هيرودس جعل حياة الشعب مؤلمة ومظلمة, فهو اول من فرض الضريبة علي الافراد, فامر بالاكتتاب كل في مكانه الاصلي حيث ولد, مما فرض علي يوسف والعذراء ان يسافرا من الناصرة الي بيت لحم في رحلة تستغرق سفر ثلاثة ايام وكانت العذراء في ايام حبلها الاخيرة. ولادة المسيح حدثت في اصعب الظروف, فالقوانين ضاغطة, والاقتصاد ضاغط, والهيكل ضاغط. واقتربت ايام ولادة العذراء. وعلي الجانب الاخر راينا جماعة من الرعاة, افقر طبقات الشعب يحرسون اغنام رعايتهم يحرسونها من الذئاب والوحوش واللصوص. ابرق النور وجاءت اصوات الاناشيد. وخاف الرعاة خوفا عظيما. ربما كنا نمر في ظروف شديدة الصعوبة بسبب الاقتصاد او الاسعار او الوعود التي لا تتحقق كثيرا. لكن في وسط هذه المخاوف والقلاقل يأتي لحن الفرح. لا تخافوا ها انا ابشركم بفرح عظيم.' لان الله لم يعطنا روح الفشل, بل روح القوة والمحبة والنصح.( النصح بمعني الفكر السليم). 1 القلق والخوف والاضطراب ليس من الله بل من عدو المؤمن ابليس. الله ارسل الملائكة بالفرح العظيم ليبيد الخوف العظيم. 2 ظهور الملائكة للرعاة رسالة من الله الذي يعرف ظروفنا ويتدخل فيها في الوقت المناسب. الله يري كل ظروفنا واحتياجاتنا ولا يتخلي عنا. انها مسئولية المؤمن ان ينقل الخبر السار والتشجيع والامل والرجاء الي الاخرين لتغيير الحال من نغمة الخوف الي نبرة الفرح: ولادة المسيح الذي جاء لخلاص البشرية. وكان الطفل المولود من الالاف المولودين لكن ليس الا يسوع وحده مصدر الخلاص. ليس من اعمالنا, وليس بقدراتنا, ولا من تجاربنا, ولكن بقدرته, ونغمته, فهو الذي قالانا هو الطريق والحق والحياة. ومع مولد المسيح جاءت رسالة السلام من السماء المجد لله في الاعالي وعلي الارض السلام وبالناس المسرة. المسرة ليست فيما نملك من مال او ما لدينا من عيال. والسلام ليس في الصحة, فمراحلها متغيرة. لكن السلام لا يتحقق بالمصادفة. السلام الالهي لا يستند علي الظروف المحيطة. والسلام ليس معناه انه لا توجد مشكلات. والسلام الالهي لا يتزعزع بالمشكلات. حتي السجون والالام لم تنزع سلام المؤمن. لا تقدر الدنيا ان تنيل هذا السلام الاسمي. فقط ليقسمه الي شطرين: قبل الميلاد, لكنه غير حياة كل من عرف تعليمه وقبل رسالته. والسؤال هل ميلاده انهي المعاناة واضيق الحياتي؟ الم يقل هو في العالم سيكون لكم ضيق. لقد عاش المسيح علي ارضنا يشفي/ يعلم/ يصنع المعجزات, ولكن ظل العالم يعاني من قبضة الاستعمار الروماني. وعاشت العذراء حياة الم ايضا, يكفي انها تري المسيح المتالم والمجروح والمضروب والمحكوم عليه بالموت, حكم روماني جائر وبطش يهودي ظالم. لقد تنكر الجميع له, ونسوا معجزاته وتعاليمه, وحتي تلاميذه تفرقوا, فواحد اسلمه مبيعا ببعض الدراهم, والاخر ينكره, وثالث يشك في قيامته. والسؤال الان هو لنا نحن الذين نعيش في القرن الحادي والعشرين, هل تغيرت المغفرة لمعذبيه. لقد كتب احد الشعراء ما معناه. عندما سكت ترنيم الملائكة, وغاب نجم المشرق, وعندما مضي حكماء المشرق الي اوطانهم, ليشفي كل المنكسرين, ويطعم الجائعين, ويزور المسجونين, ويعيد ترميم العلاقات بين بيوت المتخاصمين, وينشر السلام بين المتحاربين ويعطي نغمة الفرح والاستقرار بين المهددين. وهكذا يدعونا ان نبحث عن المريض, والمجروح, والمتألم, ومن لا صديق له. لنكون نحن الاصدقاء لنوزع الامل, وننشر بشري السلام, ونقرب البعيدين, ونجمع شمل المتخاصمين في الاسرة في المجتمع لنحقق قصد ميلاد المسيح ودعوته: اريد ان يكون الجميع واحدا. المزيد من مقالات د. القس صفوت البياضى