بينه وبين أصدقائه, حتي دعاه والده للغناء في فرح ابن أحد أصدقائه, لكنه رفض من شدة خوفه. فكيف يغني أمام جمع غفير من كبار رجال القرية؟ لذلك أصر علي عدم الغناء ولم يخش تهديد والده له بالضرب, وفي النهاية أضطروا إلي استدعاء مطرب آخر, تعمد أثناء غنائه أن يمطر يوسف شتا بوابل من ألذع الألفاظ بغرض استفزازه, حتي اندفع الصبي الصغير( يوسف شتا) للرد علي وابل الشتائم بالموال ونجح الصبي في اثبات ذاته حتي صار مطرب القرية. اعتقد يوسف شتا أن الدنيا تبسمت له, لكن القدر تدخل وتوفي والده ليضطر إلي الانتقال مع والدته واخوته للإقامة عند خاله في القاهرة, لكن ظل الحلم يراوده, فكان يتردد علي( سوق المحمدي) الذي كان يقام كل يوم خميس بحي العباسية, ليستمع إلي الفنانين الشعبيين, حتي تعرف علي الحاج مصطفي مرسي الذي وضعه علي أول سلالم عالم الموال, بعد أن سمح له أن يشاركه الغناء في أحد الأفراح, حيث تمكن من اثبات جدارته وأصبح أحد أشهر مطربي المنطقة. مع بداية الخمسينيات, وفي أحد ليالي مولد الحسين تعرف علي الفنان الكبير زكريا الحجاوي, الذي اصطحبه إلي مسارح وزارة الثقافة وكان أجره وقتئذ أربعة جنيهات. وبعد أن ذاع صيت يوسف شتا بين الأقاليم, كان عليه أن يبدأ خطوه جديدة في حياته, فذهب لتقديم طلب اعتماده في الإذاعة, فتقابل مع المخرج عبده دياب الذي عرض عليه أن يغني مقدمة المسلسل الإذاعي المعدية بطولة الفنان الراحل شكري سرحان وكريمة مختار, وقام يوسف شتا كعادته بتأليف كلمات المقدمة, التي قال فيها: كفاية يازمان بزيادة معادية, خلتني حيران مع ده ومع ديه.. كمثل غرقان مش طايل معدية, حتي صارت من أشهر الأغنيات الإذاعية. ثم توالت أعماله من خلال مسلسلات عديدة منها,( مختار ورئيسة) و(ابن البلد). في أوائل الستينيات استدعاه المخرج شوقي جمعه, وطلب منه أن يغني موال عن صناعة السجاد, وبالفعل نجح يوسف شتا في نسج موالا رائع كان كفيلا بأن يجعله ضيفا دائما علي برنامج الفن الشعبي. عبر يوسف شتا بمواويله الحدود المصرية, بعد أن دعاه السفير الفرنسي لاحياء حفل في باريس مع مجموعة من الفنانين, ووقف شتا علي مسرح بوف دينو أمام جمهور لايعرف لهجته, لكن ريس الموال لم يكن بحاجة إلي إجادة الفرنسية للوصول إلي قلوب شعب عاصمة النور. عبر فقط عما شعر به في تلك اللحظة بطريقة الارتجال وعلت صيحات الاعجاب ودوي التصفيق الحار, وعاد يوسف شتا بعد رحلة ناجحة استمرت لأكثر من أسبوعين. ومن مواويله: راجل معندوش حماس ياخد الأمور بشويش ان شيلوه الحمول بيحطها بشويش وحتي دمه بيجري في العروق بشويش مفهش غير جوز عيون بتبص وتبرق من الكرامة مالهش نصيب وتبرق مراته في الدار بتشخط فيه وتبرق هي تزعق وهو يقولها بشويش